لذة الزواج في شهر ومتعته في العام الأول وراحته في الخمس السنوات الأولى، وما بعد ذلك برود وتواطء ضد المجتمع وقيوده، وتوافق على العيش تحت سقف واحد بعيدا عن العواطف ودفء الحميمية، هكذا يرى البعض الحياة الزوجية مشروعا أيلا لزوال حرارته، فهل للزواج تاريخ انتهاء الصلاحية ؟
ترد نعيمة من خلال تجربتها في الزواج ما قد يتخلل العلاقة الزوجية من فتور إلى انشغالات الأزواج حيث تحتاج مؤسسة الزواج دائما إلى ابتكار وسائل حديثة لتجديد صلاحية هذا الرباط فهي مهمة قد لا ينجح فيها الجميع لأنها ترتبط بمدى استعداد كل طرف و تفهمه لأبعاد العلاقة نفسها. ورغم ما يثره هذا السؤال من استغراب فسرعان ما يحاول كل فرد أن يجد له ردا ومخرجا حسب نظرته وتجربته، يفسر عبد الفتاح إطار بوزارة التعليم ومتزوج منذ 21 سنة ما قد يطرأ على العلاقة من جمود إلى الضرورات المادية والتطلبات التي يفرضها عصر العولمة وانشغال الأب والأم في الإنتاج وفي هملان جانبهما العاطفي، وهو ما يعطي الإنطباع بأن الزواج دخل مرحلة الموت السريري الذي ينهي مرحلة صلاحيته، ولا يحتاج هذا الموت السريري إلا لقليل من حرارة الإهتمام لتعاد الحياة من جديد للعلاقة أو ليؤجل برودها إلى حين.
وقد ينفر العديد من العزاب من مؤسسة الزواج لما قد يترتب عنها من روتين بعد سنوات معدودة، إذ تتبخر كل معاني الحياة لتبقى المسؤوليات التي تتراكم كلما تقدم السن بالعلاقة الزوجية. بشرى نموذج للشباب الذي يرفض القالب الجاهز لمؤسسة الزواج كما عايشتها في محيطها، إذ معظم العلاقات إنما تستمر بحكم قوة الأمر الواقع كما تقول بشرى، وتضع الشرط المادي كوسيلة لنفخ الحياة في ميثاق الزواج فالسفر والتجديد في الملابس والأمكنة وخرجات الترفيه والتسلية والإنفتاح على عوالم مختلفة وتبادل الهدايا، من شأنه أن يكسر أسوار الروتين اليومي للزواج، التي قد تقيده في صورة سرعان ما تبدو ملتصقة بالحياة أكثر من غيرها. إلا أن الآراء تختلف فإذا كان البعض يمتص رحيق العلاقة الزوجية في سنواتها الأولى أو حتى في الأشهر الأولى، فإن علاقات أخرى تتوطد لحمتها وتنصهر حياة أفرادها ويشتد حبلها أمام كل ما من شأنه أن يعرقل ذلك الرابط من تحديات كلما طال عمرها خصوصا عندما تتقوى العلاقة بالأبناء، تتفق فتيحة مصممة إلى حد بعيد مع هذه النظرة حيث ترى أن العلاقة الزوجية كلما عرفت الأقدمية كلما وصلت مرحلة التفاهم الكامل، تضيف : “على مستوى العلاقة الثنائية مع الزوج يلعب الأبناء دورا في طرد الملل عنها “.
إن الموت السريري للعلاقة الزوجية ما هو إذا إلا انصياع لمزاجية ومصلحة الفرد، وخضوع للفكرة المسبقة التي كونها قبل ولوجه لمؤسسة الزواج، فالزواج ليس له عمر افتراضي ولكن أيضا ليس له مسار أو نهاية محددة، وإنما يتحدد ذلك حسب ظروف ونية دخول كل فرد إلى هذه المؤسسة، فمن دخل عن طريق الخطأ خرج معطوبا لأنه يجهل دروب الحياة الزوجية فالتصور الذي يملكه الشخص عن الزواج هو ما يقرر نظرته عن مدى انتهاء صلاحيته كما يؤكد ذلك أخصائيو علم الإجتماع .