من زواج المغربيات بالخليج ما قتل

ما كل ما يلمع هو ذهب، ينطق هذا المثل برمزية وافية على ظاهرة اجتماعية عانت منها شابات مغربيات منذ أزيد من عقود ثلاثة تقريبا، حينما كان يراودهن حلم البحث عن مستقبل أسري فيرتمين تحت إغراءات واقع غير ثابت وخادع في أحضان من يرسم لهم الجنة بريحها وريحانها وينتهي بهم إلى جحيم لا يطاق. كان هذا واقع مسار زاوج آثرته فتاة مغربية ارتبطت بزوج سعودي، رأت فيه خلاصا اقتصاديا واجتماعيا أو مصعدا نحو أريكة الثراء، فإذا بالمصعد ينتهي بها إلى الدرك الأسفل من الجحيم

نسرين شابة مغربية لم تتجاوز العشرين ربيعا، جمالها المبهر والفائر سبب إعجاب الكثيرين، لكنه كان مثار نقمة أيضا… فقد قدر لها أن تتزوج سعوديا، وبذا تضيف ملفا إلى ملفات المغربيات في السعودية.
لم تكن نسرين أول مغربية تتزوج في السعودية، فمنذ زمن بعيدتزوجت المغربيات هناك وأثرن غيرة الأخريات بتغيير أوضاعهن الاجتماعية والثراء البديل للحياة اليومية الراكدة. وفي فترة زمنية سابقة حين كنا ندرس، كنا نصادف فتيات يغادرن حجرات الدراسة إلى حجرة خاصة جدا، مليئة بالذهب والمال والمدينة ثم البلد ويغيرن الإقامة إلى غير رجعة. كان الزواج بالسعوديين مثار فخر العديد من الأسر، وذلك لأن أوضاعهم كانت مثيرة ومغرية للعديد من الشابات المغربيات، وكانت الفتيات الجميلات هن من يحظين بهذا الاختيار وبذا عرفت المغربيات بأنهن يسرقن الرجال وصار هذا الكليشيه جاهزا ومكرسا منذ سنوات. لكن الوضع الأصعبهو أن ليست كل الفتيات المغربيات يعشن أوضاعا لها رفاهية، فالكثيرات منهن عشن حالات صعبة وصارت لديهن ملفات تناقش على صعيد رسمي وتعتبر مثل الملفات السوداء التي لم تعد تغري بالتجربة، ولكن مع ذلك هل توقفت المغامرة بالزواج من رجل خليجي رغم كل ما نعرفه من مآس؟ كانت نسرين شابة جميلة، ورغم أن أوضاعها بسيطة جدا، إلا أنها كانت تطل بإشراقة خاصة، ذلك لأن شبابها كان يضعها في مصاف المحظيات اللواتي ينلن الرضا والقبول من كل الناس.
وبالرغم من أنها كانت تدرس في الباكالوريا، إلا أن الدراسة لم تكن تجعلها سعيدة جدا، فقد كانت ترى أن حبالها طويلة وبأنها ينبغي أن تعثر على “السعد” الذي يردده المغاربة كثيرا “امرة بسعد راجل”، لكن ليس أي زوج، كما تقول جدتها وهي تقطب جبينها، فمثلها ينبغي أن تحظى بأثقل الجيوب وأبهى المنازل وأغلى المهور.
بدأت نسرين تجرب اللقاءات مع رجال خليجيين، وتبحث عن أحسن الفرص، وكلما شعرت بأن الغرض منصب أساسا على اللهو وتزجية الوقت تغادر العلاقة إلى علاقة أخرى، إلى أن التقت برجل سعودي في إحدى مطاعم عين الذئاب. كان مرتديا بدلة كاكية أنيقة وكان يدخن سيجارا عريضا ببذخ، التقتالعينانوأحست بالهناء والدلال وهي تحادثه في مجلس عذب. كان الرجل خمسينيا، أخبرها بأنه متزوج من امرأة سعودية ولديه أطفال، لكنه أكد على أنه بصدد البحث عن فتاة مغربية وذلك لأن المغربيات كما يسمع من الحكي لذيذات جدا، فرحت نسرينبالتلميح الجميل، وصارت تلتقي الرجل كل يوم وارتاحت لجلساته وهداياه الثمينة التي جعلتها تشعر بأنها فتاة مختلفة، لها قيمة نادرة. وعلى التو، جاء الطلب الجميل الذي كانت تنتظره نسرين. فقد أخبرها بنيته في الزواج، وقبلت دون تردد، ووعدها بأن تغادر معه للعيش في السعودية، وبأنها سترتدي الحجاب، فقبلت على الفور. انقطعت نسرين عن الدراسة بعد أيام، وبدأت تتأهب للعريس الذي منحها العديد من الأموال لتهييء حفل الخطوبة. وأحست لأول مرة بأن المال يمنح قوة لا مثيل لهاوبأنها صارت محط اهتمام الأسرة لأنها أصبحت تملك وضعا آخر يجعلها في موضع القرار. ومرت الخطوبة وأهدى الرجل للخطيبة عقدا من الألماس وعقدا آخر من الذهب. كما ثمنها بالأموال، ثم جاء عقد الزواج وصارت نسرين فتاة أخرى في نظر الحي المتواضع الذي تقيم فيه، فزوجها يأتي في سيارة باذخة، ويطل بملابس فاخرة…وجاء اليوم الذي غادرت فيه نسرين بيت عائلتها إلى عشها الزوجي في السعودية. كان يوما فيه دموع غزيرة وفرح في نفس اللحظة. بكى الجميع ولكنهم سعدوا لأن نسرين ستعيش عيشة مختلفة تماما عن وضعها الأسري الفقير. هناك في السعودية، اكتشفت العروس حقائق أخرى، فلم تكن للعريس زوجة واحدة بل ثلاث زوجات، وفوق هذا له أطفال كثر، والأكثر من ذلك أن الجميع يعيشون تحت سقف بيت واحد، وهناك أدركت بأنها أصبحت تنتمي لركن الحريم وأنها آخر العنقود في الزوجات وأن الأخريات كلهن سعوديات فمن الطبيعي أن تنتمي هي للحلقة الأضعف.

حين حادثت زوجها بالأمر وبوعده لها في أن يكون لها منزلا خاصا، قال لها بأنه لا يستطيع أن يستثنيها لأن نساءه سيعترضن، وهذا دليل على أنها أصبحت امرأة تنتظر دورها وحتى عطف زوجها عليها. بدأت نسرين تعيش حياة رتيبة في الوضع الجديد، وزاد من فداحة الوضع أن الزوج يغيب للعمل وتبدأ النساء في حبك مكائدهن الصعبة ضد هذه الفتاة الصغيرة الفاتنة، فقد أشعلت غيرتهن وبدت لهن مثل المنافسة الثقيلة على الهضم، وشيئا فشيئا بدأت نسرين تضجر من هذا الوضع القاسي وتقضي وقتا أطول في المطبخ، وصارت تشبه وضع الخادمة، إلى أن أغمي عليها، وبعد إجراءات طبية تأكد بأنها تنتظر جنينا، لكن الأسوأ هو أن قلبها كما أخبرت الطبيبة ضعيف ويلزمها الراحة في هذا الحمل، لم تتقبل نسرين هذا الحدث، وشعرت بأنها ستضيف رقما ضمن أرقام كثيرة موجودة في المنزل، فواجهت زوجها وطلبت منه بأن ترحل إلى منزل أهلها وبأن يطلقها، لكنه رفض بشدة وقال لها بأنه متشبث بها وبجنينها غير أنها ألحت كثيرا بعد ذلك، الشيء الذي جعله يضع حراسة مشددة على البيت خوفا من هروبها وبأن يجعلها تحت رحمة الحريم.
لم يأبه أحد بوضعها الصحي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم، ولا بوجعها وهي تشتغل، بل إنها لم يسبق أن قامت بكل هذه
الأشغال في أسرتها التي كانت تدللها رغم الحاجة، وبكت مرات ومرات وتراجعت إلى الوراء وهي تكابد أقسى الألم وأدركت حينها بأن الأحلام الكبيرة ليست دائما ما ننتظره، بل الواقع يمكن أن يسلب كل شيء.
مرت أيام عديدة عاشت نسرين فيها في سجن حقيقي، فلا يمكن أن تغادر المنزل، ولا أن تشكو من سوء المعاملة، والأقسى من ذلك حين بدأت ترفض المضاجعة رأت من الرجل ألوانا أخرى من الاغتصاب الحقيقي، وتبدى في وجه آخر تماما، غير ذلك الوجه المتسامح، وبدأت تشعر بالغثيان الحقيقي قبل وبعد المضاجعة، بل إنه صار يمر عليها هي الأولى قبل أن يذهب إلى حريمه، بحكم أنها الشابة الفتية الصغيرة والجميلة. كانت نسرين تعاني في النهار من الزوجات وفي الليل من الزوج، ومع الأيام انتفخت بطنها وصارت تتعب كثيرا، وبدأت تطلب الرحمة من الحريم لكن لم ترحمها أية واحدة منهن، بل سخرن منها واعتبرنها دخيلة على النظام العائلي وشتمنها بأقسى الشتائم، وبأنها تنال عقابها جراء هذه الفعلة.
عانت نسرين كثيرا وتعبت وفكرت في الهرب ولكن إلى أين، فلا يمكنها الإقامة في هذا البلد بدون محرم، ولا يمكنها مغادرة المكان دون زوج، ولأن القدر أصبح إجباريا، رضخت تنتظر ,هذا المولود القادم، وأعطت كل ما لديها من جهد، إلى أن تعبت كثيرا وسقطت من جديد، فكان الإنذار الحتمي من الطبيبة بأنها مرضت كثيرا وتعاني من ضغوطات في القلب ويلزمها تتمة باقي الأيام في المستشفى لحين موعد الولادة، لكن الزوج رفض واعتبر الأمر ترفا، وبقيت نسرين تئن أياما لحين الولادة وكانت في أسوأ حالاتها. كانت تصرخ بين يدي المولدة إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة وهي تلد طفلا جميلا.
ودعت نسرين العالم دون أن تعيش ما كانت تحلم به، وتم إخبار أسرتها في المغرب فبكوا بحرقة وطالبوا بدفن ابنتهم بالقرب منهم، لكن ذلك لم يتحقق، فقد سارع الزوج إلى دفنها هناك، وامتنع عن أن يمنحهم الابن الذي أنجبته وطويت صفحتها مثل ورقة صفراء يتيمة في كتاب قديم…
كانت نسرين مثل الكثير من المغربيات اللواتي تزوجن في السعودية وعانين أوضاعا مزرية، فالكثيرات تم سجنهن في السجن بعد أن قام الزوج بتلفيق تهم باطلة، والكثيرات ثم سجنهن في البيوت مثل الخادمات على حريمه، والكثيرات يجهل مصيرهن، والكثيرات يعانين في صمت ويصبرن بعد أن أنجبن أبناءهن…
لم تعد نسرين. ولم تكن أسرتها تدرك أنها تلك هي اللحظة الأخيرة التي ودعوها فيها. صورها الجميلة ما زالت تزين الجدران وأوراقها الصغيرة لم تملأ إلا بالأحلام التي لم تتحقق وأسرتها تحترق في صمت، لأنها لا تملك أي شيء غير الذكريات، وكأنها قذفت إلى الجحيم.

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.