تمثل الملحقية الثقافية بسفارة المملكة العربية السعودية بالرباط التي تديرها القائمة بأعمالها الدكتورة يسرى بنت حسين الجزائري جسرا ديناميا للتواصل بين البلدين وبين الكثير من المثقفين، بحيث تسهر على الكثير من الأنشطة الثقافية التي تجسد جسرا للعبور الثقافي وللتواصل الإنساني، ولعل من بين أهم ما تم الاحتفاء به مؤخرا يكمن في الندوات والآفاق المشتركة بين البلدين ومن بينها ندوة اللغة العربية والتواصل الحضاري .
ندوة اللغة العربية والتواصل الحضاري
تعد ندوة اللغة العربية والتواصل الحضاري من بين أهم الندوات التي نظمتها الملحقية الثقافية السعودية بالرباط سواء من خلال الحضور أو عبر تقنية زووم لاعتبارات الوباء، بحيث عملت هذه الندوة على مد الجسور بين المثقفين من المغرب والسعودية والسودان.
وقد تناولت الدكتورة يسرى بنت حسين الجزائري من خلال ندوة اللغة العربية والتواصل الحضاري من زاوية الترجمة، بحيث اعتبرت أن الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأجنبية هي شكل من أشكال التواصل والحوار بين الحضارات، ذلك أنها وسيلة للتقدم العلمي والتبادل المعرفي بين الشعوب والحضارات المختلفة ولا توجد أمة تتقدم دون وجود حركة ترجمة دؤوب، ولهذا أكدت الدكتورة على أن السعودية وعت هذا التحدي وشرعت العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية في عمل مكثف يتمثل في تقديم رؤية شاملة لتكون مخرجات الترجمة موافقة مع رؤية المملكة ألفين وثلاثين.
وقد شارك أيضا مدير المكتبة الوطنية الدكتور محمد الفران ضمن موضوع اللغة العربية والحضارة الإنسانية وأيضا الدكتور عبد الرحمن السلمي وهو مدير مركز التنمية في اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز والذي شارك في موضوع لغة القرآن الكريم والتواصل الحضاري، والذي اعتبر أن اللغة العربية هي بطاقة لأمتنا الإسلامية فهي تشكل العامل الأساس في تكوين شخصية الأمة. فهي مرآة الأمة ومستودع تراثها.
كما أكد الدكتور عبد الفتاح الحجمري وهو مدير مكتب تنسيق التعريب بمنظمة الألكسو على أهمية المعجم التاريخي للغة العربية والحاجة إليه لتطوير مهارات اللغة العربية وضرورة هذا المعجم كمصدر أساسي لكل المثقفين.
ولعل ندوة اللغة العربية قد انفتحت على الكثير من الباحثين والمهتمين والمبدعين والمبدعات، بحيث قدم الدكتور ماهر الرحيلي من السعودية موضوع اللغة العربية كجسر لتواصل حضاري، كما قدم الدكتور محمد مشبال من المغرب وهو الحائز على جائزة الملك فيصل للغة العربية عام 2001 موضوع دور التواصل الحضاري في تجديد البلاغة العربية الحديثة و قدمت الدكتورة نوال بنت سليمان صالح الثنيان موضوع دور اللغة العربية في تعزيز التواصل الحضاري من خلال معهد تعليم اللغة العربية للناطقات بغيرها في جامعة الأميرة نورة بنت محمد نموذجا.
واختارت الدكتورة بشرى البداوي من الرباط موضوع اللغة العربية في زمن العولمة، من خلال الإشكالات والاقتراحات الجديدة كموضوع من أهم مواضيع العصر الحديث.
وشهدت الأمسية الشعرية التي شارك فيها كل من الشاعرة السودانية الكبيرة روضة الحاج والشاعر السعودي ماهر الرحيلي والشاعرالسعودي فواز بن عبد العزيز والكاتبة المغربية لطيفة لبصير منحى خاصا، بحيث أتحفوا بتقديم إبداعاتهم المتنوعة التي تثبت بأن اللغة العربية قابلة لأن تركب جناح الاستعارة والتخييل، فقدمت الشاعرة السودانية روضة الحاج قصيدتها “أعصي امتثالي للكلام”، وقدم الشاعر ماهر الجبيلي قصيدته “طيبة الطيبة”، كما قدم الشاعر فواز بن عبد العزيز بن محمد اللعبون قصيدته “المليكة”، وقدمت الكاتبة المغربية لطيفة لبصير مقطعا من قصتها “سبع موجات” المقتطفة من مجموعتها القصصية “كوفيد الصغير”.
المكتبة العربية والفنون الأخرى
تتميز الملحقية الثقافية بتواجد مكتبة هامة يحج إليها الكثير من الطلبة والمهتمين ويقضون فيها وقتا هادئا في التحصيل والاطلاع، كما أنها توفر مكانا رحبا يساعد على القراءة والاطلاع على الكثير من الأعمال الفلسفية والتاريخية والأدبية، ومن بين الكتب الذين احتفت بهم المكتبة هي أعمال الكاتب عباس الجراري بحيث أفردت له جناحا خاصا ضمن أروقتها، كما أنها تتوفر على القرآن الكريم بجل اللغات، إضافة إلى القرآن الكريم بطريقة برايل، بالإضافة إلى الكتب القانونية والإقتصادية. وقد قدمت الملحقية الثقافية السعودية ضمن أنشطة اليوم العالمي للغة العربية معرضا للكتب احتفى به العديد من الحاضرين واطلعوا على تنويعه، كما قدموا معرضا للخط العربي والفنون التشكيلية والعروض الموسيقية والتراث السعودي في جل مناحيه سواء اللباس الشعبي أو الأكلات الشعبية السعودية.
التواصل بين الطلبة جسر للتعاون
إن حضور مختلف الطلبة السعوديين والمغاربة ضمن أنشطة الملحقية الثقافية السعودية بالرباط ينمي صلة التواصل التي تتيح إمكانات عدة للتلاقح الثقافي لدى الشباب، بحيث تمثل مثل هذه الإشارات علامة قوية لاستمرار التواصل ضمن الجيل الجديد كي تحفل الآفاق القادمة بالامتداد الثقافي.
تمثل الملحقية الثقافية السعودية بالرباط حضورا بارزا يتميز أيضا بالبعد الإنساني والثقافي للقائمة بأعماله ألا وهي الدكتورة يسرى بنت حسين الجزائري التي منحت دينامية خاصة للتواصل والنقاش العميق مع العديد من المثقفين وفتح آفاق قادمة في العديد من المحاور الكبرى للثقافة بشتى أوجهها.
فاطمة أبو الهدى