وأنتم تتصفحون هذا العدد ستلاحظون قرائنا الأعزاء الشكل الجديد للمجلة، والذي لم يأت اعتباطا بل إننا اخترنا هذا التوقيت بالذات حتى يكون احتفالنا بذكرى الثامن من مارس، مختلفا هذه السنة محملا بأكثر من رمزية… فالذكرى تصادف أولا مرور عشر سنوات على صدور مدونة الأسرة، التي كانت بمثابة ثورة اجتماعية غيرت العديد من المفاهيم في نظرتنا للمرأة. وقبل ذلك لقد تزامن العدد الأول للمجلة وأول مسيرة سلمية نظمت من أجل المطالبة بتغيير المدونة، دشنا معها انخراطنا كإعلام نسائي في بناء مغرب جديد أساسه المساواة بين
الجنسين.
بالطبع لم يتوقف النضال عند هذا المكتسب، لأن معركتنا من أجل تحقيق مبدأ المواطنة الكاملة للمرأة كانت ومازالت قضيتنا الأولى والتحدي الكبير الذي رفعناه منذ أول عدد، وبنفس التحدي حرصنا على أن تعكس المجلة دائما صورة جديدة للصحافة النسائية سواء في المغرب أو خارجه.
ظهور المجلة في هذا الشكل الجديد إذا، لم ولن يمس روحها وجوهر التزامها بقضية المرأة في بلدنا، بل إن هذا التغيير جاء فقط ليواكب التطلعات الجديدة للمرأة المغربية ويحاول خلق تناغم بين شكل ومضمون الفلسفة الجديدة لورش الحداثة والتغيير الذي نتقاسم فيه نفس القيم التي على أساسها يقوم مشروعنا الإعلامي ككل.
فأين وصلت قضية المرأة اليوم ؟ وماهي إكراهاتها الحالية ؟ وإلى ما تتطلع المرأة المغربية بعد عشر سنوات من قانون الأسرة وفي ظل دستور أقر وبكل وضوح المساواة ومكافحة التمييز. لقد أبانت المرأة المغربية طيلة هذه العقود على خصوصية تجربتها في تحقيق الارتقاء المنشود، خصوصية تبدأ أولا من طبيعة تواجدها في بيئة مخضرمة ومفتوحة على واجهتين بروافد متنوعة حققت معها ازدواجية الشرق والغرب بامتياز، كان واقعها أحيانا يسبق مكتسباتها القانونية وأحيانا أخرى العكس، رهان حملته معها في كل محطاتها النضالية. بل وجعلت منه جوهر قضيتها : كيف تحافظ على ازدواجية الأصالة والمعاصرة التي تطبع شخصيتها ؟ كيف تنجح في بلوغ نموذج للحداثة على مقاسها ؟ رهان جعل الفاتورة ترتفع ويرتفع معها سقف التحديات في كل محطات مشوار الارتقاء، وهو الأمر الذي دفعنا كإعلام ملتزم إلى رفع حملة “تمردي” في السنة الماضية حتى نكف عن إنتاج صورة المرأة الخارقة التي ما هي في النهاية سوى إعادة إنتاج لنفس العقلية الذكورية لكن بلوك أكثر عصرنة يخدم ظاهريا قضيتها، لكنه في العمق يستنفذ كل طاقاتها ويثقل «دفتر التحملات» في عقودها الجديدة كامرأة وزوجة وأم وكمواطنة.
من المؤكد أننا في حاجة اليوم إلى إنتاج صورة جديدة عن المرأة المغربية تكون أكثر جرأة في ملامسة واقعها الجديد بمختلف تجلياته وتحدياته، صورة بعيدة عن كل نمطية تجعل منها كائنا مغرقا في تدبير تناقضات ثقافة ذكورية جعلت منها امرأة «خارقة» بكل المقاييس، من المرأة المتحررة، القادة، المطيعة، خاطفة الرجال وساحرتهم وغيرها من الصور الغارقة في النمطية والشيزوفرينية والتي يبقى الإعلام مسؤولا عن إعادة إنتاجها بوعي أو بدون وعي ويجعل منها امتدادا للنظم الاجتماعية والموروثات الثقافية التي تراكمت عبر السنين.
ليكون المتحصل صورة أكثر واقعية وإنسانية في كل أماكن تواجدها ولا تكون مصدر إقصائها أو تهميشها وتعنيفها، صورة تلامس قضاياها الحقيقية في قالب وشكل جميل يحتفي بأنوثتها بعيدا عن أي مظاهر للنمطية.
خديجة سبيل