عشر سنوات مضت على بدء العمل وفق ماجاءت به المدونة على مستوى التشريع. هل مازالت المدونة على عهدها أم تخللها ضعف لما يشهد المجتمع من ظواهر تمس النساء وتهدم ما سعت المدونة إلى بنائه خلال عشر سنوات ؟ هل نجحت المدونة، أم أن ما جاءت به حل مؤقت وحبر على ورق صعب تنزيله على الواقع؟
تبقى المساواة في النص وفي الممارسة معوقة مادامت النيابة الشرعية مرتبطة بسلطة الزوج وحده كما تؤكد ذلك خديحة ولد مو منسقة الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب، وإن هذا دليل على اللاتكافئ بين التشريع والدستور بل وبين التشريع وطبيعة الواقع المعاش، بل أكثر من ذلك ونقصد الفراغ القانوني الذي يعم فترة ما قبل الطلاق التي تضيع فيها مصالح المحضون إذ ترتبط كل متعلقاته بالأب ورضاه ويختفي فيها دور الأم.
لا وجود لحق اقتسام الممتلكات في غياب الإلزام :
لم تدم فرحة النساء بما نادت به المدونة من اقتسام الممتلكات طويلا، إذ سرعان ما ظهرت حالات انتهى بها المطاف بعد الطلاق بالتشرد فعائشة إيجا التي انتهت بها سنوات زواجها بالإفراغ المعجل من البيت الزوجية الذي شيد بإصرارها ؟ ويعزى هذا إلى الفشل في تفعيل مثل هذه القوانين إلى عدم التعاقد وإلى الذين يهربون من فأل كلمة الطلاق، وأيضا لصعوبة وضعية هذا القانون مخافة تنكره للنساء فيما بعد. ويقترح رجل القانون محمد المو، أن تحول وثيقة اقتسام الممتلكات من وثيقة إرادية إلى إلزامية خلال كتابة عقد الزواج كحل لضمان حق من حقوق الزوجة.
وما مصيري ؟
تمكن زوج راضية 56 سنة، من توثيق زواجه حتى من دون وجود شرط التعدد شرط توثيق الزواج وهو الفلاح الذي لا يتعدى مدخوله المدخول الموسمي لفلاح بسيط وكان مصير راضية التي لم يرضيها القضاء بعد تنكر الزوج لإثني وثلاثين عاما من عمر زواجها الطرد من بيت الزوجية، فالمدونة لم تعمل إلا على ترقيع القديم وذلك حيث قيدت الفصل الخاص بالتعدد بشروط قلما يستجاب لها بل وفتحت الباب أمام زواج القاصرات ليتحايل الرجال على الفصل 16لتوثيق عقود زواج خارج إطار الزواج القانوني، وهو ما أوقع المدونة في تناقض شديد فهي من جهة تدعو للمساواة والإنصاف وتقع في ظلم لا يحمل مؤشرات العدل واقعيا من جهة أخرى.
بعد السنوات العشر تبين أن المدونة تحلق في سماء والمرأة تتخبط في معاناتها الأزلية وأن ما جاءت به لم يقدم للمرأة إلا القليل، إذ كما حملت بشارة خير للمرأة جنت عليها بما حملته من تسهيلات لتبقى المدونة حلم المرأة المجهض أمام القضاء والقوانين الفعلية وظلم الأزواج، فتزويج القاصر وطرد الزوجة من بيتها وتقديم التعويض الزهيد بعد الطلاق والتعدد، كلها ظواهر عرفتها المرأة وسعت المدونة إلى تجاوزها إلا أنها ظلت ثابتة مستقرة يستعصي زوالها في غياب تفعيل فعلي وتنسيق كلي بين فصول المدونة.