عملية استقطاب الفتيات الشابات من قبل داعش ، خاصة المقيمات بأوروبا،ظاهرة مقلقة ترصدها السلطات الاوروبية على نحو لافت…
محمد المودن – إسبانيا
وتأتي أهميتها، في سياق تحول أوروبا إلى مصدر مهم يتزود منه التنظيم الإرهابي لتقوية ترسانته البشرية، في المناطق التي يسيطر عليها سواء بسوريا أو بالعراق.
النساء الشابات هدف للاستقطاب الداعشي بإسبانيا
العملية الأمنية الأخيرة التي نفذتها السلطات الإسبانية في 20 من فبراير المنصرم، بكل من امليلية و بكتالونيا ضد شبكة يفترض أنها تنتصر لتنظيم الدولة الإسلامية، و تنشط في استقطاب نساء شابات بإسبانيا، خاصة مجموعة امليلية، لصالح التنظيم الإرهابي، زكى التوجه المعلن عنه في عمليات امنية سابقة من قبل الأمن الإسباني، من أن الفتيات بتن في مرمى الاستهداف الاستقطابي لداعش في إسبانيا.
يجندهن لصالحه، ثم ينقلهن إلى المواقع التي يسيطر عليها كما في العراق وسوريا. وتتركز عمليات الاستقطاب التي تستهدف الفتيات الشابات على المواقع الاجتماعية، الارضية الاكثر ملاءمة لتنظيم داعش، لاستقطاب مشاريع مقاتلين او فاعلين في تنظيمه.
فتيات يؤثثن صورة الاعتقال الأمني ضد داعش في الإعلام بإسبانيا
صورة الاعتقال الامني المتداولة في الإعلام الإسباني، لم تعد تقتصر عناصرها الصورية التقليدية على وجوه ملتحية او شبه ملتحية، بل باتت النساء الشابات، عناصر جديدة ووافدة على تلك الصورة، تستبدل تلك الوجوه، بعد أن جعل نشطاء التنظيم الإرهابي في كل المواقع الأوروبية وبينها إسبانيا، النساء الشابات وبعضهن قاصرات، هدفا استقطابيا متناميا.
و قد عرضت وسائل الإعلام الدولية، خصوصا البريطانية، مؤخرا صورا لفتيات بريطانيات، يغادرن مطارات بريطانية خفية، باتجاه تركيا ومن ثم إلى سوريا… لقد تحولت النساء الشابات المرشحات لفرص الانضمام للتنظيم او ترويج أفكاره، هدفا للرصد الأمني بعد أن تحولت لمحاولة محاصرة هذه الظاهرة واستباقها ومنع تطورها.
مراحل استقطاب الفتيات في المواقع الاجتماعية
يتحدث خبراء مكافحة وملاحقة أنشطة الاستقطاب، التي تقوم به جماعات وتنظيمات متشددة و إرهابية، عن مراحل تمر منها عملية الاستقطاب تبدأ برسالة في الفيسبوك وتنقل إلى منتديات خاصة ومقيدة على الواتساب ثم لاحقا إلى لقاء يتلقي فيها المستقطَبات بالمستقطِبين او المستقطِبات. وحسبما نقلت صحيفة الباييس الإسبانية في عدد 16 دجنبر 2014 استنادا إلى بلاغ للداخلية الإسبانية أن عملية الاستقطاب للفتيات الشابات في المواقع الاجتماعية يتم عبر برتوكول يمر من ثلاث مراحل.
في المرحلة الأولى: الناشطات في عملية الاستقطاب، يضعن رسائل في الفايسبوك خصوصا حول ازمة القيم في الغرب. ومن تظهر اهتمامهن هن يتم نقلهن إلى مراحل لاحقة من من مسار الاستقطاب تواصليا.
المرحلة الثانية : اللواتي يبدين اهتمامهن يتم نقلهن رقميا إلى منتديات مقيدة على الوتساب، حيث يتم إعادة ا لبرمجة بغرض دعوتهن للانتقال إلى الفعل.
المرحلة النهائية : تتعلق بأولئك اللواتي يستمرن في الاهتمام، حيث ينتقلن اكثر على منتديات اشد تقييدا، ويعتبرن مستقطبات، فتأتي لحظة اللقاء بين المستقطِبات والمستقطَبات، ثم يتم التفكير في تنظيم ظروف السفر إلى الاماكن التي يسيطر عليها التنظيم بسوريا والعراق.
بروفايل المستقطبات
عمليات الاعتقال الامني للمستقطبات ، وتحليل نتائحها في ضوء مراقبة الظاهرة، قادت الخبراء الامنيين إلى الحديث عن صنف أو بروفايل مشترك، تنتظم وفقه ملامح المستقطبات سواء السوسيولجية او العمرية أو الاقتصادية. ويقول تقرير صحفي إسباني نقلا عن مسؤولين في مكافحة الإرهاب، استند إلى نتائج مراقبة اثني عشر من الشابات التي جرى استقطابهن: إن “الشابات الإثني عشر اللواتي جرى استقطابهن عبر شبكات التواصل الاجتماعي لديهن بروفايل متشابه: هن شابات وبعضهن قاصرات، لديهن مستوى اجتماعي واقتصادي متدن ويستعملن الشبكات الاجتماعية من دون رقيب”.
المواقع الاجتماعية أداة الاستقطاب الفاعلة
الانترنت بوسائل اتصاله الحديثة، يبيح بطبيعته فضاء متحررا، و أدوات للتواصل والتوصيل والإيصال، في متناول كل من يرغب في الإمساك بمعلومة أو تداولها أو نقلها وبثها. وأيضا لإنشاء الخطابات والترويج لها، وإنشاء علاقات وصلات كانت تعجز الأدوات التقليدية على تثبيتها على هذه الصورة الحالية من التبلور. هذه الامكانات تستعملها التنظيمات التي تعمل من خارج الفضاءات المتحكم فيها تقليديا ويمنحها قدرة قصوى على المناورة. بل إن التنظيمات المحظورة، ومن بينها الإرهابية ، كانت تسثمر كل امكاناتها في امتلاك قوة اتصالية تواصلية، تتجاوز المراقبة والملاحقة.
نشاط استقطاب مجاهدين او مقاتلين، من قبيل تنظيمات متشددة، ارتكز أساسا على الإمكانات التي يتيحها الانترنت، واصبحت لهذه التنظيمات ثكنات رقمية، ومنصات يطلقون منها نشاطهم الدعائي والاستقطابي، ووظائف أخرى منها التهديد والإعلام كذلك.
ولعل عددا هائلا من الشبان المسلمين، والشابات المسلمات المقيمين باوروبا، و تحولوا إلى مقاتلين في صفوف داعش بعد التحاقهم به، فإنما أسرتهم مخالب التنظيم في مشابك المواقع الاجتماعية، كما يشدد على ذلك خبراء أمنيون وفق تقارير أوروبية. لم تعد المساجد الخلفية في احياء بلدان اوروبا او السجون، أمكنة الاستقطاب الفاعلة بالنسبة إلى هذا التنظيم، بعد نقل عملياته إلى العالم الرقمي الذي تحول حلبة صراع مع الملاحقة الأمنية.
المواقع الاجتماعية والواتساب دار حرب جديدة
تحول فضاء الانترنت إلى “دار حرب” يواجه فيها العالم التهديد الإرهابي الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية الذي يتزود رجاله من بلدان العالم كله وليس من جنسية واحدة فقط وإن كان من إيديولوجية متطرفة واحدة. و أصبحت المواقع الاجتماعية والياتها الرقمية المتطورة، أدوات مواجهة يعتمدها التنظيم لترتيب ترسانته الاستقطابية والدعائية.
هذا الفضاء نفسه، بات محور الاستراتيجيات الأمنية المتبلورة لدى الدول الأوروبية، التي اجمعت ان فضاء الانترنت بات ساحة المعركة والجبهة الاولى ضد التنظيم، بعد ان تحول هذا الامر إلى مصدر القلق الاكبر بالنسبة إلى القارة العجوز.
وقد ترجمت هذه التوصيات في قوانين أوروبية، صادقت عليها البرلمانات المحلية، مثل اتفاقية محاربة الإرهاب التي صادق عليها البرلمان الإسباني الشهر المنصرم، تبدو فيه عوالم الموقع الاجتماعية، هدفها الاستباقي الاول.