هي الإسم الحركي للنضال، لذلك لا يمكن أن يكتمل المشهد الحقوقي في غياب إسمها، وهي الاسم السري لمسيرة المغربيات نحو المساواة بعد أن أسست لجريدة 8 مارس، عنوانا لانعتاقهن من ثقافة ذكورية محافظة وسعيهن للتحرر. في كل ملف لها ضوء وكرامات : من التمثيلية السياسية إلى محاربة العنف، إلى ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية… وهي في كل ذلك تعلن انحيازها للحقوق الكونية للإنسان، وطموحها في سيادة ثقافة جمعية قائمة على احترام كل مكونات المجتمع. اللقاء التالي هو فقط إطلالة صغيرة على بعض الملفات التي تشغل الحقوقية المغربية البارزة لطيفة اجبابدي، ونظرة مختصرة عن السياق الذي يعرفه ملف المرأة.
احتفلت نساء تونس في اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة، بإصدار قانون خاص بالعنف ضد النساء بينما لا زال قانون العنف المغربي في طي الغيب؟
تقاطع…إن أول مشروع وضع في 2006 ولحد الآن لا زلنا في حالة التلكؤ والتردد والضبابية والتذبذب. هناك المشروع الذي وضعته الوزارة والذي أجبنا عليه بمذكرات واقتراحات دقيقة، ونراهن عليه كثيرا لأن آلاف النساء ضحايا العنف ينتظرن أن تتوفر لهن الحماية القانونية. الآن للأسف، ليس لدينا أي معطى دقيق عن تاريخ صدوره. كان بالإمكان أن يصدر بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء، لكن للأسف نحن نخلف المواعيد ومستمرين على ذلك. قيل بأن الموضوع قيد الدرس، لكن ليس لنا رؤية حول الآجال التي يمكن أن تتحرك فيها الملفات. ما زلنا نواصل تعبئتنا من أجل صدوره مستجيبا لمتطلبات الحماية والوقاية، فنحن مع قانون إطار وليس تعديلات في القانون الجنائي أو قانون جزئي أو قانون يتعلق بالعنف الزوجي فقط، بل قانونا يشمل كل أصناف العنف بكل الفضاءات، وقانونا يشمل التجريم والعقاب وأيضا الحماية والوقاية وهذا لا يمكن أن يكون إلا في إطار قانون شامل.
هل تعتقدين بوجود مؤشرات على تقدم ملف المرأة ؟
لم تأت الحكومة لحد اليوم بأي مؤشرات لتفعيل الفصل 19 من الدستور، ولليوم لم يتم ولو إجراء واحد لصالح المساواة، ولاية الحكومة الحالية شارفت على الانتهاء ولم تعلن أي سياسة أو إجراء لصالح النساء. لذلك صعود حكومة محافظة والذي أثار مخاوفنا وتخوفاتنا عند تنصيبها، يجد اليوم مبرراته في الواقع في الممارسات والتصريحات.
طوال مسارك النضالي والحقوقي الطويل كسفيرة ومنسقة ورائدة لعدد من الحركات والمبادرات الوطنية والدولية، ماذا يحصل بنظرك للحركة التقدمية مقابل صعود التيار المحافظ ؟
هناك دائما تجاذب تيارات : تيار ينزع للحداثة والتطور والتقدم والتحرر، وتيار آخر يجر للخلف وهو التيار المحافظ بشكل عام… لكن موازين القوى بين هته الأطراف هو الأساس. وميزان القوى اليوم، مختل لصالح المحافظة على المستوى الوطني أو العربي. وصول الأصوليين في كل المنطقة العربية، وركوبهم على موجات الربيع العربي، واستفادتهم من الثورات التي قامت بها الشعوب عزز من ميزان القوى لصالح المحافظين. بالمضمون السياسي يعوق هذا التيار تطور المغرب نحو الديمقراطية والحرية وإقامة حقوق الإنسان واحترامها. التيار الإسلاموي ذو المشروع المجتمعي المحافظ الذكوري، الذي ينزع للإبقاء على علاقات قائمة على سيادة الذكورة التمييز الخ، والذي نجده اليوم بحكم وجوده كتيار يقود التجربة الحكومية الحالية، أصبح اليوم يعدل من مواقفه المحافظة، لكن الطبع يغلب التطبع، ومواقفه الدفينة المحافظة تبرز في مواقف وتصريحات رئيس الحكومة مثل تصريحه حين وصف النساء بالثريات ودعا فيها لعودتهن للبيوت.
هل الظرف مناسبا لإعادة إصدار جريدة 8 مارس التي كانت لسان حال النضال النسائي وكنت وراءها؟
أوافقك الرأي أننا اليوم كنساء بحاجة لجريدة من قبيل 8 مارس. لو كانت لنا جريدة كلسان حال كما كنا في السابق، لكنا حاضرات بشكل أقوى على الساحة، وتصدينا من الناحية الفكرية والنظرية والعلمية والسياسية لهته التوجهات المحافظة التمييزية الذكورية التي تحتل الساحة اليوم للأسف. نحن بحاجة إلى منبر مثل 8 مارس، ونحن نعمل على إعادة إصدارها بصيغة إلكترونية.
ألا تلعب الصحافة النسائية هذا الدور وما تقييمك لها؟
الصحافة النسائية تُحترم لدورها التحسيسي، وهي تفتح ملفات هامة جدا ولحسن حظنا أنها موجودة.
درجتم على تقليد محكمة النساء الرمزية، إذا طلبت منك الاختيار فمن تحاكمي؟
تضحك، لن أحاكم أشخاصا، لكن سأحاكم الثقافة الذكورية لأنها جذر لكل المشاكل، ولأنها تعيد انتاج التمييز وتكرسه وتعطيه الشرعية سواء التمييز أو العنف أو الإقصاء. الثقافة الذكورية وللأسف تخترق كل المجالات، بما في ذلك النخب السياسية التي نراهن عليها من أجل بلورة سياسات، والدفاع عنها ووضع مقترحات أو قوانين تكرس المساواة. لكن هناك الكثير من الذكورية والثقافة الذكورية عند النساء، هي التي تحول دون انطلاق النساء ومن اكتساب الثقة بذواتهن والوعي بحقوقهن. في المحاكمة الرمزية أحب أن أحاكم هته الثقافة، لأنه ما أحوجنا لثورة ثقافية تخلخل كل الأفكار النمطية حول المرأة، وحول علاقات النوع بين الرجال والنساء. ونعيد بناء ثقافتنا الجمعية على أساس المساواة والندية، واحترام حقوق كل مكونات المجتمع.