اللغة.. النوايا والفهم

لا أريد لهاذا المقال الافتتاحي لآخر عدد في السنة التي نودعها، أن يكون مغرقا في الفلسفة والتحليل، بقدر ما أريده أن يطرح تساؤلا كبيرا أعتبره جوهريا في رسالتنا الإعلامية حيث اللغة بكل إشكالاتها اليوم، تفرض علينا منطقا جديدا في التواصل يأخذ بعين الاعتبار أن سلوكنا يحاكمنا قبل نوايانا.

هل تنقل الكلمات التي نتفوه بها نوايانا الحقيقية ؟ الدماغ يفكر واللسان من مهمته نقل ما يدور في أذهاننا..، سبقا أو بلغة القانون :” إصرارا وترصدا”، حتى من خبروا تحليل العقل الباطني نفسيا، اعتبروا أن زلات اللسان وما ننطق به، يتأثر دوما بحالتنا النفسية من الداخل. قد نحسن التعبير عنه حينما نضع له بروزا خاصا، أو قد يصيبنا من الاضطراب ما ينطبق على المثل الدارج ” جا يكحل ليها عماها”. في كلا الحالتين، تصبح نوايانا الدفينة موضع تساؤل، قد تعرضك للمحاكمة والجلد، لأن الآخر أو المتلقي يتصيد أخطاءك المقصودة وغير المقصودة، يستشف لها مبررات وقراءات شتى، قد تكون وهمية مادامت من وحي مخيلته، تكشف مع قليل من التأني، أوجه عدة لتركيبة المتلقي، فردا أو جماعة. تحاسبنا اللغة إذا على نوايانا قبل أفعالنا، قد تعصف معها بكل مخططاتنا التواصلية. قد تثمن انطباع متلقي يتربص بك، كما قد تتحول إلى طوق نجاة من أحكام خاطئة، فتصبح معها لغتك خلاصك الوحيد في إزالة لبس الفهم، أو دليل برائتك من حكم ظالم. هي اللغة إذا وقد فرضت علينا قواعدها اختيارا أو طوعا، فرضتها عملة واحدة بأبجديات متعددة، لكن تواصل غير محمود العواقب أيضا. لكن هل اللغة هي المسؤولة حقا عن كل التأويلات والفهم الذي نبحث عنه في تعاملاتنا التواصلية، أم أن العقل بمختلف أوجهه الحسية والمرئية، هو العلبة السوداء التي لم يتم بعد تفكيك شفراتها وإخضاعها لمنطق واحد في التفكير والتلقي، منعا لأي لبس في الفهم والإدراك ؟ لا أريد لهاذا المقال الافتتاحي لآخر عدد في السنة التي نودعها، أن يكون مغرقا في الفلسفة والتحليل، بقدر ما أريده أن يطرح تساؤلا كبيرا أعتبره جوهريا في رسالتنا الإعلامية حيث اللغة بكل إشكالاتها اليوم، تفرض علينا منطقا جديدا في التواصل يأخذ بعين الاعتبار أن سلوكنا يحاكمنا قبل نوايانا. قد يبرز تساؤل لافت : هل لغتنا محايدة توفر حكما عادلا لمتلقيها على نوايانا المدسوسة في الخطاب ؟ وحينما نحكم على الناس هل نحكم على فهمنا للغتهم أم نحكم على ما نعتقد على أنه قصده من تلك اللغة ؟.. بالتأكيد ثمة صيرورة تأويل نمارسها في كل ما استشكل من تخاطب، أو استعصى من تواصل يقع هذا في سجالاتنا السياسية وفي تخطباتنا الإعلامية. هل تؤمن لغة الإعلاميين في وطننا ولغة الساسة في بلادنا عملية بناء المعنى في ذهن المتلقي والمخاطب ؟ الحرص على المعنى حرص على اللغة والحرص على اللغة نقصد بها هنا وجهها التواصلي، حرص على القيمة، والحرص على القيمة حرص على مقصد أسمى، إن المعنى التي تنشئه اللغة إنما قيمة أسمى في التواصل، إذ تحديد المعنى رفع للبس الذي تحمله اللغة، لكن ذاك اللبس ليس على الإطلاق منقصة في اللغة بل مكمن قوتها التبليغية. ألا يدري الجميع أن بناء المعنى في خطابنا نحن أناسا فيما بيننا نبني معها أشياء كثيرة : نبني الديمقراطية، ونبني التخاطب الذي عليه مدار الفعل السياسي، و نبنى التواصل الذي عليه سند الإعلام. حينما نحرص على المعنى نضمن التبليغ، وحينما نضمن التبليغ نضمن الفعل. فليكون إعلامنا واصلا مخاطبيه عليه أن يحرص على لغة تبني المعنى، ولكي يصل السياسي إلى قلب ناخبيه أو عقولهم عليهم أن يحرصوا على تشييد المعنى ، لأن المعنى من رحم اللغة لا ينشأ إلا بتطابق مع صدق سابق في التبليغ وتطابق عملي مع الواقع. لغتنا اليومية الإعلامية وأشكال فهمها يتعين أن ترتقيا إلى الصدق في الفعل والتطابق مع المنجز، فمعهما يتحقق أثر المعنى الذي ليس في الحقيقة بتقدير آخر سوى سلطة، لأنه متى ركبت معنى في ذهن متلقيك حصل منه التصديق للخطاب.

تضع النظريات الحديثة صيغ التنمية والتقدم في قلب التواصل الذي بقدر ما يشكل آليات لنقل المعنى ، بقدرما يصير أداة أيضا لإنتاج المعنى الذي ليس في النهاية سوى تحقق للقصد. حقا لم نفكر نحن معشر الإعلاميين بهذا الإشكال، أو لعلنا لامسناه في حدوده الدنيا، بينما يقتضي انتقالنا التنموي في مجال الخطاب وهو أصل التنميات الأخرى أن يفحصها، ويتوقف عندها طويلا. والسؤال الذي ينبغي أن يطل برأسه في كل استعمالاتنا اليومية التي تتكئ على اللغة والخطاب، هل نحن معنيين وقلقين بخصوص ما ننتجه من معنى؟. أو هل هناك أصلا معنى قائم ينتجه خطابنا ؟. إن أكبر سيولة نعيشها الآن هي في تعدد أدوات إنتاج الخطاب ليس فقط الطبيعية مثل أفواهنا أو حركاتنا، بل التكنولوجيا منها أيضا مثل شبكات التواصل الاجتماعية ووسائل الإعلام وغيرها لتعمق السيولة إنتاج الخطاب. لكن يبقى السؤال المصنف لصدق الخطاب أو فراغه هو المعنى. إن من لا معنى له لا خطاب له ومن لا خطاب له لا لغة له، بل إن من لا معنى له لا سلطة له. لكن معشر الإعلاميات والإعلاميين لنجعل مرحلتنا المقبلة مرحلة حرص على المعنى في خطاباتنا، منها سنشيد كل القيم ا لتي تبنى حداثتنا وتطورنا وتقدمنا وديمقراطيتنا وتواصلنا. ليكن عامنا المقبل عام الحرص على المعنى. فكل عام وأنتم بألف خير وعامكم جديد تنعمون فيه بالازدهار.

 

لا سكينة ولا رحمة بينهم. كل وصايا المعاشرة الطيبة وبالمعروف مجرد صيحة في واد آسن. العنف إيقاع يكاد يكون يوميا. وجولاتهما فيه تضع عنفه وردة فعلها في ميزان التقييم : سلوكه عدواني يصل بعضه إلى إحداث عاهة مستديمة وأقصاه عنف مميت. «عنفها» رد فعل على سلوك تحركه ثقافة ذكورية بائدة يبررها هو ب: نضربها وما نخلي شكون يضربها.
يتجاوز خطورة تأثير العنف على المتاعب الجسدية والنفسية أو التأثير اللحظي للعنف، حيث يتحول إلى دائرة لا تنتهي من العنف المتوارث، فعندما يستأنس الأبناء مشاهد العنف وتتحول إلى مشاهد اعتيادية تصبح جزء من مخزونهم الثقافي والسلوكي، طرحنا السؤال على الأخصائية النفسية أمل سبتي، والتي رسمت لنا الطريق الذي يسلكه معظم أبناء العنف.
كشفت المنتجة المغربية كريمة أولحوس عن إصدار أحدث أعمالها الفنية، وهو الفيديو كليب "أصلي أنا" للمغنية الفلسطينية الأردنية زين، إذ يعد هذا العمل لوحة بصرية وموسيقية تحتفي بالهوية الثقافية الفلسطينية، ويمثل إضافة نوعية لمشوار أولحوس الذي يجسد نجاحا مشرفا للمرأة المغربية والجيل الجديد في مجال الإنتاج الفني والسينمائي.