كم مرة نظرت في المرآة ولاحظت تصبغا خفيفا لم يكن موجودا قبل أسابيع؟ أو خطا رفيعا بدأ يظهر حول العينين؟ لقد أثبتت الأبحاث، أن الشمس لا تسبب التسمير فقط، بل هي العامل رقم واحد في شيخوخة البشرة المبكرة. لذلك، أصبح الواقي الشمسي أكثر من منتج صيفي، بل جزء أساسي من روتين العناية اليومي.
لماذا نحتاج الواقي الشمسي كل يوم؟
الأشعة الشمسية تنقسم إلى نوعين رئيسيين:
• UVA: وهي الأشعة التي تصل إلى طبقات الجلد العميقة، وتحفز الأكسدة التي تُضعف الكولاجين وتُسرّع ظهور التجاعيد والترهلات.
• UVB: هدا النوع من الأشعة يسبب الحروق السطحية، ويزيد من احتمال الإصابة بسرطان الجلد على المدى الطويل.
والأخطر من ذلك، أن أشعة «UVA» تمرّ من خلف الزجاج، أي أنك معرضة لها حتى داخل السيارة أو في المنزل من خلال النوافذ، بل وحتى داخل أماكن العمل التي يصلها نور الشمس. وهنا يأتي دور الواقي الشمسي، حاجز غير مرئي يحمي خلايا الجلد من هذا الضرر اليومي، ويساعد على الاحتفاظ بإشراقة البشرة ونضارتها.
معامل الوقاية «SPF».. حروف تغيّر كل شيء
قد يبدو لك رقم صغير مطبوع على عبوة الكريم، لكنه في الواقع مفتاح كبير لحماية بشرتك من أخطر الأضرار. «SPF»، أو ما يعرف بمعامل الوقاية من الشمس، لا يعني قوة الكريم بقدر ما يشير إلى المدة التي يمكن لبشرتك أن تتحمّل فيها الشمس دون أن تحترق. كلما ارتفع الرقم، زادت قدرة الواقي على تأخير ظهور الاحمرار والتلف الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية.
مثلا، «SPF 30»، لا يعني حماية مضاعفة مرتين عن «SPF 15»، بل يعني أنه يمنع حوالي 97٪ من أشعة « UVB»، مقابل 93٪ فقط لـ «SPF 15»
أما «SPF 50»، فهو يمنحك حماية تصل إلى98٪ وهي النسبة التي يوصي بها أطباء الجلد خصوصا في فصل الصيف، أو عند التعرّض الطويل للشمس.
ومع ذلك، لا يوجد واق «يصمد إلى الأبد»، فكل الكريمات مهما بلغ معامل حمايتها تحتاج إلى إعادة التطبيق كل ساعتين، خاصة إذا كنت تسبحين، تتعرقين، أو تمسحين وجهك، وهي النقطة الأساسية التي يغفل عنها الكثير من السيدات.
لكن يبقى الأهم من اختيار رقم معامل الوقاية، هو أن تختاري واقيا يحمل عبارة «حماية واسعة النطاق « (Broad Spectrum)، لأن» SPF» وحده يحمي فقط من»UVB»، بينما تظل الأشعة «UVA» المسؤولة عن الشيخوخة والتصبغات تتسلل بصمت.
دليل خيارات مستحضرات الحماية من الشمس لاختيار الأنسب لاحتياجاتك
لم يعد اختيار الواقي الشمسي خطوة موحدة تناسب الجميع، فكل بشرة لها طابعها الخاص وكل سيدة لها أسلوب حياة مختلف. ولهذا، طورت العلامات المتخصصة في العناية بالبشرة أنواعا متنوّعة من الكريمات الواقية، لتلائم أدق التفاصيل في روتينكِ اليومي وتقدم أكثر من مجرد حماية.
فهناك الكريمات الواقية المضادة للتجاعيد والتصبغات التي تجمع بين الوقاية والعناية، وتلك الملونة التي تمنحك إشراقة طبيعية وتغطية خفيفة تغنيك أحيانا عن كريم الأساس. وهناك أيضا الواقيات الصلبة (Stick) التي ترافقك بسهولة في حقيبتك لتجددي الحماية في أي وقت، إضافة إلى تركيبات أخرى سنتطرق إليها بالتفصيل هذا التنوع الغني يجعل من الواقي الشمسي اليوم أكثر من مجرد خطوة روتينية، بل اختيار شخصي يعكس أسلوب حياتك واهتمامك بنفسك.
واقيات الشمس المضادة للتجاعيد والتصبغات
هذا النوع مناسب للسيدات فوق سن الثلاثين أو لمن ظهرت عليهن أولى علامات التعب والتقدم في السن على البشرة. تأتي هذه المستحضرات بتركيبات خفيفة، تناسب الاستخدام اليومي وتندمج بسلاسة مع المكياج، ما يجعلها خيارا مثاليا لكل سيدة تبحث عن بشرة محمية ومشرقة في الوقت نفسه. تحتوي هذه الأنواع على النياسيناميد الذي يخفف مظهر البقع الداكنة ويوحد لون البشرة، وحمض الهيالورونيك الذي يرطب ويحافظ على مرونة الجلد، ويملأ الخطوط الرفيعة، وأيضا مضادات الأكسدة، مثل فيتامين «C» و «E» لمحاربة الجذور الحرة التي تسرع شيخوخة البشرة.
كريمات الحماية من الشمس الملوّنة
جاءت الواقيات الشمسية الملوّنة (crèmes teintées)لتلبي طموح المرأة العصرية التي تبحث دائما عن حلول ذكية تختصر وقتها وتبرز جمالها الطبيعي. فهي لا توفر فقط حاجزا فعالا ضد أشعة الشمس الضارة « UVA وUVB»، بل تمنح في الوقت نفسه تغطية خفيفة توحّد لون البشرة وتخفي الاحمرار أو البقع الداكنة، فتبدو البشرة أكثر إشراقا وبشكل طبيعي.
تعتمد هذه الكريمات على تركيبات غنية بمكونات ترطيب ومهدئات مثل حمض الهيالورونيك أو خلاصة الألوي فيرا، لتمنح البشرة نعومة وحيوية طوال اليوم.
وبفضل قوامها الخفيف وسهولة دمجها، تصبح خيارا مثاليا خاصة في أشهر الصيف التي لا تستدعي طبقات مكياج ثقيلة.
إضافةً إلى ذلك، تتوفّر الواقيات الشمسية الملوّنة بدرجات لونية متعددة لتناسب مختلف ألوان البشرة، وبعضها يضم أيضا مضادات أكسدة أو مكونات لمحاربة علامات التقدم في السن، لتكون بحقّ حلاً متكاملاً يجمع بين الحماية، التغطية والعناية.
واقيات الشمس الصلبة « Stick»
قد يصبح تجديد الواقي الشمسي عبئا خاصة مع المكياج أو خارج المنزل، وهنا يأتي دور الواقيات الشمسية الصلبة (Stick) كأحد الابتكارات العملية في عالم الحماية من الشمس.
تصميمها المبتكر يجعل استخدامها سريعا ودقيقا، من خلال تمرير خفيف على الوجه، الأنف، الجبهة، محيط الشفاه أو حتى اليدين… دون الحاجة للمسح أو تطبيق المستحضر بالأصابع، ودون القلق بشأن تلطّخ الملابس أو المكياج.
تتميّز هذه الصيغة بأنها غالبا مقاومة للماء والعرق، ما يجعلها مثالية للرياضة أو أثناء التواجد على الشاطئ. كما أن قوامها الكريمي المركز يمنح تغطية عالية، ما يعني حماية إضافية للمناطق الأكثر عرضة للحروق والتصبغات مثل عظمتي الوجنتين، الأنف، الجبهة، والأماكن ذات الندبات أو التصبغات القديمة التي تحتاج عناية خاصة.
والأجمل أنها مناسبة لإعادة التطبيق بسهولة خلال النهار، وهي خطوة غالبا ما نغفل عنها رغم أهميتها الكبيرة في الحفاظ على فعالية الحماية.
بفضل حجمها الصغير وخفة وزنها، تتحول واقيات الشمس الصلبة إلى رفيقة دائمة في الحقيبة أو حتى الجيب.
واقيات الشمس السائلة بتركيبة خفيفة
قد تتردد الكثيرات في استخدام الواقي الشمسي خشية ذلك الإحساس الثقيل أو اللمعان الذي يتركه أحيانا على البشرة. في هذه الحالة ننصحك باستعمال واقي الشمس السائل أو الصيغة الخفيفة جدا.
هذه التركيبات الحديثة تشبه في ملمسها قطرات ماء أو سيروم خفيف، تندمج بسرعة مع البشرة وتمتص فورا دون أن تترك أي أثر دهني أو طبقة بيضاء، ما يجعلك تحتفظين بمظهر طبيعي وغير لامع حتى في درجات الحرارة العالية.
هذا النوع يناسب ذوات البشرة المختلطة والدهنية أو لمن يفضلن الحماية الفائقة بطبقة خفيفة، ويعتبر قاعدة مثالية أسفل كريم الأساس. كما أن بعض هذه التركيبات تتميز بلمسة نهائية مطفية «matte»، تجعلك تتحكمين في لمعان بشرتك طوال اليوم، بينما يأتي بعضها الآخر بتركيبة مرطبة تناسب حتى البشرة الجافة.
بفضل لمستها غير المرئية وخفتها الاستثنائية، تمنح هذه الكريمات لكل سيدة فرصة التمتع بالشمس بثقة دون أي شعور بتراكم طبقات إضافية فوق البشرة.
ماذا تختارين للبشرة الحساسة؟
ليست كل بشرة تحتمل التركيبات التقليدية للواقي الشمسي، فالبشرة الحساسة تحديدا قد تظهر سريعا علامات التهيج والاحمرار أو الشعور بالحكة عند استخدام بعض المكونات. وهنا، تكمن أهمية اختيار واقي شمس مصمّم خصيصا للبشرة الحساسة.
هذه الفئة من الواقيات تعتمد غالبًا على فلاتر معدنية طبيعية مثل أكسيد الزنك أو ثاني أكسيد التيتانيوم، والتي تعمل كحاجز يعكس الأشعة فوق البنفسجية بدلًا من امتصاصها، فتمنح حماية فورية ولطيفة دون اختراق الجلد.
إضافةً إلى ذلك، تأتي هذه الكريمات عادة خالية من العطور والكحول والبارابين، وهي عناصر غالبًا ما تسبب تحسسًا للبشرة الرقيقة. وبعضها يدمج أيضا مكونات مهدئة مثل الصبّار أو خلاصة الشاي الأخضر لتخفيف التهيج وتعزيز راحة البشرة طوال اليوم.
واقيات الشمس الكورية
في السنوات الأخيرة، حجزت مستحضرات العناية الكورية مكانة خاصة في قلوب النساء حول العالم، ولا سيما الواقيات الشمسية الكورية التي غيّرت الصورة النمطية للواقي الشمسي من منتج ثقيل ولزج إلى خطوة أنيقة ولطيفة تشبه السيروم الخفيف.
ما يميّز هذه التركيبات الكورية هو تركيزها على ملمس فائق الخفة وسرعة الامتصاص، فلا تترك لمعانا مزعجا أو طبقة بيضاء، بل تذوب في البشرة لتبدو طبيعية تماما. كثير منها يجمع أيضا بين الحماية والعناية، إذ يحتوي على مكونات مرطّبة مثل حمض الهيالورونيك، مهدئات مثل الصبار والسنتيلا الآسيوية، وأحيانا مضادات أكسدة تعزز إشراقة البشرة وتحميها من العوامل الخارجية.
إضافة إلى ذلك، يهتم المصنعون الكوريون كثيرا بأن تكون التركيبات مناسبة للبشرة الحساسة، وخالية غالبا من العطور القوية والكحول، ما يجعلها خيارا مثالية لهذا النوع من البشرة.
وتتماشى هذه الواقيات بسلاسة مع باقي خطوات الروتين الكوري للعناية بالبشرة الذي يعتمد على الطبقات الخفيفة، لتمنحك في النهاية بشرة محمية، مرطبة، وذات توهج صحي طبيعي، دون أي ثقل أو إحساس دهني.
الكريمات الصديقة للبيئة (Reef-safe)
في زمن أصبحت فيه العناية بالجمال مرتبطة بالمسؤولية تجاه الطبيعة، برزت الكريمات الواقية من الشمس الصديقة للبيئة كخيار يلائم المرأة العصرية التي لا تريد فقط حماية بشرتها، بل تسعى أيضا لحماية البحر والبيئة التي تحبها.
تتميّز هذه الكريمات بأنها خالية من المكوّنات الضارة بالشعاب المرجانية مثل Oxybenzone وOctinoxate، وهي مواد ثبت علميا أنها تهدد النظام البيئي البحري. كما أنها غالبا تعتمد على فلاتر معدنية طبيعية مثل أكسيد الزنك أو ثاني أكسيد التيتانيوم التي تبقى على سطح البشرة وتعكس الأشعة، فتوفّر حماية فعالة دون الإضرار بالكائنات البحرية الدقيقة.
الأجمل أن هذه الكريمات تأتي عادة في عبوات قابلة لإعادة التدوير أو مصنوعة من مواد معاد تدويرها، وتقدّم تركيبات قابلة للتحلل الحيوي، لتقلل من بصمتنا الكربونية حتى بعد أن نغسلها عن بشرتنا في البحر أو الدوش.
بهذه الخطوة البسيطة، وباختيارك هذا النوع أنت تحمين بشرتك وكوكبك في الوقت ذاته.