المواطنة تبدأ من البيت

من الاسرة الى المدرسة ثم المسجد, التنشئة الاجتماعية هي أساس زرع روح المواطنة لدى الفرد.

لا يولد الإنسان مواطنا، بل يصير كذلك « مقولة لجان جاك روسو أحد رواد عصر الأنوار، يستحضرها محيي الدين حجاج في تعريفه لمعنى المواطنة في المجتمعات الحديثة، بما هي تربية ومكتسب ينمو بفضل التنشئة الاجتماعية بالدرجة الأولى، هذه الأخيرة هي من تزرع لدى الفرد الانتماء الوطني، فالمواطنة بهذا المعنى تمثل الإطار السياسي والقانوني و الاجتماعي الذي ينظم علاقة الفرد بالدولة، وعبر ذلك علاقته بالمجموعة التي يعيش ضمنها والمكونة من عموم المواطنين الذين تجمعهم أواصر المواطنة والانتماء لذات المجال الجغرافي وهو الوطن ليس كحيز مجالي فقط، بل وأيضا باعتباره مجموعة من القيم المشتركة بين قاطنيه».

اختار محيي الدين حجاج، الاستاذ الباحث في التاريخ، والفاعل السياسي التركيز على التنشئة الاجتماعية بما هي حجر الزاوية في زرع روح المواطنة لدى الفرد، ومن الاسرة الى المدرسة ثم المسجد، يربط ، خيوط البناء، أو ما يسميه باللحمة الوطنية «فالاسرة هي المربي الاول للطفل ومنها ينبثق وعي جنيني تمثله القيم الرائجة داخل أسرته، ومن داخل هذا الكيان النووي – الأسرة نواة المجتمع – يفهم معنى الحق والواجب، ومعنى النظام والعيش المشترك مع أفراد آخرين تربطه بهم روابط الدم، وبذلك فهو يتهيأ ليعيش لاحقا مع أفراد آخرين تربطه بهم روابط تتجاوز البيولوجي إلى المشتركات الأخرى ( اللغة، الدين، الانتماء الجغرافي… ) 

وينتقل محيي الدين الى المدرسة كامتداد موضوعي للأسرة في عملية بناء شخصية الإنسان المواطنة « فإذا كانت الأسرة قد زرعت في الطفل الوعي الجنيني لمفهومي الحق والواجب، فالمدرسة والجامعة بعدها تؤطره ليفهم ذلك على ضوء قوانين الدولة لا على أساس ضوابط أبويه في البيت.

بالاضافة الى المدرسة (في كل مراحل التعليم) يضع محيي الدين المسجد كفضاء للتنشئة الاجتماعية، كملتقى أسبوعي للمواطنين خلال خطب الجمعة، لفهم مختلف قضاياهم الوطنية على ضوء رأي الشرع. وهي بذلك تزرع في المواطن مفهوم الوطنية والمواطنة وتؤسس لها بمفاهيم دينية سابقة لمفهوم المواطنة الحديث.

ومن خلال هذه الوسائل الرئيسية في التنشئة الاجتماعية وغيرها من الوسائل التي قد تختلف من فرد لآخر، تبنى الشخصية المواطنة، حيث يتربى الفرد على ثنائية الحق والواجب، وأيضا على قاعدة أن الخلاص الفردي هو رهين بالخلاص الجماعي، لذلك فالمواطنة هي بالضرورة نقيض للأنانية التي تميز الطبيعة البشرية، والمواطنة بهذه الصيغة ليست مقوضة لمفهوم الحرية، على اعتبار أن «الإرادة العامة» بمفهوم العقد الاجتماعي لدى روسو ترى أن تنازل الفرد عن بعض حقوقه لصالح الجماعة هو من صلب قيام المواطنة الحديثة، لذلك فالمواطنة ليست خضوعاً قسريا لسلطة الدولة والقانون، بل تعبير عن وعي جماعي بأهمية الدولة و مؤسساتها لتحقيق العدالة للجميع».

المرأة المغربية فاعل رئيسي في إعادة تعريف المواطنة.

من الجمعيات المحلية إلى التعاونيات القروية، قدّمت النساء نماذج حيّة للمواطنة الفاعلة التي تتجاوز المطالبة بالحقوق نحو صناعة الحلول. فالمرأة المواطنة لا تطالب فقط بالتمكين. إنها تجسد الانتقال من المواطنة المكتوبة إلى المواطنة الممارسة، حيث يصبح التمكين الاقتصادي للنساء زاوية جديدة لإعادة تعريف دور المرأة كمواطنة منتجة للثقة الاجتماعية. تقول لنا مريم بلحسين مختصة في الحكامة الديمقراطيةلا المراة كاملة المواطنة لبكتن كثيرا ما تم التعامل معها كشخص اقل مواطنة «لا أحد ينفي ما حققه المغرب في السنوات الأخيرة لكن، عندما نقارب هذه الحقائق مع الواقع اليومي، يتضح لنا أن هذه الحقوق لم تتحول بعد إلى ممارسة مواطنة كاملة تلمسها النساء في حياتهن اليومية.

وبالتالي فالحقوق الإنسانية للنساء هي جوهر المواطنة، لأنها تعكس مدى احترام الدولة والمجتمع لكرامة كل فرد، وتحيل إلى التمعن في طبيعة العقد الاجتماعي الذي يجمع بين المواطنات والمواطنين»..

انخرط المغرب في مسلسل  التوقيع على حقوق لكن، المواطنة لا تبنى بالنصوص فقط، بل بالممارسة اليومية. فهل تعيش النساء المغربيات، في القرى كما في المدن، هذه المساواة في حياتهن الفعلية؟

تؤكد مريم ان هنا بالرغم من وتيرة التقدم المسجل في التجربة المغربية في مجال النهوض بحقوق النساء، فإن الواقع يكشف عن فجوة واضحة بين الالتزامات القانونية من جهة، والممارسة اليومية من جهة أخرى. ويبرز ذلم على مستوى مدونة الاسرة حيث زواج القاصرات  وقضايا الارث ، خير دليل على عمق التحولات الاجتماعية والثقافية.

أما على المستوى المجتمعي، فتشير مريم هيمنة مطلقة لسلطة الأعراف والعقليات التقليدية، لا سيما في الاوساط القروية، حيث تظل من أبرز العوائق التي تعوق إمكانية تمتع النساء بحقوقهن كاملة، سواء تعلق الأمر بالولوج إلى العدالة، أو التعليم، أو سوق العمل. ومنه التمكين الاقتصادي والسياسي، حيث لا تزال مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية محدودة، إذ لا تتجاوز 23 %، كما لا تتعدى نسبة النساء في البرلمان 24 %.  مما يؤكد جزما محدودية الحضور النسائي في مراكز القرار، وضعف مشاركتهن في توجيه السياسات العمومية.

هذه الصورة لا تشكل اختزالا لكل التحديات التي تؤسس للقضايا النسائية، بل هي في جوهرها قضايا مواطنة فحين تحرم النساء من ممارسة حقوقهن كاملة، فإن المجتمع بأسره يخسر نصف طاقاته، وتتراجع فرصه في تحقيق تنمية شاملة ومتكافئة.

المواطنة المتساوية هي المدخل للتغيير بالنسبة لمريم ومن أجل سد الفجوة بين الالتزامات القانونية والواقع المعيش، يبرز عدد من الخطوات الأساسية التي يمكن أن نعتبرها كرافعة حقيقية لتعزيز حقوق النساء وترسيخ المواطنة المتساوية. أن المساواة ليست مطلبا حقوقيًا معزولا، بل مدخلا لبناء ديمقراطية قوامها الكرامة والمشاركة. فحيثما تنتقص حقوق النساء، تضعف شرعية المؤسسات، ويتراجع منسوب الثقة في الدولة. بل إن تحقيق المساواة الفعلية هو السبيل لتجذير المواطنة الكاملة، التي لا تميز بين المواطن والمواطنة، بل تحتفي بالاختلاف في إطار العدالة والإنصاف.

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وفي إطار مهام المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم الاستراتيجية الوطنية للرياضة 2008-2020، نظم مجلس النواب، أمس الخميس 18 دجنبر 2025 بمقر المجلس بالرباط، منتدى دوليا حول الرياضة تحت شعار "نحو استراتيجية وطنية للنهوض بالرياضة".
من طنجة الى الكويرة، عاش المغاربة لحظات من الفرحة العارمة بعد تألق المنتخب الرديف في نهائي كأس العرب وتحقيقه الفوز على المنتخب الأردني في مباراة وصفت بالتاريخية.
قائمة الالعاب المشمولة في هذا التحذير تشمل الالعاب البلاستيكية، والدمى المحشوة، والاجهزة الالكترونية.