ففي الوقت الذي يتسابق فيه صناع الخير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الأرض لجمع التبرعات المادية لتوصيلها للمناطق المتضررة من الزلزال، يتسابق تجار الكوارث أيضاً لكسب المزيد من المتابعين، أو تخزين السلع لبيعها فيما بعد بأسعار أعلى، وأخيراً تتبارى الدول الانتهازية في محاولة فرض سيطرة افتراضية على المغرب الذي يتمتع بسيادة مستقلة .
تجاوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جميع الأعراف الدبلوماسية، وخرج عبر حسابه الرسمي على موقع نشر التغريدات “X”- “تويتر سابقاً”، ليوجه خطاب مباشر للشعب المغربي، ضارباً عرض الحائط بجميع البروتوكولات والطرق الدبلوماسية التي تسلكها الدول ذات السيادة في التعامل مع غيرها ممن تتمتع باستقلالية قرار وانتقاء للمساعدات وفقاً لاحتياجاتها وأجندتها الداخلية، واستمرت الجزائر في سياسة الاستعراض الإعلامي واستغلال المواقف، فعلى الرغم من قرارها بفتح المجال الجوي أمام المساعدات وفرق الإنقاذ الدولية، إلا أن الإعلام الجزائري مستمر في الهجوم على الدولة المغربية ورموزها، مُنكرين حق احترام الشهداء، وتقدير أحزان وطن بأكمله في ظرف استثنائي تعاطف معه القاصي والداني.
شكلت التغطية الإعلامية لبعض المواقع والقنوات التلفزية المغربية والعالمية شكلاً من أشكال التجارة بالكوارث الإنسانية، فلم يراعِ بعضهم الدليل الإعلامي الاحترافي في التعامل مع الكوارث الطبيعية، وتجاهلوا تماماً أخلاقيات مهنة الصحافة، فتسابق البعض منهم لتصوير الجثث، والأطفال كاشفين عن أسمائهم وملامحهم، التصرف الذي يحرمهم من حقهم الطبيعي في النسيان، خاصة وأن الكثير منهم ما زال تحت تأثير هول الصدمة ووجع الفقد.
تجاوز هوس بعض صناع المحتوى والمؤثرين بجمع المتابعين، وجذب المعلنين حدود المنطق، فتسابق الكثير منهم عبر سيارات غير مؤهلة للطرق الجبلية حاملاً الكاميرات والعدسات، ليصور نفسه وهو يمنح الأطفال بعض علب الحليب، وتسبب بعضهم في إغلاق الطرق المؤدية للدواوير المنكوبة نتيجة توقفهم باستمرار لالتقاط الصور وبث الفيديوهات المباشرة عن قيامهم بأعمال الخير.
تم نشر قوائم عشوائية لبعض الدواوير التي قيل إنها تعاني من خصاص المواد الغذائية والخيام، وتكرر الذهاب إليها من جمعيات مختلفة إلا أن تجار التبرعات كانوا يسبقونهم لإيهامهم بأنهم قاموا بمساعدتهم، ويطلبون من الجمعيات الذهاب لدواوير أخرى غير مذكورة بالقوائم، حيث ينشط السماسرة ومحتكري البضائع، مما تسبب في اختفاء بعض السلع مثل البطانيات من مدن الدار البيضاء، الرباط والقنيطرة، وتضاعف سعرها بسبب تخزينها وعدم توزيعها على سكان مناطق زلزال الحوز.
لذلك طلبت بعض الأصوات العاقلة من المواطنين والجمعيات التأني في عملية توزيع المساعدات، وعدم الانسياق وراء الحملات الافتراضية، والتريث لحين احتياج الناجين من الزلزال لمساعدات حقيقية في بناء منازلهم المنهارة.