عائشة حليم : لدينا مشاريع مهمة لمحاصرة الهدر، لكنها لم تخضع لأي تقييم أو تقويم للجدوى…

ضعف التكوين، الظروف السوسيواقتصادية، والنموذج التقليدي القائم على التلقين وضعف جاذبية المدرسة، هي بعض الاسباب التي تثيرها أستاذة علم الاجتماع عائشة حليم لتفسير إشكالية الهدر الدراسي، الذي تمتد بنظرها على امتداد المسار الدراسي من الابتدائي الى الجامعي.
عائشة حليم أستاذة علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس الرباط

هل يستقيم الحديث عن الهدر في المستويات الاولى للتعليم او هو حاصل في جميع المستويات التعليمية من الابتدائي الى الجامعي  ؟

يعتبر الهدر الدراسي واحدا من أهم التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية والتربوية، ويخترق كل المراحل التعليمة بما فيها الابتدائي و مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي، ويتواصل الى المستوى الجامعي الذي لا يتم التركيز عليه، وأعتقد بأن مستوى الهدر فيها أخطر، فمثلا، من ألف طالب مسجل في الإجازة الأساسية في كليات الاستقطاب المفتوح، لا يحصل على الاجازة إلا ما يناهز خمسة وستين طالب وطالبة.ينسحب الأمر أيضا على مستويات الماستر التي تخضع للمباريات، بحيث يتم تسجيل ثلاثين طالبا  يتخرج منهم عشرة.

بالنسبة للمستويات الابتدائية والاعدادي والثانوية، هناك إحصائيات تتحدث عن معدل حوالي 331.000 تلميذ وتلميذة يغادرون المدرسة سنويا، وذلك لأسباب متعددة.ورغم البرامج والمجهودات المبذولة، هناك صعوبة في محاصرة الهدر لارتباطه بمنظومة وبنية اجتماعية ذات أبعاد متعددة. 

ما هي أهم  الاسباب التي تفسر اشكالية الهدر  وصعوبة الحد منها ؟

يقتضي الأمر الاقرار منا بأن الاسقاط والتعميم صعب، هناك حالات وهناك قواسم مشتركة.

علينا أولا  الانتباه إلى أن الهدر يتم ضمن مستويات مختلفة : الهدر في المجال الحضري ليس هو في المجال القروي، يحضر تأثير الجانب الاجتماعي في المجالين معا، فالعامل السوسيو اقتصادي يؤثر في الهدر في المجال القروي المتصف عموما بقلة الموارد، بنفس الوقت ينسحب ذلك على المجال الحضري حيث تنتشر  أحزمة الفقر، وحيث يمكن أن تكون الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية سببا مباشرا في الهدر المدرسي .

يقتضي الأمر أيضا  التمييز بين الذكور والاناث اللواتي تمثلن النسبة الأكثر هدرا لأسباب ثقافية.

كذلك الدوار القريب من الطريق ليس هو الدوار الأبعد، احياء السكن العشوائي بأحزمة المدن ليست هي وسط المدن فالتمدد الحضري خلق احياء محسوبة على المدينة لكنها لا تتمتع بالفرص أو البنيات، في التشخيص ليست هناك قاعدة عامة، ولذلك يجب أن تكون المجهودات المبذولة ذات طبيعة مرنة وتستجيب لكل فئة ولكل خصوصية .

 الواقع عنيد ويحمل اختلالات كثيرة، والوزارة حقيقة بذلت مجهودات و قدمت إجابات للمشكل من خلال تأمين النقل أو المطعمة أو الدعم بينما تختلف الظروف من شخص لآخر ومن مجال جغرافي لآخر ويجب مراعاة التناسب. 

بالاضافة الى الاسباب الاجتماعية، ماذا عن ضعف المستوى التعليمي وجاذبية المدرسة ؟ 

من المؤكد أن إشكالية الهدر المدرسي لا ترتبط بالجانب الاجتماعي فقط بانعدام النقل المدرسي وضعف البنيات التحتية  من قبيل المسالك الطرقية التي تقرب المدرسة من التلاميذ، لكنها تتعلق أيضا بتدني مستوى التعلمات الذي يدفع  المتعلمين إلى مغادرة فصول الدراسة، بسبب التعثرات التعليمية المختلفة، وضعف التكوين. التجسيد الأبرز لذلك هو مستوى الطالب في الجامعة والذي يبرز ضعف التكوين في المستويات السابقة .

يتعلق الأمر بنوع من التأجيل للهدر،  فالطالب غير قادر على المواكبة بسبب إكراهات ضعف اللغة الفرنسية والانجليزية أو غيرها من المواد، لا يواكب لا يستطيع التحليل والفهم لأنه مبرمج على التلقين والحفظ،  يستهدف المنحة الدراسية في البداية ثم يبدأ مسلسل التسرب و الهدر.

دعيني أقول أن التفاوت اللغوي عنصر مؤثر في الهدر، فهناك تلاميذ كان توجههم علميا، وبسبب ضعف اللغة الفرنسية، غيروا التوجه الى تخصصات أخرى، أو فضلوا الانقطاع لأنهم لم يستطيعوا تجاوز الضعف اللغوي، وما يستتبعه من شعور بالاقصاء خاصة مع وجود أساتذة يكرسون ذلك.

ماذا عن جاذبية المدرسة ؟

المدرسة لم تستطع أن  تعزز جاذبيتها، لأسباب كثيرة يصعب طرحها هنا، لكن ليس هناك دراسات خاصة تمكننا من رؤية الاختلالات وسط المؤسسة وتصحيحها ان كل ما يقال اليوم عن الهدر المدرسي ليس معززا بدراسات وافية، بل هو مبني على ما نعايشه في الواقع المدرسي والجامعي، بينما يقتضي الأمر توفير تقارير وأرقام سنوية لكل مدرسة أو مؤسسة أو جامعة لنعرف عدد المسجلين، ومساراتهم في كل المراحل ثم تقييم التعلمات والخلل المؤدي للهدر و الاجراءات المتخذة لمحاصرته.

يفسر ضعف التكوين جزء مهما من  اشكالية التعليم وسببا مباشرا للهدر، لقد وضعت الوزارة مثلا مشروع الفرصة الثانية، لكن  الاستاذ  والتلميذ يتعامل معها بنفس الفلسفة و لا يأخذ الأمر بجدية رغم أنها فرصة ثانية ولم نصل لانخراط حقيقي فيها من طرف التلميذ والاستاذ، الفرصة الثانية تعطى للمتعثر من أجل الارتقاء ، لكن عندنا تمنح بنوع من الانتقائية .

لدينا مشاريع مهمة لمحاصرة الهدر برنامج تيسيير، برامج الدعم الاجتماعي، الحقيبة المدرسية، ولكنها لم تخضع لأي تقييم أو تقويم  للجدوى لتجاوز الاختلالات التي عرفها التطبيق . 

البعض يتحدث عن متغيرات أخرى مرتبطة بثمثلات وقيم جديدة حول المدرسة والنجاح الاجتماعي والتي تساهم في نوع جديد من الهدر، كيف نقرأ ذلك سوسيولوجيا ؟

النجاح لم يعد مرتبطا  بالمدرسة لدى فئات كثيرة، والمسار الكلاسيكي ليس هو النموذج ، هناك من يريد الوصول بأقصر الطرق ولا ينتظر المدرسة التي كانت تمثل المصعد الاجتماعي.

هناك تداول لأفكار من قبيل أن المدرسة تخرج العاطلين، وهناك تمثلات أن المدرسة لا تخلق النجاح وهي تمثلات محبطة، ثم هناك نماذج «ناجحة» بعيدا عن المدرسة، هناك أيضا نماذج لمتعلمين متفوقين بامكانات استثنائية، ويختارون عدم الامثتال للضوابط التعليمية المعروفة، وبناء مسارات ذاتية التعلم، وهي نماذج يصعب توصيفها بالهدر.

لقد انتبهت وزارة التربية الوطنية لمعطى بناء شخصية المتعلم، واستقدمت فكرة الكفايات الحياتية لدفع الطلبة للابتكار، يتطلب ذلك انخراط الاسرة والاستاذ،

لأن هناك فئات من التلاميذ  التي تتمتع بالتفوق في هذه الكفايات، ومنهم من يتجاوز الدروس الى التعليم الذاتي بمساعدة الانترنيت بينما يشرحها الاستاذ بطريقة متجاوزة .

مدرسة الريادة، اجازة التميز هي إجابات  لتشجيع هذه الكفايات المختلفة عوض البيداغوجيا التقليدية التي يجب تغييرها (التلقين) لكن المشكل في البيئات الحاضنة، لقد غيرنا  البرامج ولم نقم بالتكوين المستمر للأساتذة و الموارد البشرية .الرقمنة والمهارات الناعمة طموح لكن التفعيل شيء آخر فليس هناك تنسيق وانخراط وتكوين مصاحب للاستاذ  الذي بدل تجاوز التفاوتات قد يكرسها، وهذه التفاوتات تسمح بتسرب وتخلف الكثير من المتعلمين عن مواصلة الرحلة التعليمية في محطات مختلفة سواء تعلق الأمر بالابتدائي او الثانوي او الجامعي.

أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، اليوم الثلاثاء، عن إطلاق الحملة الوطنية للتحسيس والكشف عن سرطاني الثدي وعنق الرحم، وذلك في إطار الاحتفال بـ”أكتوبر الوردي”، شهر التعبئة والتوعية حول هذين السرطانين.
تشهد استراتيجيات الحد من مخاطر التدخين تطورًا متسارعًا على مستوى العالم، في إطار السعي للتقليل من التأثيرات السلبية للتدخين على الصحة العامة. ومع الاعتراف العالمي المتزايد بأن الإقلاع عن التدخين يمثل تحديًا كبيرًا للعديد من المدخنين، ظهرت بدائل جديدة مثل "السنوس" وأكياس النيكوتين كأدوات مساعدة للتخفيف من الضرر الناجم عن التدخين.
يقدم مسرح ميدان بتقديم برنامجه الاستثنائي لشهر أكتوبر 2024. تنتظركم سلسلة من الفعاليات الآسرة، مع فنانين مشهورين وعروض لا تُنسى، تجمع بين الموسيقى والمسرح والتقاليد الثقافية. من مشهد الروك الأمازيغي إلى الفكاهة التي لا تقاوم، بما في ذلك الألحان الخالدة للمغنية وردة .