قبل أيام صدر التقرير العالمي عن السعادة الذي يصنف الدول من الأكثر الى الأقل سعادة، وبينما تصدرت فلندا رأس الترتيب، احتل المغرب المركز 112 ضمن هذا التقرير الذي تصدره مؤسسة «غالوب» لاستطلاعات الرأي ومركز «أكسفورد» لأبحاث الرفاهية وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.
التصنيف الذي يستند على معايير من قبيل مستوى الرضا عن الحياة، الدعم الاجتماعي، الصحة، الحرية…وغيرها، ليس الا مسوغا للحديث عن السعادة كما يتصورها المغاربة، كيف يعيشونها، أو يطمحون اليها، وما الذي يثيره مفهوم السعادة من ردود أفعال.
المؤكد أن المغاربة مثل غيرهم من الشعوب-رغم التصنيف المتأخر- يبحثون عن السعادة بدءً من القناعات الى السلوكيات، ومن وصايا التنمية الذاتية الى توقعات الأبراج… ما يجعل مفهوم السعادة وشرطها مرتبطا بالثقافة المجتمعية والتي تحمل الكثير من المؤشرات التابثة والمتغيرة.
عندما نتحدث عن السعادة الفردية، فإننا غالبا ما نشير إلى مشاعر شخصية من الفرح والرضا والقناعة بالحياة. إنها تجربة شخصية عميقة، تتأثر بعلاقاتنا وإنجازاتنا الشخصية ومستوانا المادي (إلى حد ما) وشعورنا الداخلي بالسلام، يشرح لنا هشام العمراني، الخبير في التنمية الذاتية الذي يدعو لاستحضار الفرق بينها وبين مفهوم السعادة كما يتحدث عنها التقرير العالمي.
«السعادة الوطنية، كما يقيمها تقرير السعادة العالمي، تتبنى رؤية أوسع. إنها محاولة لقياس الرفاهية الجماعية لمواطني الدولة. يشمل ذلك النظر في عوامل مثل الأمن الاقتصادي، وشبكات الدعم الاجتماعي، والحصول على الرعاية الصحية، والشعور العام بالحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخل المجتمع. إنها مختلفة عن السعادة اللحظية لفرد واحد، وهي نوع من تقييم الحياة العامة لمجموعة من الناس».
السعادة هي شعور بالازدهار والتوازن، تؤكد «صوفيا الخنساء بنتامي» المدربة المتخصصة في علم النفس الإيجابي والعلاج بالضحك وهو « توازن يجمع بين الحياة الشخصية والمهنية، وقبلهما التوازن في علاقتنا مع أنفسنا، فالسعادة، تمنحنا أيضا الشعور بالأمان والسكينة».
ما الذي يحتاجه المغربي ليكون سعيدا؟ سؤال طرحناه على صوفيا التي تعتبر المغربي «مثل باقي سكان الكوكب، يحتاج، لكي يكون سعيدا، إلى وجود روابط عائلية جيدة، فالعائلة، بشكل عام، لها أهمية كبيرة للجميع، لكنها أكثر أهمية بالنسبة للمغربي والمغربية، لأن العائلة في ثقافتنا، في بلدنا، تُعتبر مقدسة». لذلك، إذا كانت الروابط العائلية قوية، متينة وإيجابية، فإن مفهوم السعادة سينمو، وعلى العكس، فسيتراجع الشعور بالسعادة في حالة هشاشة هذه الروابط».
المال مهم جدا في حساب السعادة «المال مهم جدا للمغاربة لأنه يسمح بالعيش بكرامة، فدخل جيد يسمح بحياة كريمة، وبالتالي، فإن الشعور بالسعادة سيزداد. ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على المداخيل فقط، بل يشمل أيضًا حسن إدارة المال، تؤكد صوفيا التي تضيف عوامل أخرى تؤثر على السعادة، «مثل العلاقات مع الأصدقاء، والحياة الزوجية التي أضعها في نفس مستوى العلاقات العائلية، وكذلك العلاقات المهنية، إدارة الصراعات والتواصل».