ليست مجرد ملاحظة تلك التي قادتنا لطرح بعض عناصر التفكير في هذا الموضوع، اٍذ أن مؤشرات كثيرة تسندها، لقد صار الاهتمام بالجسد معطى واضحا، يعضده الطب والرياضة والاشهار وشبكات التواصل والاقتصاد ونمط العيش..، مع ذلك علينا التسلح بكثير من الحياد في بسط كل الآراء التي استقتها نساء من المغرب، اذ أن الحديث عن الجسد يقود رأسا الى السجل الثقافي العام للمجتمع المغربي، وهو ما يجعل من الجسد «واقعة ثقافية» بتعبير عالم السيميائيات المغربي سعيد بنكراد الذي يشير الى أن علاقة الناس بأجسادهم تعكس، في كل الثقافات، نمط علاقاتهم بالأشياء المحيطة بهم، بنفس الوقت تحدد نمط علاقاتهم الاجتماعية، بحيث يكون الكشف عن كل أسرار الجسد، أو التستر على خباياه تأكيدا لقوة حضوره في كل حالات التواصل الإنساني، وأهميته في وضع التصنيفات الاجتماعية المسبقة : حالات اللون أو البدانة أو الثوب الدال على الانتماء إلى ثقافة بعينها..وغيرها .
في العمل في العلاقات الاجتماعية في مجال الصحة، الاقتصاد والثقافة والسياسة وغيرها، يحضر الجسد والحديث لثريا السعودي باحثة ومؤرخة، ومن خلال أبعاد مختلفة متداخلة أحيانا متناقضة، إذ تحكم التناقضات الكثير من تمثلاتنا حول الجسد، خاصة الجسد الأنثوي تشير السعودي الى ما عرف باقتصاد الجسد الذي صنع ثقافة خاصة ترتبط بالموضة وصناعة الجمال والمعايير الصحية والرياضية، وكل هذه المعطيات تساهم بطريقة ما في النظرة والتمثلات والعلاقة مع الجسد لدى كل منا». من جانبه يعتبر جواد ختام الباحث في العلوم الاجتماعية أن النظرة إلى الجسد الأنثوي يتداخل فيها، تاريخيا، المقدس بالمدنس،الحلال بالحرام التجربة الفردية والسلطة الاجتماعية، فتعطي مساءلة هذا الجسد من مرجعيات مختلفة، جسدا بدلالات متعددة، وهو ما يقصد بالحديث عن جسد ثقافي رمزي.
شكل جسد المرأة موضوعا للإيروتيكا في الفن والأدب،…وكما يحضر في مجال التجارة والصناعة والاشهار يمكن أن يحضر سياسيا، يستحضر جواد حركة «فيمن» العالمية التي بدأت في اوكرانيا ووصلت حتى المغرب، والتي اختارت الاحتجاج والمعارضة والاحتجاج من خلال الصدور العارية، كما يذكر بالتضييق الذي تعرضت له مما يعني المراقبة والتأطير الذي يخضع له الجسد.