المدونة وخطط التطبيق
مثّل خطاب العرش يوليوز2022، الذي دعا فيه جلالة الملك «لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، واصلاح جذري لمدونة الأسرة»، إعلانا عن جيل جديد من الإصلاحات لنص يوجد اليوم في مرمى الانتقادات، وقاب قوسين من التغيير.
«إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها. ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة، مازالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء. والواقع أن مدونة الأسرة، ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة، وإنما هي مدونة للأسرة كلها».
هكذا منح الخطاب الملكي لملف تغيير مدونة الأسرة دفقا جديدا، كما جاء بردا وسلاما وتحفيزا لمكونات الحركة النسائية التي بدأت فصلا جديدا من العمل من أجل الدفع بتغيير المدونة بعد ما يناهز عشرين سنة من التطبيق رافقتها اختلالات بالجملة.
دعم ملكي للتغير
غذت الخطوة الملكية الداعمة للتغيير دينامية الحركة التي انخرطت في نقاش عمومي حول تغيير شامل وجذري للمدونة، في أفق بناء تصور جماعي ومشترك، هكذا أعلنت جمعيات اتحاد العمل النسائي، الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء، فدرالية رابطة حقوق النساء، جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، جمعية صوت المرأة الامازيغية…) عن إحداث «التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة»، وذلك من أجل وضع خطة عمل مشتركة، للترافع وتقديم مقترحات بخصوص قانون أسري يستجيب للواقع اليومي للنساء وللتطورات التي عرفها المغرب على المستوى التشريعي والاقتصادي والثقافي، وللتحولات الاجتماعية خلال عقدين من تفعيل مدونة الأسرة.
جمعيات وفعاليات نسائية
في ذلك تستحضر الجمعيات المؤسسة للتنسيق العمل المشترك والتنسيق، الذي قامت به منذ التسعينيات عبر «المجلس الوطني لتغيير قانون الأحوال الشخصية»، ثم تنسيق «ربيع المساواة» سنة 2002 من أجل إقرار قانون أسرة جديد يضمن المساواة والكرامة للنساء، و«الـربيع النسائي للديمقراطية والمساواة» لسنة 2011.
وحددت «التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة» المرجعية الكونية لحقوق النساء المتضمنة في المواثيق الدولية، ومقتضيات الدستور المغربي كأساس لكل مطالبها من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الاسرة، وجعل قيمة المساواة «قيمة مؤسسة» لكل إصلاح للقوانين الوطنية وكل سياسة عمومية مع مرافقة كل إصلاح بأدوات كفيلة بتفكيك البناء التقليدي للعلاقة بين الرجال والنساء في الحياة الخاصة، من خلال مراجعة الجهاز المفاهيمي المكرس لبراديغم القوامة والأسرة الأبوية وتغيير التمثلات المترسبة في أذهان الأفراد بما يساهم في تكسير الصور النمطية لمهام وأدوار الرجال والنساء.