كيف نحسن التفاوض مع المراهق حين يطلب المال؟

فن التفاوض مع المراهق حين يطلب المال: استراتيجيات عصرية مدعومة بالعلم.

في عالم يزداد تعقيدا وتأثرا بالتكنولوجيا، أصبح طلب المراهق للمال أحد أكثر التحديات شيوعا في الأسر العربية. بين رغبة الأهل في تعليم أبنائهم قيمة المال وحاجتهم للاندماج الاجتماعي، تقع معركة يومية تحتاج إلى أدوات تفاوضية حديثة. لم يعد رد الأهل بـ “نعم” أو “لا” مباشرة كافيا في ظل العوامل النفسية والاجتماعية المعقدة التي تحيط بمراهقي القرن الحادي والعشرين.

دراسة: وعي المراهقين المالي في العالم العربي

كشفت دراسة حديثة نوعية أجراها المركز العربي للبحوث التربوية وشملت 5000 مراهق من 10 دول عربية عن نتائج مذهلة. أظهرت الدراسة أن 74% من المراهقين يتلقون مصروفا منتظما دون شروط مرتبطة بالتحصيل الدراسي أو المسؤوليات المنزلية، مما يشير إلى ثقافة الاستحقاق غير المشروط. كما أقر 62% من المستجيبين بأنهم يطلبون مبالغ إضافية أسبوعيا، بينما لا يناقش سوى 38% منهم مع أسرهم كيفية إدارة المال بفعالية. الجدير بالذكر أن 89% من المراهقين المشاركين في الدراسة شعروا أن احتياجاتهم الاجتماعية – مثل الرحلات والهدايا للأصدقاء والتطبيقات المدفوعة والاشتراكات الرقمية – قد زادت بشكل ملحوظ بعد الجائحة، مما يخلق فجوة بين تصور الأهل والمراهقين للاحتياجات “الأساسية”.

استراتيجيات تفاوضية مدعومة علميا

يؤكد الخبراء أن المفتاح الحقيقي يكمن في تحويل موقف طلب المال من صراع سلطة إلى فرصة تعليمية. فدراسة نشرت في مجلة علم نفس المراهقين الدولية عام 2024 توصلت إلى أن التفاوض البناء حول المال يعزز المهارات المعرفية والتنفيذية لدى المراهقين بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بأقرانهم الذين يتلقون المال دون حوار أو تفاوض. التطبيق العملي لهذا المبدأ يبدأ عندما يطلب المراهق المال، حيث يمكن للوالدين أن يطلبا منه تقديم “عرض مكتوب” مصغر يشرح الغرض من المال بالتفصيل، ويبرر كفاية المبلغ المطلوب، ويبحث عن بدائل أقل تكلفة، ويقترح ما يمكن أن يقدمه بالمقابل – ليس بالضرورة مقابل مالي، بل قد يكون تحسين سلوك أو تحمل مسؤولية جديدة.

من الاستراتيجيات الفعالة أيضا استخدام “مبدأ المشاركة في التكلفة”، وهو ما تدعمه بحوث حديثة من جامعة هارفارد للتربية المالية أشارت إلى أن المراهقين الذين يشاركون في تحمل جزء من تكلفة مشترياتهم الشخصية – حتى لو كانت نسبته 10 إلى 20% فقط – يطورون وعيا ماليا واستهلاكيا أكبر بثلاث مرات من غيرهم. يمكن تطبيق هذا المبدأ عمليا عندما يطلب المراهق هاتفا جديدا بقيمة 3000 درهم، حيث يمكن الاتفاق على أن يساهم من مدخراته بمبلغ 500 درهم، بينما تتحمل الأسرة الباقي. هذه المشاركة تعلمه قيمة الادخار والتخطيط وتقدير قيمة الأشياء.

التواصل العاطفي قبل المالي

تظهر الأبحاث أن 70% من حالات طلب المال المفرط لدى المراهقين تخفي حاجات عاطفية غير ملباة، مثل الرغبة في القبول الاجتماعي أو تعويض نقص الثقة بالنفس. لذلك، فإن السؤال الاستباقي “ما الذي تحتاجه حقا؟” قبل مناقشة المبلغ يمكن أن يكشف عن احتياجات أعمق. مثلا، قد يكون طلب مبلغ كبير لحضور حفلة نهاية العام في فندق فاخر يعكس في الحقيقة خوف المراهق من الإقصاء الاجتماعي أو الرغبة في إثبات الذات أمام الأقران.

من الأساليب المجدية أيضا اعتماد أسلوب “الخريطة المالية الشفافة الجزئية”، مشاركة المراهق في فهم ميزانية الأسرة الجزئية المتعلقة به وباحتياجاته تحديدا، مما يخلق وعيا بالمسؤولية المالية الجماعية دون إثقاله بتفاصيل مالية معقدة. كما يجب تشجيعهم على استخدام التطبيقات المالية التفاعلية التي تحول إدارة المصروف إلى لعبة تعليمية، حيث تظهر النتائج أن المراهقين الذين استخدموا مثل هذه التطبيقات لمدة ستة أشهر زادت قدراتهم على التخطيط المالي بنسبة 65%.

 فرصة للنمو

خلاصة القول، إن التفاوض الناجح حول المال مع المراهق لا يتعلق فقط بإدارة المال، بل هو عملية شاملة لبناء الشخصية. إنها فرصة لتعليم الصبر، والتخطيط، وتحديد الأولويات، وفهم القيمة الحقيقية للأشياء. عندما يتحول حوار المال من مواجهة إلى شراكة تعليمية، فإننا لا نمنح المراهقين مالا فحسب، بل نمنحهم أدوات يستخدمونها طوال حياتهم. 

فن التفاوض مع المراهق حين يطلب المال: استراتيجيات عصرية مدعومة بالعلم.
وصل كيليان مبابي وعُثمان ديمبلي إلى العاصمة الرباط لدعم صديقهما أشرف حكيمي ومتابعة مباراة المغرب ومالي في كأس أمم أفريقيا 2025، وذلك في أول ظهور لحكيمي بعد فترة غياب بسبب الإصابة. 
العمل يركز على حماية وعي الناشئة باعتبارها "معركة سيادة" لمستقبل الأوطان.