المغاربة والعطلة أين ؟ كيف وبأية تكاليف؟

أين؟ كيف؟ وبأية تكاليف؟ أسئلة يشترك فيها الجميع مع ظهور بوادر موسم الاصطياف والعطلة السنوية. السفر جزء من انشغالات وترتيبات من ينتظرون الصيف، خلال ذلك، تظهر أيضا ثقافة المغاربة في الاستمتاع بعطلتهم، بل بعطلهم. ماهي ثقافتهم، إذن، عن فترة محسوبة زمنيا على الاستمتاع والراحة والاكتشاف؟

العطلة تعني السفر كما تقول سمية نعمان جسوس متحدثة عن واحدة من الخيارات الشائعة في قضاء عطلة الصيف تحديدا. والسفر يستدعي سؤال: بأية تكاليف؟ المطروح أعلاه، وبدوره يحيلنا على استجابة المواطن لما تقدمه المؤسسات البنكية من عروض سلف لقضاء عطلته، هكذا نجد أن بعضهم يوقف هذا الموعد السنوي على خدمات البنوك المسماة قروض العطلة أو الاستهلاك على اعتبار أن العطلة شكلا من أشكال الاستهلاك. خدمة ممكنة في ظل توسيع الشركات المالية من استيعاب حاجيات المواطن، والحاجة لقضاء عطلة صارت، اليوم أكثر من أي زمن فائت، ضرورة لا مجرد استثناء. والضرورة، التي، فرضها نظام الحياة المضغوط بالعمل والمسؤولية، والحاجة إلى طريقة لتجديد الطاقة وتعبئة الداخل بالراحة، فرضها أيضا التظاهر الاجتماعي الذي يحيلنا على التباهي بالأسفار، ودخول الناس في منافسة منطلنقها: العطلة سفر لا شيء أخر. 

العطلة مغامرة أيضا

  بحسب مستوياتهم الاجتماعية، كيف المغاربة عطلهم السنوية مع الميزانية، هي من يحدد الوجهة، ويتحكم في المدة، ويلغي أو يضيف بعض مستلزمات الاستمتاع، وهي أيضا من يقيد فضاءها: البيت أم السفر.

اعتادت جنان بن عبود أن تنصت لنفسها من الداخل، حيث الرغبة في تجديد نفسيتها وتقوية ثقافتها وإرضاء أحلام من ماضيها، تتحكم في اختيار الوجهة. المناسبة استثناء ولا يمكن التخطيط لها في ظرف زمني قياسي، كل شيء يخضع للترتيب المسبق، هكذا بدأ اهتمامها بالسفر إلى دول من  أفريقيا الجنوبية، الوجهة كانت بالتحديد إلى أوغاندا في أول عطلة لها بعد سنتين من زواجها الثاني. « ذهبت مع أعضاء من منظمة ديان فورفي» التي صرت عضوة فيها بعدما سجلتني والدتي عبر الأنترنيت، منظمة تعنى بالقردة المهددة بالانقراض، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسستها التي دفنت في غابة أوغاندا المشهورة بالقردة. كنت أحب هذه المجموعات الحيوانية بسبب نظامها في الحياة، أعدت نفس الرحلة مرة أخرى، وواصلت من هناك إلى رواندا عبر السيارة، حوالي ست ساعات في غابات كثيفة السير فيها مغامرة حقيقية، لكن هدوء الغابة التي تفرض توقيف جميع وسائل التواصل، والتحرر من الضغط والاكتظاظ والعالم المصنع، تجعل للمغامرة معنى» تقول جنان التي تتوقف عند ما تقدمه لها الوجهة من استعادة حيوتها وإبهارها بكثير من التأمل.

عطلة نهاية الأسبوع  

في كل أسبوع ينشر برنامج الرحلة عبر صفحته المهنية مدعوما بتفاصيل عن توقيت كل خدمة ونشاط، إنه منظم الرحلات بمنطقة ابن سليمان عزيز مروان، متخصص في السياحة الغابوية التي يراهن عليها لتغيير ثقافة الناس بالعطلة. « العطلة ليست موسمية ومرتبطة بالصيف، العطلة احتياج ينبغي أن يبرمج حتى في نهاية الأسبوع، وهي الإمكانية الوحيدة التي تجعل من الاسترخاء، وتجديد الحيوية عملية غير مؤجلة، يقول عزيز مروان الذي جعله مناخ المنطقة وطبيعتها الجغرافية يفكر في استثمارها سياحيا في برامج عطلة لا تتجاوز يومان، المعنيون بها أكثر هم سكان الجوار في المدن القريبة جدا كالرباط والدار البيضاء والقنيطرة. هكذا صارت السياحة الغابوية وجهة الكثيرين في السنوات الأخيرة، ومعها تغيرت علاقة الناس بالعطلة، حيث  الرياضة والمشي والأنشطة التي تناسب طبيعة الفضاء الممتد إلى غابات معمورة، لها مريدون وعروض سياحية بأثمنة لا تعكس المروج عن غلاء السياحة الداخلية.

في نفس السياق، تعتبر، وصال الغرباوي الكاتبة العامة للكنفدرالية الوطنية للسياحة، أن للمغاربة خاصية مرتبطة بالعطلة، وهي سيئة إذ ليست لهم ثقافة الويكاند خلاف السياح الأجانب الذين يسافرون حتى في نهاية الأسبوع، وأن هذا مرتبط بالولوجيات أي وسائل النقل المرنة والمشجعة  من حيث الثمن، مع ذلك لم تنفي عن كونها ثقافة جديدة، وأنها في السنوات الأخيرة صارت تطور بحكم أن الشباب أصبح يتوجه إلى هذا النوع من الخدمة وحتى العرض السياحي بدأ يتطور بشكل كبير جدا. وللإقلاع شددت على أن «السوق الداخلية هي سوق مهمة، وتشكل ركيزة قوية للاقتصاد السياحي. لكن غير كافية لنقول بأنها قوة الانطلاق لإقلاع القطاع. غير كافية بالنظر إلى حجم زوار الخارج، والذي يقدر ب 13 مليون زائر، وهو غير حجم الزوار المغاربة للمواقع السياحية.

العطلة والصحة النفسية

من وجهة نظر الأخصائي النفسي عبد الرحمان ديدوح: العطلة ليست هي العطلة السنوية فقط وإن كانت هي الأهم، إذ من الضروري بنظره أن يبرمج الناس عطلا متعددة في نهاية الأسبوع والمناسبات، وأن التخطيط لها ماديا أساسي، إذ لا يمكن الاستفادة من راحة العطلة مع التفكير في الإكراه المادي. البعد النفسي لهذا الموعد حيوي ومهم بالنظر إلى أن إمكانات الإنسان محدودة وتصاب بالإرهاق الذي يعتبر حسب الدكتور ديدوح مقدمة للانهيار العصبي. وبالحديث عن الخيارات الموجودة لقضاء العطلة ، يتحدث الدكتور عن البعد العائلي الذي يحضر في الاختيارات، كون البنية الرابطة للمجتمع المغربي لها ارتباط بمكانة العائلة التي تصبح وجهة لقضاء العطلة معها، هذا البعد يفرضه أيضا العائق المادي أحيانا، إذ الكلفة ضعيفة مقارنة بعطلة سياحية بكل أبعادها العصرية.

هوس خارج الحدود

بوكالة أسفار شالة بالرباط، أخبرتنا مديرة الوكالة فاطمة الزهراء لحلو أن وجهة المغاربة في عشر سنوات الأخيرة صارت تايلاند تركيا ماليزيا ومصر والصين، وهي وجهات بحسب الوكالة مشجعة ماديا ومغرية من حيث عروض الرحلات، والكلفة مشمولة بالجودة أيضا في برمجة الاستمتاع الذي يدخل الثقافي فيه بقوة. وهي ترى ان العروض في متناول جميع المستويات. وبالسؤال عما يطلبه الأفراد ردت المعنية بتأكيد أن الغالبية يميلون الى اختيار العروض التي تكون عبارة عن «باك»، وهو عرض فيه أكثر من هدف، كأن يجمع ما بين العمرة في الصيف والسياحة، حيث تقسم رحلة السفر بين قضاء أيام في دبي ومصر وتركيا قبل الوصول إلى السعودية، هذه الخاصية صارت مطلوبة جدا بالنسبة للكثيرين تقول فاطمة الزهراء لحلو.

عطلة وعطلة 

يرى الباحث الاجتماعي حسن قرنفل أن الحاجة للترفيه تتأثر كثيرا بالدخل والميزانية، هذا المعطة أكدته إحدى تقارير المندوبية السامية للتخطيط، والتي بينت أن الطبقة الوسطة لا تدخل العطلة والسفر في برامجها، والحصيلة بالنظر إلى التقرير وإلى مبادرات بعض من هؤلاء هو تدبير عطل على المقاس بالانفتاح على مجالات طبيعية في بعض النقط المعروفة بجاذبيتها، والتي تحولت إلى ما يشبه مراكز للعطل، لكن ببرمجة يومية تجعل للعطلة إيقاعا مختلفا عن خيار السفر الذي يحتاج إلى تدابير مكلفة ومنظمة.

لا يمتلك الأطفال حتى سن المراهقة القيمة المعرفية لأهمية ضبط الوقت، واحترام المواعيد، وتعليم الأطفال تلك المهارة يمنحهم مفتاح سحري لتجنب الكثير من المشكلات في الكبر.
هي الحكواتية التي دخلت حقل الحكي بالصدفة المحضة في بلد موليير. استثمرت كتاباتها وما سمعته في جلسات الجدة والوالد  لتبصم هويتها الإبداعية بتميز.
الفنان مصطفى مفتاح يفتح لكم أبواب عالمه في غاليري أفريكان آرتي يوم الخميس 26 شتنبر على الساعة 19:00.