انتشرت الألعاب الإلكترونية القائمة على القتال والمطاردة والإقصاء في الآونة الأخيرة، ما يثير مخاوف متزايدة حول تأثيرها على سلوك الأطفال. فهذه الألعاب لا تقدّم العنف كمشهد فقط، بل كآلية للّعب: كلما أظهر الطفل سرعة في الهجوم أو قدرة على تدمير الخصم، يحصل على نقاط ومكافآت، ما يجعل العدوان جزءا من «نجاحه» داخل اللعبة.
يشير خبراء التربية والسلوك إلى أن الطفل لا يتفاعل مع الشاشة ببرودة، بل يعيش داخل اللعبة، يؤدي دور البطل أو المهاجم، ويتدرّب بلا وعي على ردود فعل قائمة على القوّة لا على الحوار. ومع تكرار اللعب، تظهر علامات واضحة مثل الاندفاع، نوبات الغضب، والتوتر عند المنع أو الخسارة. وقد تمتد التأثيرات إلى الحياة اليومية، فيصبح الطفل أقل قدرة على التعاطف وأكثر استعدادا لاستعمال العنف اللفظي أو الجسدي لحل خلافاته.
لكن المسؤولية لا تقع على الألعاب وحدها. فغياب مراقبة الوالدين، ساعات اللعب الطويلة، وغياب بدائل تربوية جذابة كلها عوامل تزيد من أثر المحتوى العنيف. لذلك توصي الهيئات التربوية بتحديد الزمن المسموح به للّعب، اختيار ألعاب مناسبة للعمر اعتمادا على التصنيف الرقمي، وفتح حوار دائم مع الطفل حول ما يراه ويمارسه داخل اللعبة.
وهكذا يصبح الدور الأسري محوريا في تحويل العالم الرقمي من مصدر للسلوك العدواني إلى مساحة آمنة للتسلية والتعلم.