بل وكما نؤكد على ذلك دوما، هي مناسبة لتقويم صيغ مساءلة وضع المرأة، وتقويم الابتكار في مسار النضال… خاصية هذا العدد
خاصية هذا العدد، تكمن أيضا في تركيب قطع «البوزل»، في محاولة للإلمام بملف حقوق المرأة في جوانبه المختلفة، النظرية والتفعيلية، التي تلمس أثرها في وضعيات قيادية ومسؤولة كما مواطنة.
في خضم السعي في تجديد سؤال وضع المرأة، يتعين أن نتحرك في تساؤلاتنا ضمن خريطة غير تقليدية. لابد أن يكون اليوم هناك حاضرا، ليس فقط عند تراكمات المنجز النسائي، بل وباهتمام أكبر عند تراكمات السؤال المتصل بالمرأة موضوعاً ورؤيةً.
إذن قد نختار هذه المرة واجهة أخرى في تقييم وضعها، ليس بالتركيز على المنجز، بل بالتشديد على صيغ التفكير في المرأة ومساءلتها. كثيرا ما يقول الحكماء إن السؤال أهم من الجواب، وقد يكون، في حالنا هذا، النظر في السؤال الذي نحرك به دواليب التفكير في المرأة وفي قضاياها، أهم من عرض المنجز. التجديد في سؤال المرأة تجديد على نحو ما في المكتسبات المطلوبة. ثمة تحديات عديدة يفرضها راهننا، لا ريب في ذلك. اليوم، على أعتاب مارس، تستقبل النساء «زهور عيدهن»، وتستقبل معه التقدير المجتمعي. المنجز الذي تراكمه المرأة في فعلها اليومي، ربما لا يواكب نفس الحجم من المكتسبات الحقوقية والثقافية بصفتها امرأة. مازال ما هو مرجو من إنصاف حقوقي وثقافي وإنساني للمرأة، متخلف عن طموحات النساء المشروعة في فضاء المجتمع الحديث والمتقدم، مازالت تعيق تحقيق ذلك أغلالُ الذكورية المتكلسة.
في مارس من العام الماضي، والذي قبله أيضا، تلقينا نحن معشر النساء على نحو ما ورود التهنئة «بعيد النساء»، وصيغا متنوعة من التعبير عن هذا التقدير بالمرأة، لكن في المقابل، يظل هذا التقدير حبيس بروتكول مناسباتي لا غير. إنه انطباع ترسخ لدي ولعل نساء كثيرات يشاطرنني تلقيه. لا أدري، هل هو مجرد استغلال للمثول والحضور في المناسبة والتقاط الصور، بل وحيازة لنوع من «المرئية المحمودة»؟ لكن لماذا يظل احتفالنا منقوصا بهول القناعة أن الحصيلة في مكاسب المرأة النوعية والثقافية مازالت تمضي بوتيرة متعثرة؟
علينا ربما أن ننشغل في سياق تشخيص خلل الوتيرة المتعثرة، أن نقف عند الانطباع الذي يترسخ لدى المجتمع عن مطالبنا. لماذا تخشى التكتلات الذكورية مطالبنا الثقافية والنوعية؟ لماذا يضعون بالضرورة المطالب النسائية، تحت تأثير حسابات ذكورية، في مقابل مصالحهم أو مكاسبهم، أو ضمن تركيبة تبدو كما لو أنها تهديد لحريتهم واستقلاليتهم وحتى رجولتهم. بأي صورة تنطبع في وجدانهم أحاديثنا عن كرامة المرأة، وعن كبريائها وعن حقوقها النوعية والثقافية؟
ربما هناك خلل في الانطباع الذي يجب أن نسجله في كلمة الشكر التي نوجهها لمن يهدي إلينا ورودا، أو يرسل إلينا تحية بالمناسبة. نأمل أن يكون «عيد النساء» القادم، ومارس المقبل الذي سيحضنه، بمستوى من الانعطافة بحيث تحمل المناسبة القادمة لنا معشر النساء ليس ورودا بلاستيكية وتحايا بروتوكولية، بل مكاسب ثقافية ونوعية وحقوقية للمرأة.