العنف ضد النساء.. المسؤولية المشتركة

إن مكافحة العنف ضد المرأة تتطلب تغييرًا جذريًا في المواقف والمعايير الاجتماعية. وهنا يأتي دور التعليم والتوعية كأداة أساسية للتغيير.

لا يزال ملف العنف ضد المرأة ملتهبًا، والطريق طويلًا للحسم فيه كواحد من أكبر التهديدات التي تعيق تطور الأسر والمجتمعات والصحة النفسية. إنها ظاهرة عصية على الزوال، تتحدى الزمن وتتلون بأشكال متعددة، متجاوزة حدود النضال الحقوقي والقوانين المحدودة. رغم التقدم الملحوظ في مجال حقوق المرأة على مدى العقود الماضية، إلا أن العنف ضد النساء لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا يواجه المجتمعات في جميع أنحاء العالم.

 وفي كل عام، تخصص الأمم المتحدة حملة عالمية تمتد لثلاثة أسابيع لمناهضة كل أشكال العنف ضد نساء العالم. هذه الحملة ليست مجرد فعالية سنوية، بل هي تذكير مستمر بالحاجة الملحة لمواجهة هذه الظاهرة المستفحلة. وفي هذا السياق، تبرز إحصائيات مقلقة من منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء تقريبًا تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي في حياتها.هذه الأرقام ليست مجرد أعداد، بل هي قصص حقيقية لنساء يعانين يوميًا من آثار العنف الجسدية والنفسية.

 إن تفشي ظاهرة العنف ضد المرأة لا يقتصر على مجتمع دون آخر أو طبقة اجتماعية معينة. فهي ظاهرة عابرة للحدود والثقافات، تضرب بجذورها في عمق المجتمعات الإنسانية. ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن العنف ضد المرأة يتخذ أشكالًا متعددة، بدءًا من العنف الجسدي والجنسي، مرورًا بالعنف النفسي والاقتصادي، وصولًا إلى أشكال أكثر خفاء كالتحرش الإلكتروني والعنف الرمزي في وسائل الإعلام والإعلانات.

.  ورغم إصدار العديد من البلدان لقوانين مكافحة هذه الظاهرة، إلا أن ضعف التنفيذ والأعراف الثقافية  والاجتماعية تفاقم من تداعياتها. مما يبرز الحاجة إلى نهج أكثر شمولية. هذه الفجوة بين التشريع والتطبيق تشكل عقبة كبيرة في طريق مكافحة العنف ضد المرأة. 

إن مكافحة العنف ضد المرأة تتطلب تغييرًا جذريًا في المواقف والمعايير الاجتماعية. وهنا يأتي دور التعليم والتوعية كأداة أساسية للتغيير. فقد أظهرت دراسة في إسبانيا أن البرامج التعليمية يمكن أن تقلل من المواقف التي تبرر العنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة تصل إلى 30% بين المراهقين. هذه النتائج تؤكد أهمية البدء بالتوعية من سن مبكرة، وضرورة إدماج مفاهيم المساواة بين الجنسين واحترام الآخر في المناهج الدراسية.

 فالمسؤولية مشتركة تقع على عاتق الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص وكل فرد. نحتاج إلى استثمار مستدام في الوقاية، وخدمات دعم الضحايا، وتطبيق فعال للقوانين. كما أن تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا يعد عنصرًا أساسيًا في استراتيجية مكافحة العنف، إذ أن النساء المستقلات اقتصاديًا هن أقل عرضة للوقوع ضحايا للعنف وأكثر قدرة على مواجهته. 

إن دور المنظمات غير الحكومية والجمعيات النسائية في هذا المجال لا يمكن التقليل من أهميته. فهذه المنظمات غالبًا ما تكون في الخطوط الأمامية، تقدم الدعم المباشر للضحايا وتضغط من أجل تغيير السياسات. لذا، من الضروري دعم هذه المنظمات وتمكينها من القيام بدورها بفعالية. كما أن إشراك الرجال والفتيان في جهود مكافحة العنف ضد المرأة أمر بالغ الأهمية. فالعنف ضد المرأة ليس «قضية نسائية» فحسب، بل هو قضية مجتمعية تتطلب مشاركة الجميع. يجب تشجيع الرجال على أن يكونوا حلفاء في هذه القضية، وأن يتحدوا الأعراف الاجتماعية الضارة التي تغذي العنف. 

العنف ضد المرأة ليس قدرًا محتومًا. فبالالتزام المتجدد، والموارد الكافية، والعمل المنسق، يمكننا أن نطمح إلى مستقبل تعيش فيه جميع النساء بحرية وأمان، بعيدًا عن العنف والخوف. إن بناء مجتمع خالٍ من العنف ضد المرأة هو استثمار في مستقبل أكثر عدلًا  وازدهارًا للجميع.

الطريق قد يكون طويلًا وشاقًا، لكن كل خطوة نخطوها تقربنا من هذا الهدف النبيل علينا أن نتذكر دائمًا أن التغيير يبدأ من داخل كل واحد منا، من خلال تحدي أفكارنا الخاصة وسلوكياتنا، ومن خلال رفع أصواتنا ضد كل أشكال العنف والتمييز.

يسر إدارة المدرسة العليا للأساتذة بتطوان ومختبرها للبحث في علوم المعلومات والتواصل والخطاب الإعلان عن تنظيم النسخة الثانية من "المؤتمر الدولي لعلوم التواصل" (CISC'24)، الذي سيُعقد بمدينة مرتيل في المملكة المغربية خلال الفترة من 28 إلى 30 نوفمبر 2024.
لا يزال هذا النوع من الزواج مسموحا به بموجب القانون المغربي في بعض الحالات، مما يحرم آلاف الفتيات من حقوقهن الأساسية.
تيبو أفريقيا وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز يحتفلان في المغرب بشراكتهما من خلال تسليط الضوء على الرياضة كوسيلة لرفع مستوى الوعي حول فيروس نقص المناعة البشرية والنوع الاجتماعي وحقوق الإنسان.