لا توظيف مجاني لأدوار النساء في أفلامك من جناح الهوى ومقطوع من شجرة وحتى صيف 55 الذي يعرض بالقاعات السينمائية، هل هناك من يشحن لديك هذا الاختيار ؟
شحناته من محيط بيتنا العتيق الذي عشت وكبرت فيه بين ثلاث نساء، وقد كان التواضع والمسؤولية أهم ما في وسط استأسد عليه نساؤه بكثير من الرقي. أمي، رحمها الله، كانت أمية لكن، كانت لها سلطة تحافظ بها عن مكانتها داخل الأسرة. السلطة والقرار الذي كان لها لم يكن يلغي الحوار بيننا في كل شيء. والدي كان يشتغل في الخارج، رجل متدين ومتفتح في ذات الآن، يشبه تقريبا البطل في فيلم 55 ، كان هو المتكفل بالأسرة ماديا، لكن كفالته تحفظ لسيدة البيت مكانتها فيه، حتى أني لا أحتفظ في ذاكرتي بخصام بينهما. في هذا الجو كبرت، ومن خلاله شكلت صورتي عن المرأة وعن مكانتها، حتى الأفلام التي كنت أشاهدها في صغري تحضر فيها نساء مجتمعنا بما يليق بأدوارهن الكبيرة كمقاومات. إذن الأرضية كانت مهيأة عندي لصور بعيدة عن التنميط والنمطية التي لا تعكس الواقع الحقيقي بقدر ما تحمل خلفية جهة أو عقلية معينة. لذلك لا أجد منطقيا أن يشاد بمشاركة المرأة ضد المستعمر وحين الحصول على الاستقلال يتم مناصرة فكرة إعادتها للبيت والاكتفاء بدور ربته. الحق ليس فيه أولويات بالنسبة لي، والمقاومة ضد الاستعمار و حرية المرأة» بحال بحال»، وهذا ما اشتغلت عليه في الفيلم صيف 55 الذي يعكس نظرتي ل «العيالات». ويعكس النظرة التصحيحية للسائد، ومن صور ذلك أنه عندما قتل العسكر أمينة المقاومة، ذهبت امرأة في جنازتها على غير عادة المجتمعاتنا العربية، نفس الصورة كانت في بيتنا، عندما توفي والدي كسرت حفيدته المعتاد وهي تفرض الذهاب في الجنازة. اعتبر هذا نوع من الاشتغال السينمائي على قضايا فيها حيف بحكم العادة، والهدف إعادة التوازن إلى الحياة التي تجمع الجنسين، هذه الخلفية هي نفسها موضوع فيلم «المقطوع من شجرة» و الذي أثار قضية الإرث وكيف تظلم فيه النساء عندما يكون أخ الزوج ولا يكون لها إبن. أظن أننا كمخرجين ومنتجين ومثقفين وكتاب لا يمكن القيام بعمل دون أن يكون فيه التزام بقضية معينة. لدي مبدأ أساسي في السينما وهو بلوغ أقصى الأبعاد في الاشتغال على العلاقات بين الرجل والمرأة سينمائيا بهدف بلوغ المناصفة والمساوة.
كيف يحضر الرجل سينمائيا إذا كان خلفية المساواة والمناصفة تحكم أعمالك؟
وجهة نظري لا أخفيها وهي أن الرجال أقل قوة من النساء، لذلك في فيلم جناح لهوى مثلا يأخذ التهامي وقتا ليعبر عن ما عبرت عنه حبيبته التي تؤدي دورها» أمل عيوش» عن كونها لأول مرة يلمسها رجل، نفس الحالة كانت لدى التهامي لكنه لا قوة له ولا جرأة للتعبير عن إحساس يجد أنه يمس بما أوصاه به المجتمع، وهو عدم الضعف. الرجل مشحون ومظلوم في تربية المجتمع، لذلك أجد أنها الأقوى والأكثر صلابة عكسه.
أعمالك السينمائية فيها جرأة كبيرة هل معنى هذا أن حريتنا سينمائيا بخير؟
عندما خرج فيلم «جناح الهوى» وشاركت فيه في مهرجان مونبولي، قدمه مديره المختص في السينما العربية بتأكيده على أنه الفيلم العربي الأكثر سياسيا ايروتيكيا. أنا أمشي بمبدأ قالته مارغاريت دوراس لا يكون الجسم عاريا إذا كانت فيه قصة، إذا كان بدون قصة هو فيلم بورنوغرافي. وأفلامي الجريئة فيها قصة تبرر اللقطات الحميمة فيه.
السينما في المغرب هل هي بخير؟
هناك هبوط وصعود يعبران عن نشاط وركود. هناك إنتاجات كثيرة ومهمة، والأهم هو جيل جديد من السنمائيين الشباب، النساء فيه لهن حضور بارز وكبير.
55 رقم معبر تاريخيا كيف جاء اختيارك له كاسم لفيلمك الأخير، لأن معلوماتي تقول بأن أوما لولو كان اسمه الأول؟
كنت في المدينة القديمة بفاس أكتب سيناريو الفيلم عندما تقدم مني بعض الأشخاص بلوم كبير عن كيف أكتب عن مدن مثل الصويرة ولا حظ لمدينتي في أعمالي السينمائية. في هذه اللحظة كانت موسيقى أغنية فويتح أوما لولو تداع في فضاء المقهى، فكرت في أن يكون اسم الفيلم أو ما لولو وحتى موسيقى الجينيريك فكرت أن تكون منه أيضا مع إضافات مسموح بها، اتصلت بأبناء فويتح رحمه الله للتأكد مما قيل لي عن كون الأغنية جاءت بعد نفي الملك محمد الخامس، نفوا أي ربط بين الأغنية ونفس الملك. هذا ما جعلني اختار الفترة التي يدور فيها الفيلم عنوان له وهي سنوات الخمسينات وبالضبط 55 ، اعتبر الاسم دالا وليس مجرد عتبة فارغة في أي عمل.
ما حض السينما المغربية من الكتابات الروائية التي تعرف نشاطا كبيرا؟
أول تجربة كانت لي مع الروائي محمد نضالي عندما قرأت روايته التي أخذت منها فيلم جناح الهوى. الرواية ألهمتني كثيرا سينمائيا. اتصلت بنضالي لتأكيد رغبتي في تحويلها إلى عمل سينمائي بعد إعجابي بالشخصية التي اقتحمت كل تفاصيلها، رحب بالفكرة وتصاحبنا حتى أني جئت به إلى الدار البيضاء من مراكش، وأظن أن النتيجة سينمائيا كانت رائعة.