
رمضان في إسبانيا، يشكل مناسبة لإشعال رنات تيك توك. من يعمد إلى تسجيل التحايا، ومن يجتهد في نقل تجارب روحية، ومن يهتم بتوجيه الخطابات المختلفة. تيك توك جاهز لكل شي، وهو طوع البنان في نقل كل فرد إلى حيث لا يحلم يوما أن تطأ اقدامه تراب ذلك المكان.
كنزة مغربية بإسبانيا، يعرفها كثير من المقيمين بإشبيلية مباشرة. و نحن الذين ترددنا في مناسبات على مطعمها لتناول الأطعمة المغربية التقليدية. يصير مطعمها في رمضان مقصدا لكثيرين حيث تعد أطعمة الإفطار. تجربة نجاح هذه المغربية التي أتت بها ظروفها من أحراش ويلبا حيث عملت في حقول قطف التوت الأحمر، واستقرت بها في إشبيلية حيث تدير مطعما ناجحا، كان دليلَ المتأملين لعزم هذه المرأة في تغيير واقعها، وبسط الطريق أمام حُلمها. فصارت مقصدا لمن ينشد «دجاجا محمرا» او «طاجين لحم بالبرقوق» أو «البسطيلة» أو «الكسكس» بطبيعة الحال. يُقبل عليها إسبانيو إشبيلية كما مغاربتها وباقي الأجناس الأخرى.
تلقيت مطلع رمضان الفضيل رسالة وتساب من أصدقاء، وبها فيديو لكنزة تنادي لسلعتها. تعرض ما جادت بها يمينها من طبخ رمضاني لذيذ لجذب مزيد من الزبناء. لكن كان هناك أمرا واحدا أجمعنا عليه نحن معشر أصدقاء وصديقات، يفوقون عشرة، ممن تبادلنا الفيديو، ودون سابق تنسيق أو تعليق. إذ علقنا جميعا و بعبارة واحدة تكررت بيننا في التعليقات : «كنزة في تيكو توك». انصرف ذهننا وبصرنا وسمعنا إلى كنزة، لا إلى ما كانت تعده وتعرضه في الفيديو، نتابع حديثها، ونَرْقُبُ قولَها ونستشرفُ طلعتها هناك. نتفقد ملامح كنزة في هذا الإطار الجديد، ونتبين «القفزة» الجديدة.، ليس بمعنها الحركي فقط، بل حتى بمعناها العامي الذي يتم تداوله به في عاميتنا المغربية. يقول ماكلوهان إن «الوسيلة هي الرسالة». لم استوضح بشكل افضل هذا التعريف من قبل كما ينبغي، اليوم يستقر القصد من خبير التواصل هذا في ذهني من خلال «قفزة» كنزة هاته. كان في فيديو كنزة بخدمة تيك توك رسالة سطحية، إذا أردنا أن نستعير من تشومسكي ثنائيته، ورسالة عميقة. السطحية هي أن هناك أطعمة إفطار لرمضان، والعميقة هي «كنزة» في تيك توك. غالبية العشرة ممن تبادلوا الفيديو على خدمة الواتساب التقينا على موائد كنزة ذلك اليوم، بحثا عن «كنزة تيك توك» كما لوانها أمرأة أخرى. كانت «كنزة في تيك توك» هو من جلب الناس اليها وليس اطعمتها على لذتها وغناها. إنه سحر الوسيلة وقوته.