لا تحرمي عمّكِ من الإرث

لست أول شخص يسطو على إرث امرأة باسم القانون. وباسم الدين.

أنا عمكِ يا ابنة أخي. 

لم أكن أزوركم لأني كنت على خلاف مع المرحوم والدك. 

ربما سبق أن كلمكِ عن شقيق له.  أو حدث أن رأيت صورة لي معه ونحن صغار.

أنا هو.

أنا هو عمك.

أما وقد غادر أخي هذه الحياة الفانية. فإني قررت أن أصل صلة  الرحم. وأن أتعرف إليك. أوه. كم تشبهينه. 

لذلك ذكريني.

ذكريني يا ابنتي. 

هذا المنزل له. أليس كذلك. وتلك الأرض التي اشتراها قبل سنوات. طبعا هي لا تزال مسجلة باسمه. والسيارة. والدكان. هو أيضا  في ملكيته.

رائع. رائع. هذا كله رائع. رائع أن أراك. وليرحمك الله يا أخي.

فمهما حدث بيني وبينه. فأنا في نهاية المطاف عمك. و لا يدخل الجنة قاطع رحم. كما قال رسولنا الكريم. خاصة أنك ابنته الوحيدة. ولا أخ لك. ولا أخت. ولا أقرباء. ولا أم.

لذلك اعتبريني الآن بمثابة والدك.

صدقيني. لقد حزنت كثيرا منذ أن علمت بخبر وفاته. وأول ما فكرت فيه هو أنتِ. ثم ما سأرثه منه. 

كأني أرى أخي ماثلا أمامي. سبحان الله. نفس النظرة. ونفس العينين.

ذكريني. ذكريني. يا ابنتي بكل أملاك المرحوم. ولا تغفلي أي بقعة. ولا أي حساب. فقد صرت أنسى كثيرا في الآونة الأخيرة.

ولن أظلمك يا ابنتي. سأرث النصف فقط مما ترك أخي. ولن أطالب بأكثر من حقي.

و قد تمنيت لو كان حيا لأعتذر له. رغم أني متأكد أنه لم يكن يرغب في مجرد النظر إلى وجهي . ولم يكن ليغفر لي. فقد أخطأت كثيرا في حقه. ولم أكن صراحة أقوى على مواجهته وهو على قيد الحياة.

كان والدك يحذر مني. ويتجنبني. ويقول أمام كل الناس إني لست أخا له.

ذكريني يا ابنتي بكل شيء يملكه في هذه الحياة. 

وأتخيله الآن في قبره. 

أتخيله يصرخ ويحاول الخروج من تحت التراب ليقبض علي. ويخنقني. بعد أن علم أني سأقتسم مع ابنته الوحيدة أملاكه.

أتخيله يعترض على شرع الله.

أتخيله ينهض من موته ويتجه نحوي.

أتخيله تغيظه سعادتي كوني سأقتسم معك كل أملاكه.

أتخيله حاقدا علي وهو ميت أكثر مما كان حاقدا علي وهو حي.

أتخيله يتقلب تحت التراب من شدة الندم لأنه لم يحسم مسألة الإرث. ولم يكتب أملاكه لك. ولم يبددها. ولم يرم ثروته في البحر. ولم يحرقها. كي لا يكون نصفها من نصيبي. 

أتخيله يحرم حلالا. ويحلل حراما. و يحاول بكل السبل أن يحول دون أن أَرِثَه.

ولا أظنك توافقينه الرأي. أليس كذلك. لا أظنك تعترضين على أحكام الشرع. وتدعين إلى الاجتهاد. 

 فأنا مستعد يا ابنتي  أن أرث كل ما خلفه من هكتارات. ومن شقق. ومن ثروة في البنك. ولا أسمح لنفسي بأن يخالف شقيقي ما جاء في أحكام الإرث.

كما أني مستعد أن ألا أترك لك شيئا. كل هذا لأني لا أقبل أن أرى أخي. ابن أبي وأمي. في جهنم. مع الكافرين. 

أنا أمثالي كثر يا ابنة أخي.

ولست أول شخص يسطو على إرث امرأة باسم القانون. وباسم الدين.

أنا عمك. وطماع. ولا أخلاق لي. وإيماني ضعيف. وقد كان والدك رحمه الله. يعرف ذلك حق المعرفة.

وأعرف أنكِ ضحية.

أعرف أنك أحق بهذا البيت. وبالإرث. لكني لن أرفض ما أعطانيه الله.

أنا لا أصلي يا ابنتي. وأكذب. وأنافق. وأتحدث بالسوء في الناس. وسمعتي في الحضيض.

لكني أرفض أن أعصى الله. 

وكل ما سوف ترثينه فلي نصفه. لي ما منحه لي الخالق. لا أقل ولا أكثر. 

أنا لي منزلي الخاص. لكن حق علي أن أتقاسم معك بيتك. الذي ورثناه عن أخي. 

أنا لص ومحتال. لكن اعتبريني بمثابك أبيك. و عددي لي كل ممتلكات المرحوم.

أنا أرفض أن يتغير الزمن. وتراجع المدونة. قبل أن أستولي على بيتك. وعلى الأرض التي اشتراها أخي.

قولي لي. هل سيجها الراحل بسياج. وهل فيها زريبة. 

هل فيها بقرة. 

وهل البقرة تدر الحليب.

و هلل يحرس الأرض حارس. هل وضع لها أخي بابا. فالناس بطبعهم أشرار وقد يفكرون في الاستيلاء عليها.

ثم ماذا ستفعلين بالأرض يا ابنتي. ومن الأفضل أن تمنحيها لعمك. كي يحافظ عليها. وكي يحرثها. فأنت مجرد امرأة. 

ذكريني. 

ذكريني بكل ما تركه لنا والدك ولا تنسي شيئا.  لأني أخاف أن لا أقتسم معك إرثك. فيعاقبني الله. 

لا سكينة ولا رحمة بينهم. كل وصايا المعاشرة الطيبة وبالمعروف مجرد صيحة في واد آسن. العنف إيقاع يكاد يكون يوميا. وجولاتهما فيه تضع عنفه وردة فعلها في ميزان التقييم : سلوكه عدواني يصل بعضه إلى إحداث عاهة مستديمة وأقصاه عنف مميت. «عنفها» رد فعل على سلوك تحركه ثقافة ذكورية بائدة يبررها هو ب: نضربها وما نخلي شكون يضربها.
يتجاوز خطورة تأثير العنف على المتاعب الجسدية والنفسية أو التأثير اللحظي للعنف، حيث يتحول إلى دائرة لا تنتهي من العنف المتوارث، فعندما يستأنس الأبناء مشاهد العنف وتتحول إلى مشاهد اعتيادية تصبح جزء من مخزونهم الثقافي والسلوكي، طرحنا السؤال على الأخصائية النفسية أمل سبتي، والتي رسمت لنا الطريق الذي يسلكه معظم أبناء العنف.
كشفت المنتجة المغربية كريمة أولحوس عن إصدار أحدث أعمالها الفنية، وهو الفيديو كليب "أصلي أنا" للمغنية الفلسطينية الأردنية زين، إذ يعد هذا العمل لوحة بصرية وموسيقية تحتفي بالهوية الثقافية الفلسطينية، ويمثل إضافة نوعية لمشوار أولحوس الذي يجسد نجاحا مشرفا للمرأة المغربية والجيل الجديد في مجال الإنتاج الفني والسينمائي.