التواصل المفقود

في قاموس النساء يمكن لكلمة أبدا أن تعني الآن، وبالنسبة للرجال قد يسبب هذا لبسا، ذلك أن الرجال والنساء قد يستعملون نفس القاموس ولا يتكلمون بالضرورة نفس الخطاب، يتواصلون دون أن يحقق التواصل غايته.

من الطبيعي أن يتواصل الأزواج للتعبير عن احتياجاتهم وانتظاراتهم ، وفي ذلك يستخدمون نفس اللغة، ولكن الشيء المثير هو أن هذه اللغة تختلف في المعنى، فالمرأة تستخدم كلمات وتعابير، بينما قد يستخدم الرجل لغة وخطابات مختلفة، ولا يحدث التواصل عندما لا يفهم كل منهما طبيعة المعنى الذي يريده الآخر.

تصبح اللغة أحيانا ذات رموز فلا تسعف في تبليغ ووصف ما يريد الشريكان التعبير عنه فعليا أو تبليغه للطرف الآخر، يصبح الأمر كرسالة مشفرة تحتاج لفك الرموز، لمجهود إضافي ومستوى من الاستيعاب قد لا يملكه الطرفان في ذلك الوقت.

يمكن للغة أن تكون سببا في حدوث سوء تفاهم وتواصل بين الطرفين فما تعبر عنه المرأة بإسهاب قد يفسره الزوج مبالغة وما يعبر عنه ببساطة قد تعتبره هي تسطيحا وقلة اهتمام، فلكل كلمات قاموس قد يؤدي الى الى فقدان التواصل .

الرجال من المريخ والنساء من الزهرة 

في كتابه الشهير «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة» ، يتحدث الكاتب الامريكي «جون غراي» عن الاختلافات بين الرجال والنساء كما لو كانوا من كوكبين مختلفين مما يفسر أساليب التفكير والتواصل، و يستعرض فيه أساليب التعبير والاحتياجات، مع التركيزعلى فهم الاختلافات لتحسين التواصل بين الشريكين، كما يورد الكتاب الكثير من الاختلافات التي تؤثر على التواصل الايجابي بين الشريكين، ومنها الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة لدى المرأة، وطريقة التعبير عن الاحتياجات العاطفية أو كيفية إبداء التعاطف والدعم.تحدث الكاتب عن لغة التواصل بين الزوجين، وهي لغة قد لا تؤدي الرسالة المراد إيصالها للطرف الآخر مما يؤدي بالحوار الى أن يكون حوارا ملغزا، ولا يقود بالضرورة الى تواصل ايجابي.

« كلما حاولت تخفيف العبء عن زوجي أو إبداء تفهمي إزاء بعض المواقف، يواجهني بعبارات تنسف هذه الرغبة لدي» عبارات كثيرة توردها مليكة أستاذة تعليم ثانوي وهي تحكي لنا عن مواقف ينتفي فيها حبل التواصل الايجابي بينهما، من قبيل «كون غي مشيتي من هنا، كون غي درتي بناقص، كون كنت بلاصتك غادي ندير هاذي مثلا «، يكون فيها قصدي هو تقديم التفهم او النصيحة ، لكن زوجي يعتبرها تنقيصا من قدراته، أو استفزازا، فيكون رده هجوميا بينما قصدي لم يكن كذلك على الاطلاق».

تقديم النصح للآخرين هو تعبير عن مودة واهتمام، بالنسبة المرأة إعطاء النصيحة للزوج ما هو إلا نوع من الاهتمام، لكن الرجل الزوج يواجه غالبا هذا النصح بغضب كأنه تنقيص من قدراته ومعرفته.

حبل طويل للتواصل

قد يفسر طلب النصيحة أو قبولها لدى معظم الأزواج، كنوع من إظهار الضعف وعدم القدرة والمعرفة كما استبطنوها داخليا عن مهامهم كرجال ، ولذلك تأتي ملاحظة الزوجة أو نصيحتها على غرار ما يراه الزوج غير مقبول، أو كاتهام وعدم إيمان بقدراته.

عندما نتحدث عن لغة التواصل بين الأزواج، يمكن أن نرصد بعض الاختلافات في الأساليب بين الرجال والنساء عموما. يُظهر البحث والتجارب الاجتماعية أن الرجال والنساء قد يتبنون أساليب مختلفة في التواصل، وذلك يعود إلى العديد من العوامل مثل الثقافة والخلفية الاجتماعية والتربية، ويشمل الاختلاف لغة التعبير بالاضافة الى لغة الجسد وينقطع حبل التواصل الايجابي بين الزوجين في الكثير من المواقف، بحسب الاقتراب او الابتعاد عن اللغة أو الخطاب الأقرب الى الطرف الاخر.

هو وهي

«بسبب ضغط الوقت وانشغالاتي المهنية والأسرية، أمر ببعض الأيام التي أكون فيها متوترة ، تحكي أمينة مستخدمة بمقاولة خاصة «بمجرد ووصولي للبيت، أبدأ بسرد مشاكل اليوم، إيقاع العمل، ملاحظات الزملاء او المدير..سخطي على بعض القرارات…أشعر بأن زوجي لا يستمع إلى نصف ما أقوله، وحين ألح عليه، يقول لي ببرودة «اخرجي من الخدمة»

أشعر بجوابه كسطل من الماء البار د»، وهو بارد بالنظر الى توقعات أمينة التي تنتظر تعاطفا وعبارات داعمة من زوجها يقابلها الزوج بخطاب عبارة عن اقتراح «عملي» لإقفال الموضوع واستفزازي بنظرها لكن بنظره يبدو ذلك الحل العملي لما تعرضه عليه».

بالنسبة لخبراء العلاقات الاجتماعية ، تدبر المرأة القلق بطريقة مختلفة ولذلك فهي تنتظر التعاطف وتحتاج للفضفضة وشرح الأسباب والانفعالات ولا تطلب سوى الانصات والاهتمام،أما الرجل فهو يريد جعل الأشياء أقل درامية وهو ما تعتبره المرأة عدم اهتمام ومشاركة أو استفزازا لمشاعرها، فتشعر بالخيبة ويحدث الصدام أو الصمت ، وفي الحالتين يضيع التواصل الذي يقوي معرفة كل طرف باحتياجات الآخر.

تعرف كل النساء صيغة طريفة وبليغة في ذات الآن في وصف الرغبة في تجديد خزانة الملابس (ومعها المعنويات)، عبارة «كاع ما عندي ما نلبس»، تثير هذه العبارة الكثير من اللبس لدى الأزواج، ومثلها عبارات أخرى من قبيل «أنت لا تساعدني أبدا» أو انتظرتك اليوم كله» ، عبارات يلتقطها الزوج بحرفيتها، فلا يجدها صحيحة، بل يصل به الأمر الى الرد عليها بالنقطة والفاصلة، فيحتسب الوقت والمال والمناسبات، وهو ما يحكيه لنا عادل مستشار مالي «تزوجت منذ خمس سنوات، وكنت أصاب بالذهول حين تقول زوجتي هاذي عام ما خرجنا»، وعمليا نحن نخرج بمعدل مرتين خلال الشهر بالاضافة الى خرجات تدخل ضمن نطاق «خرجة عادية»، وفي كل مرة كنت أجدني مضطرا لتذكيرها بالمكان والزمان والذي لا علاقة له أصلا بما تقوله، وهذا يشعرني بالظلم وعدم الاعتراف واني لست في المستوى المطلوب».

ليس هناك اختلاف في اللغة بل في استدعاء مفردات تحتاج اليها المرأة واخرى يحتاج اليها الرجل في سياق الكلام اليومي كأسلوب لإثارة الاهتمام، يمكن أن يتسبب هذا الفارق في فهم غير دقيق لاحتياجات الطرف الآخر، حيث يمكن أن يشعر الرجل بأنه مطالب بحل المشكلة بينما يمكن أن تكون المرأة في حاجة إلى الدعم العاطفي، في سياق ذلك توضح مستشارة التنمية الذاتية والتواصل سناء حنين، أن نجاح الرسالة التواصلية بين الأزواج ليس مسألة بديهية، بل يحتاج الى عناصر هي معرفة الذات، الذكاء العاطفي، الذكاء الاجتماعي، وكيفية وضع الطلب، وبتحقق هذه العناصر يتحقق التواصل بصيغته المطلوبة . 

لكن ما يحدث هو عكس ذلك، فاحيانا وبفعل الحاجة الى التواصل والوضوح يستعمل الرجل والمرأة طرقا تعويضية غير مباشرة في الحوار وايضا بفعل الحاجة الى تقدير الذات من الآخرين خاصة المقربين، فقد يكون الهدف من مطلب معين أو ملاحظة ملحة، غاية أخرى وهي الحاجة الى الاصغاء للتعبير عن المشاعر وانتعاش العلاقة، بالتالي فالملاحظات والكلمات التي تشكل لبسا قد تكون لإثارة الانتباه من الطرف الذي يشعر بالتباعد أو الإهمال، وتأتي هذه العبارات كدعوة لإعادة ترتيب المشاعر، بحيث تطرح هذه الملاحظات في غير سياقها لايصال رسالة مفادها «اهتم بي» أو « افهمني أكثر». 

من أجل تواصل إيجابي

لبناء تواصل ايجابي، تؤكد سناء حنين على أهمية معرفة الطرفين للتاريخ الشخصي ومعرفة الذات وتأثير ذلك على العلاقة مع الآخرين، وتعتبر أيضا ان غياب الذكاء العاطفي يعني وجود جدار، لان الانصات الجيد هو تعبير عن الذكاء العاطفي ويسمح بتغيير المنظور والرؤية لموقف الشريك أو الآخر.

 كما تشير الى ضرورة التحكم في اصدار الأحكام التي تكون في اغلبها سلبية وغير إيجابية، لأن إصدار الاحكام على الآخر تمنع الشخص من الدخول في تواصل حقيقي وهذا سجعلنا نتحاور ونحن نقبل الآخر،

يكون التواصل فعالا حين نعرف احتياجات الاخر ، وان اخذنا المسافة للتراجع وفهم الآخر نكون قد قطعنا اكثر من نصف المسافة في التواصل، يجب الاشتغال على الطلب المحرك وليس ردة الفعل ، لأنه مفتاح مهم لفهم الآخر ومواقفه.كيف أطلب، كيف أصوغ طلبي، والطريقة المثالية لذلك، هي»ان تطلب كما يعطي الطفل الاكل للطيور»، بالاريحية الممكنةحيث يجب ان تكون فيه حرية الاختيار حتى يتحقق التعبير والتواصل بصيغة إيجابية.

 

يستند مشروع "قطرة" الذي قامت بتطويره مجموعة من الطلاب بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن في الدار البيضاء، إلى تطبيق على الهاتف النقال مرتبط بجهاز ذكي لإدارة المياه.
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية موسعة يرعاها المجلس الإقليمي لتنمية القطاع السياحي وجعل الإقليم نقطة جذب للسياحة الوطنية والدولية على حد سواء.
تجسد هذه الحملة، التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت شعار “لنعمل معا”، بإشراف من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع.