عنف في القفص الذهبي!

عنفه ظاهرة اجتماعية لها ارتباط بالثقافي قبل كل شيء. عنفها مجرد حالات محسوبة على ردة الفعل ولا يكون له أثر كبير يهدد المؤسسة الزوجية ونفسية الزوج كما يحدث في عنفه. عنفه تاريخي وممتد وعليه إجماع بتجريمه ومناهضته في كل الاحتجاجات والتقارير الرسمية وغيرها. عنفها نفسي يدخل في الدفاع لا السلوك، بين السلوك العنيف وردة الفعل العنيفة تكمن خطورة عنف الزوج الذي استولى على المراتب الأولى في أنواع العنف في المجتمع.

المجال الزوجي هو الاطار الأول للعنف، إنها بعض من نتائج إحدى بحوث المندوبية السامية للتخطيط، والتي أكدت أيضا، أن نسبة ضئيلة من النساء المعنفات في بيوت الزوجية في المغرب يلجأن للقضاء، و بالأرقام: 22 بالمئة  في حالة العنف الجسدي و3,5 بالمئة في حالة العنف الجنسي. فيما جاء في نتائج البحث الذي اعتمد على عينة بحثية تتراوح أعمارها بين 15 و74 عاما أن 16 في مائة فقط من النساء يغادرن بيت الزوجية. أرقام العنف الزوجي الذي يتصدر أنواع العنف في مجتمعنا تبقى مخجلة، ومهددة لكيان مؤسسة تسمى في أدبيات التعايش المشترك بمسميات تدل على الرحمة والسكينة.  وبين الأرقام والتفاصيل خيط رابط هو الشهادات المؤلمة للضحايا. 

رضيت بالهم 

راضية «اسم مستعار»، امرأة لم تتجاوز ٢٨ عاما، أم لابنتين إحداهن من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا زالت تتلمس منذ سنتين كل الطرق التي توصلها إلى السلامة الجسدية وإن عصف عنف زوجها باستقرارها النفسي ووضعها الاجتماعي. جولاته في الاعتداء بدأت في السنة الثانية من زواجهما الذي ذبرته العائلة، هو ابن خالتها، واستمر ثماني سنوات ولازال، حيث مواعيد جلساتهما في المحكمة تتحول إلى تهديد بالتعذيب خارج الجلسة، بينما يبدي تشبثه بها أمام القاضي، بلوغ قضيتها للمحكمة كان فيضا من غيض حياة زوجية استجابت فيها لقراره بأن تتوقف عن العمل كخادمة في بيت مسؤول أجنبي مقيم بالمغرب، ولأن خطة الحياة المشتركة هي إملاء من مزاجه،  صار صعبا عليها إقناعه باختياراتها أو مناقشته فيها، لذلك لم يستجب لرأيها في هجرته خارج البلد. لكنه فعل، الأمر الذي جعلها تحتمي ببيت عائلته في البادية جهة دكالة، كان ذلك هو سبيلها الوحيد بعد انقطاع عن العمل.  « في بيت عائلته الذي هو بيت خالتي، دقت العذاب الذي لم أعرف مثله في بادية جهة دكالة حيث يقيمون، وحين عاد من تجربة الهجرة الفاشلة، بدأت مأساة أخرى كون شخصيته تبدلت كليا نحو الأسوأ، سكر و سهر وعنف..، دوامة هذا الوضع زادت مع عودتنا للعيش في بيت داخل منزل مشترك، وكان كلما اعتدى علي بالضرب أكتم أنفاسي لتجنب إزعاج الجيران، لكن من دون انقطاع عن التفكير في الانتحار الذي أتراجع عنه بمجرد التفكير في ابنتي.» تقول راضية.

سلوك وثقافة 

ترى الأستاذة خديجة أقبلي، محامية بهيئة مراكش، أن قانون تجريم العنف ضد النساء غير كاف، إذ للظاهرة جذور في ثقافة وتربية المجتمع الذكوري الذي ينبغي إصلاح تحكمه، ووضع الذكورة هنا لا تستثني النساء من تحصينه بشكل من الأشكال، حيث الاشتغال مع الحالات أكدت أن غالبية المعنفات يطالبن بالمساعدة، لكن يرفضن اللجوء إلى القضاء أو اتباع المسطرة القانونية لإنصافهن، أكثر من ذلك هناك من يرفضن وضع شكاية لدى المصالح المختصة، المبرر فيه طمع في الرجوع والعودة إلى زواج مبني على مأساة العنف والطرد وعدم النفقة.

 متاجرة في جسدها 

بحي بطانة بمدينة سلا، استقرت بعد مغادرتها لمدينة سيدي قاسم من أجل الاشتغال، كان بيته أول يوم لي في العمل خادمة مكلفة بأشغال النظافة، وجودنا في نفس مساحة غرفته التي يقيم فيها جعله يخلي إلى  امرأة لنزواته، علاقة نتج عنها حمل بابن توفي بعد أن كان يتعرض بدوره للتعنيف من قبله، حمل ثاني فرض توثيق علاقتنا بالزواج، لكن إحساس الزوجة لم أشعر به وهو يوظفني في تجارة الجنس بمقابل، كنت خلالها قد أنجبت ابنتنا الوحيدة، كان من الصعب تحت التهديد رفض الاستجابة لاهاناته  باستقدام أصدقائه كزبناء يتقاضى منهم ثمن المتعة، هربت مع أول فرصة بعد أن صار وضعي النفسي في أسوأ حالاته..لكن الخوف منه لازال يلاحقني وان كان مبحوثا عنه قضائيا في ملفات متشابكة يضطر جراءها لتغيير أماكن وجهات استقراره»

عنف مميت

عنف بالضرب، الهجر أوالطرد من بيت الزوجية، وحتى الامتناع أو التماطل أو التهرب والتحايل عن النفقة. أزواج فقدوا ما يصلهم بالزواج: سكينة، رحمة ومعاشرة بمعروف، حيث العنف المتبادل بينهم سحب العلاقة في اتجاه جولات من لا استقرار، والحصيلة ضحايا ومتهمون، وقضايا أمام محاكم الأسرة أو حتى محاكم الجنايات، وأقسى جرائم العنف الزوجي القتل. ففي إحدى صباحات ثامن مارس، لم يكن الحماس بحماس محطة تاريخية ونضالية تفتح باب التفاخر بإنجازات ومكتسبات حقوقية للنساء، بقدر ما علقت جريمة قتل شرطي لزوجته سؤال قيمة روابط زوجية  تنتهي نهاية درامية :  اغتصاب احتجاز ثم  قتل..؟؟ ولأن الحادث كان بتفاصيل لا إنسانية غيبت وجود بنت مشتركة بين الجاني والضحية، كان الاحتفال باليوم العالمي للمرأة هنا مختلفا، ومستفزا حد تعليق الكثيرين بأن قتل رجل السلطة لزوجته هو «هدية مسمومة» ليوم النساء العالمي. حادث ليس هو الواحد في زيجات تفقد سلوك المعاشرة الزوجية المفترضة بين طرفين يجمع بينهم الرباط المقدس كما يصيفونه، بل إن الجرائم داخل بعض البيوت تحولت إلى أخبار يومية تعزز من نتائج تقارير بعض جمعيات المجتمع المدني، حيث  العنف الزوجي يتصدر القائمة في سلسلة العنف المرصود في تقاريرها، ولا زال الرقم : ٥٥٪  نسبة العنف الممارس في إطار الحياة الزوجية، عالقا بذاكرة المهتمين منذ أول تقرير رسمي للمندوبية السامية للتخطيط، بحث وطني حول العنف ضد النساء، قد تكون رمزيته الرقمية محرجة، لكن تفاصيل ما يحدث خلف الجدران مأساة حقيقية تتجاوز الدلالات الرمزية، لتحمل مؤشرات عن كون اللبنة الأولى لبناء مجتمع سليم تبنى على قانون الغاب الوحشي . 

سادية وإذلال 

بمركز النجدة التابع لاتحاد العمل النسائي، دخلت مريم تشتكي زوجها بصوت يكاد لا يسمع، كان ذلك من آثار الخوف الذي استبدى بها جراء عنف شبيه بتعذيب أسير. جسد مريم مازال شاهدا على معاناة بلغت حد إطلاق غاز البوطان عليها في غرفة مغلقة، هي محاولة قتل يقول المستشار القانوني للمركز عبد العزيز الرويبح. ولأن الفعل يدخل في باب الجنايات يحتاج الأمر إلى إثبات. 

الإشكال هو الاثبات، تلك هي مأساة المعنفة على امتداد خريطة الوطن، إذ أثار الإيذاء ظاهر، لكن تعليل أن الفاعل هو الزوج يبدو صعبا، كون فضاء التعنيف مغلق، ولا شهود عليه. هذا الحاجز يدفع بالكثيرات إلى الصمت. 

هي سيرة  حياة زوجية ليست استثناء ولا حالة شاذة، بل هي وجه لوجوه متعددة، تتلذذ بالعنف والتعنيف، وتحتفظ بالعقلية الذكورية مقدمة لسلطة مختلة. والنتيجة نساء خائفات من شريك تعاقدن معه بوثاق غليظ، لكنه صار سوطا يذل حياتهن الزوجية. والحال كذلك، سبق لتقرير مركز عيون نسائية أن عرى في سنة تقريره، عن خطورة الظاهرة بتأكيد انتحار 18 امرأة بسبب العنف الزوجي، وتعرض 121 لعاهات مستديمة، فيما أجهضت 13 حالة.

على منصة أجهزة نحت الجسم دون أي مجهود بدني، برزت EMSCULPT NEO التكنولوجيا الثورية التي تعمل على إعادة تشكيل عضلات البطن، ونحت الأرداف وإزالة الدهون بشكل فعال من جلسة واحدة.
تأتي مشاركة المشروع في إطار التعاون المثمر والتنسيق الفعال بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ومؤسسة البحث العلمي وسعيهما الدؤوب لترسيخ ثقافة القراءة وجعلها أولوية مجتمعية.
تقدم المؤسسة بين يدي مهنيي الكتاب والقراء والمهتمين بحالة النشر بالمغرب تقريرها الجديد عن حصيلة نشر الكتاب المغربي لسنتي 2022/2023.