كان يفترض أن يكون صباح الخير، لكن طابور شحن الهاتف بالسوبرماركت المجاور، لم يكن من حظي باكرا، وأخذت دوري بالشحن الآن، فصباحكم خير وقت العصر.
في صباحنا كانت الزنانة المعتدية على جونا تحلِق دون كلل وملل، لا تفارق سماءنا وتحتلها بوقاحة، كأنها تسير على وتيرة واحدة مع دقات قلوبنا ولا تتوقف للحظة.
والبرد يشتد دون رحمة، ونتقاسم أغطيتنا دون ملابس ثقيلة، حتى أني لم أفكر بالقيام من فراشي حتى أظل محتفظة بشيئا من الدفء، أو كانت حيلة هروب مني من تنظيف الأطباق بطريقة بدائية وأنا متربعة أرضا كتسعينية، وفرارا من سواد الحطب، أو من رياضة العجين.
أو ربما هروبا من واقعا أصبح أسودا كالذي يلصقه الحطب على “براد” شاي الصباح ليذكرني بأن كابوس الحرب لا يزال خامدا على أنفاسي والجميع، وهروبي لن يطول، لأني من الأيدي العاملة الأساسية ومسجلة منذ الحرب بشيفت الصباح للأعمال المنزلية، والأخريات مقيدات بشيفتات أخرى دوني.
ها كنت سأنسى أخبركم عن روتين طائرات العدو، لا زالت تقصف دون توقف. أو أني لم أنسى، ولكن تناسيت ظنا مني أنكم اعتدتم على هذا الخبر ولن يضيف لكم شيئا.
تقصف كأنها تختار بشهية مفتوحة المكان الذي تمص دماء أصحابه، وتنسف ذكرياته. لا يزال الشهداء يتعاقبون ويعبقون أجواء بردنا بالزعفران.
صفقة أسرى، وحديث عن هُدنة لأربع أيام، الكل يرتقبها، وقد تأخرت وربما غدا، رغم أن الأماكن ستبقى ملغومة برا بدبابات الاحتلال وعتاده العسكري، ولن يكون في استطاعتنا العودة لمنازلنا بمناطق النار.
سيبقى الماء على مزاجيته بزيارته لنا، وسيظل الاستحمام بالماء البارد جدا لعنتنا في هذا الجو. وأكون كافرة لو تحدثت عن الكهرباء، فبديهيا نسبة الوقود التي ستدخل أيام الهدنة لن تكفي المستشفيات والصرف الصحي.
هذا كل ما في صباحنا البائس بغزة اليوم الوحيد الذي كنت مهتمة بمعرفة اسمه بأيام الأسبوع، رغم أني لن أجني شيئا من آمالي في هدنة غدا. (ضحكة بائسة مقهورة تصاحبها غصة).
صباحكم خير وقت العصر، بعيدا عن غُباش يلف زاوية صباحنا في غزة.