قدمت الزرقاني في معرض “التراث الخالد” ما يزيد عن الثلاثين لوحة متنوعة، والتي تعبر عن اختيارات الزرقاني الثابتة، من إعادة تقديم التراث المغربي الضارب في عمق التاريخ الشعبي والإنساني للمملكة، في شكل فني لا يخلو من العمق الإبداعي، حيث تقدم من خلال اللوحات رؤية مغربية أصيلة، لا تفارق فيها العين معظم لوحاتها وتأخذ لديها منحى مغايرا له امتدادات في المعتقد المغربي باعتبارها الحارس للظواهر الغيبية ضد الشر فهي الحامي للكيان الوجودي، لذلك اتخذته الفنانة كرمز من الرموز الدلالية في عملها، مما أعطى لهذه اللوحات بعدا تراثيا مبنياً على التوازنات الفنية في علاقتها مع كل ما ورد مرئيا مع العناصر المؤثثة لتكوين العمل التشكيلي، مع إضفاء الطابع المغربي بفسيفسائية وبخطوطه، إلى جانب رمزية اليد أو ( الخميسة), وبهذا اتخذ هذا العمل بعدا محليا مغربيا لا يخلو من إيصال رسائل عالمية، حيث تؤمن الزرقاني بمفهوم “الإغراق في المحلية هو أقصر طريق للعالمية”، في لوحاتها التعبيرية.
يعتبر معرض “التراث الخالد” هو محاولة فنية جديدة للتشكيلية “كميليا الزرقاني” تؤكد من خلاله على فلسفتها الخاصة في اختيار الأشكال والألوان حيث اعتمدت على تكوينات أفقية بملون بني ساخن بدرجاته الترابية الذي يدل على أصالة الانتماء الروحي، و يساعد المتلقي على الدخول إلى عالم الزرقاني الخاص، والذي تعكس فيه رؤيتها الشخصية الرمزية للتراث المغربي وما يحمله من عمق روحاني أصيل، لا يخلو من العصرية والاستمرارية مع الأجيال الجديدة، والذي يعتبر المعرض بوابة لهم نحو التعمق في الرموز الشعبية والتراثية، وكيف يعكس الفن التشكيلي البعد الثقافي في التراث المغربي، ودور الفنان التشكيلي في إعادة اكتشاف ذلك التراث بمفهوم شخصي ووجداني بشكل فردي شديد العمق.
تحتل المرأة المغربية مكانة خاصة لدى كميليا الزرقاني، حيث تعمد في لوحاتها على تقديم المغربيات وقضاياهن، بصورة رمزية واضحة، كما أنها تتمسك دائما بتراث “تمغربيت” باعتباره المظلة التي تجمع جميع المغاربة، وتقدمهم للعالم، بطريقة حفظت خصوصيتهم الثقافية والفكرية عبر مئات السنين.
يستمر عرض لوحات معرض “التراث الخالد”، بفندق سوفيتيل مراكش حتى فبراير 2025، تزامنا مع احتفال هذه المعلمة السياحية ومن خلالها مجموعة سوفيتيل العالمية بعيدها الستين، وتتقاسم أعمال الفنانة التشكيلية كميليا الزرقاني وفندق سوفيتيل مراكش قيم عديدة من أهمها الأصالة والمحافظة على الثقافة والتراث المغربيين.