بدأ العد العكسي للنسخة التاسعة من كأس العالم في كرة القدم سيدات بأستراليا ونيوزيلاندا يزحف زمنيا، من تم فالاهتمام كحدث بارز صيف هذه السنة له عنوان كبير ومثير : أول تأهيل للمنتخب المغربي في كرة القدم سيدات لكأس العالم، الأخير بدأت أولى بطولاته سنة 1991 بالصين، من هذا التاريخ وفي كل أربع سنوات كانت تمر البطولة دون أن يكون لنا نصيب فيها. اختلاف كبير بين ألا يكون لنا نصيب وبين ألا تكون لنا رياضة كرة قدم نسوية، والحقيقة المؤكدة هو أن تاريخنا فيها يمتد إلى سنوات السبعينات حسب ما أكدته لي ممارسات لها، وإلى الثلاثينات حسب المهتمين بالرياضة النسائية، في هذا الإطار، يقول عزيز بلبودالي مؤلف كتاب نساء من ذهب وهو عن تاريخ الرياضة النسائية: تاريخيا يصعب تحديد أي سنة بدأت المرأة ممارسة كرة القدم بالمغرب ، إلأا أن هناك حديث يؤكد أنه في حقبة الثلاثينات حيث تأسس فريق لكرة القدم النسوية انضم إلى نادي الوداد، وكان يتشكل من لاعبات أوربيات وتحديدا فرنسيات.
بين الماضي واليوم يوجد فارق هو فريق بمؤهلات أهلته لمنافسات مع الفرق القوية عالميا، ووجود إرادة واستراتيجية مغربيين لتطوير كرة القدم سيدات، وجعلها في مستوى كرة القدم رجال. التطوير يعني تأهيل المواهب والأطر، وتوفير مراكز التكوين والجامعات، والدفع في اتجاه ثقافة كروية تسع للجنسين معا. فأن يزأر الأسود في مونديال قطر لا يعني عجز اللبؤات عن ذلك في مونديال أستراليا. الحماس والاستعداد على قدر ما راكمه المنتخب من إنجازات آخرها بطولة كأس أمم إفريقيا للسيدات، المحطة التي بلغ فيها المنتخب المغربي لكرة القدم المربع الذهبي، ثم التأهل لنهائيات كأس العالم رغم خسارة بفارق نقطة أمام جنوب أفريقيا.
التأهل لا يقرأ كنتيجة في حد ذاته فقط، بل يعود بالخبراء إلى المستوى الذي ظهرت به عناصر الناخب الوطني في المباريات، وإلى مستوى الخصم أيضا، قيمة الإنجاز يرفع من عياره وزن من كان في المواجهة، ونيجيريا بثقلها التاريخي في البطولات سقطت في هزيمة أمام شبلات الأطلس. الهزيمة لا تحضر يتيمة هكذا دون استحضار ما يرمز إليه اسم نجيريا في أجندة كأس أمم إفريقيا، فهي من حصدت إحدى عشر لقبا في هذه الكأس من مجموع 13 دورة. بمعنى أنها كانت مستفردة بالتتويج باستثناء دورتين فقط، هكذا مددت إنجازات منتخبنا الوطني مفعول الثقة في لياقته العالية للإطاحة بالفرق الكبرى، وإعادة ترتيب التصنيفات على وقع أسماء من قبيل: خديجة الرميشي، حنان آيت الحاج، ياسمين مرابط، غزلان الشباك وأخريات.
يقول عزيز بلبودالي : أن مجرد إحتضان المغرب لكأس افريقيا للأم للمنتخبات النسوية 2022 شكل منعطفا بارزا في مسار كرة القدم النسائية في المغرب، وبتأهله لكأس العالم نيوزلاندا فرض على الجمهور الرياضي والهيئات المسؤولة وطنيا الانتباه والالتفاف إلى رياضة ظلت لعقود من الزمن محتكرة من طرف الذكور”.
المنافسة لا المشاركة
بمركب محمد السادس لكرة القدم بمدينة سلا، تجري تداريب مكثفة لتجهيز الفريق وإعداد لياقته للمقابلات الودية وللمونديال. البرنامج مكثف ومنظم وصارم، وأجندته بين المعد البدني والتقني ومدربه بيدروس مضبوطة إلى حد التحكم في أصغر جزئياتها. هكذا تدخل المقابلات الصحفية في الترتيبات الضيقة جدا على هامش الأجندة، يقول مدرب الفريق الوطني رينالد بيدروس: طموحنا ليس فقط المشاركة في كأس العالم، بل أن نكون مستعدين كفريق وكطاقم للتأهل إلى ثمن النهاية، والمطلوب منا هو خلق الحدث على المستوى التقني والتكتيكي، لذا، كل الجهود تصب في الاستعداد لخوض المباريات الحبية، هي من تعد اللاعبات لخوض غمار كأس العالم”. تصريح لبيدروس خلال اللقاء الحصري لمجوعتنا، يسير في نفس التكليف الذي وضعه رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، فوزي لقجع، على كتف عضوات الفريق خلال اجتماعه معهن: «الجماهير المغربية تنتظرتشريف الكرة المغربية في هذا المحفل الرياضي العالمي، وعدم إدخار أي جهد لبلوغ انتظاراتها». رسالة مباشرة تم التركيز فيها على تشريف الكرة المغربية، التي كانت الحدث المميز في مونديال قطر بهزم الأسود لأكبر المنتخبات القوية عالميا.
النية و العائلة
يتحرك بيدروس في المركب الضخم لكرة القدم بمنسوب عال من الثقة في قدرات منتخبنا الوطني. مجسم “تيتريت” اي النجمة بالأمازيغية بمدخل إحدى أجنحة المركب، تعكس إصرار صناعة نجمات للرياضة الأكثر شعبية، وشعبيتها جعلتها تنبت في الأحياء الضيقة والفقيرة ببساطة ساكنتها.“ الهدف الأساسي هو أن تكون اللاعبات متحمسات ومؤهلات للدخول في منافسة فرق لها تجربة وثقافة كروية مختلفة” يخبرنا بيدروس عن واحدة من بنات أهدافه في مونديال أستراليا ونيوزيلاندا.
درس مونديال قطر في الإصرار على تحريك مشاعر الجمهور إيجابيا، وقلب موازين القوة الكروية في اتجاهات كانت خارج التوقعات، والتأشير على أننا بلد كرة القدم منذ أنجازات 86، يحرض منتخب كرة القدم سيدات على تجاوز عتبة التأهيل لكأس العالم بنيوزيلاندا، الحدث هو أن تقلب إنجازاته ثقافة المجتمع عن كرة القدم النسائية التي تجند لها كل الإمكانات لتطويرها. وأن يكون في مستوى المجموعة الثامنة التي يتقدمها فريق ألمانيا وصيف كأس أوربا. هي انتظارات كبيرة تقول عنها حارسة مرمى المنتخب: في المتناول، والنية والعائلة “تميمة لفرح قادم” من كأس العالم نساء نسخة 2023.