تشغل اليوم مؤطرة للفتيات أقل من 14 و15 سنة بالمركز الفيدرالي للتكوين في كرة القدم بمدينة السعيدية، مهمة جاءت بعد أن التصق بها وصف أول عميدة للمنتخب الوطني لكرة القدم نساء، المهمة التي وصلت إليها بعد مسار رياضي طويل يعود زمنيا إلى سبعينات القرن الماضي، وفي رياضة مصنفة مجتمعيا “رجالية”. كانت من رائدات فك عزلة الملاعب المغربية من ذكوريتها المترهلة. وممن فكت الحي الذي تسكنه من حجز مساحته للأولاد فقط. هكذا و كجميع ممارسيها، كانت لإنطلاقة من الحي، الملعب الوحيد المتاح للتمرير والهجوم والتسديد والتسجيل والتشجيع. كان حض نادية تيكانا أنها ولدت في وسط عائلي رياضي في مقدمتهم الأب. شقيقتها أيضا كانت تلعب الكرة لكن، باليد. إخوتها الآخرون هم أيضا سحرتهم المستديرة، ليصبح المشترك بينهم جميعا، وبعد الاسم العائلي، هو كرة القدم. كادت عائلة نادية أن تصير مركبا رياضيا وقد وحدت بين أفرادها هوايات رياضية تغلب عليها كرة القدم. في هذه الأجواء ولدت وكبرت وقررت ناديا الملقبة ب “ تيكانا” أن تضرب بعصا العصيان ثقافة مجتمع كاملة في هذا الميدان تحديدا، وتصحب عائشة بوبكدي، شقيقة المخرجة فاطمة بوبكدي إلى دار للشباب بعدما لاحظت الأخيرة موهبتها، طلبت بوبكدي الإذن من والدة نادية كما اشترطت ذلك الطفلة التي لم تكن تتجاوز الثانية عشر من عمرها. الوجهة إلى فضاء يستنفر المواهب ويحتضنها كان لحظة فارقة في حياة نادية وهي في مقدمة طفولة بموهبة لا يستقبلها المجتمع على الرحب والسعة. لكن في قلب المجتمع العاصي يوجد دائما من يأخذ باليد ويسبح ضد التيار الرافض للمواهب. السباح كان هنا هو عبد العزيز الواتي، المدرب الرئيسي للفرق النسوية، والذي بدأت نادية ترافقه إلى التداريب، لتبدأ ممارستها لكرة القدم تتخذ مسارات منظمة لا تتوقف على «دوريات» الأحياء واعتباطيتها.
انضمت نادية إلى فريق عين الشق نهاية السبعينات من القرن الماضي، وحسب علمها أن كرة القدم النسوية تعود بدايتها إلى سنة 1975 حيث كان هناك فريق لها ببني ملال، وأن الرياضة النسوية في هذه السنوات كانت نشاطا يمارس لكن دون إمكانيات ولا مجهود لتطويرها، مع ذلك، بدأت الفرق في التشكل، ونشطت المباريات بين المدارس والإعداديات في وقت لم تكن فيه لا جامعة لكرة القدم ولا اعتراف بممارساتها، تؤكد أول عميدة فريق نسائي مغربي لكرة القدم.
تذكرت “فاما الفوقي، بورمضان فتحية، مفتخر جميلة سلوى الطايقي .. حين حرضنا ذاكرتها على تذكر تشكيلة أول منتخب كرة قدم نساء تشكلت أواخر سنة 1996 بمبادرة من “نوال المتوكل” وسفيرة السويد في إحدى اللقاءات بينهما.
رقم تيكانا التي لقبت بهذا اللقب نسبة إلى اللاعب الأسطورة: جان تيجانا هو رقم 5، موقع للدفاع المعول عليه لإبقاء الشباك نظيفة، تستحضره نادية بالتأكيد على أنه وضع نايف أكرد في فريق المنتخب المغربي. وأن ملاحمها في التسجيل تشهد على إصابة من كرة ثابتة مباشرة من المرمى، وعلى بعد 32 متر ضد الفريق الكندي، وأيضا تشهد على الفوز في البطولة العربية لكرة القدم داخل الصالة، وأول تأهل لكأس إفريقيا .. مسار من الإنجازات، ومستوى عال في اللياقة” كنت ألعب بحال اللعابة الكبار” لم يقابله ما يناسبه ماديا، ولا ما يليق بأول عميدة منتخب مغربي كسرت نمطية الصورة عن كرة القدم.
كل واحد منا ينظر إلى النصف غير السار في كأس حياته ومساره من باب التأمل. ملهمتنا لم تسقط من وقفة تأملها ظروف اللعب التي عاشها جيلها: لم تكن لنا غرف لتغيير الملابس، كنا نختبئ خلف الأشجار لارتداء اللباس الرياضي، لم نكن ننهي المباريات بأخذ دوش في النادي أو الملعب، لا معهد، حتى الأقمصة الرياضية يلزمك تدبيرها بتسول من له ميول لفريقك.. أشياء من جملة معاناة لم تمنعها من إعلان حب الكرة التي مارستها وتعمدت فيها وحكمت في مقابلاتها.