ولدت فاطمة الزهراء الإدريسي في الجماعة القروية والماس، هناك، حيث الطبيعة ثروة حقيقية تلهم النجاح، كانت تركض في أراضي البلدة وهي ترسم في خيالها أحلام الغد، كانت كلها عن البطولة العالمية، وعن تخطي حواجز المحلية والوطنية وصناعة اسم يليق بطموح من لها جينات الأبطال. كانت طفلة في عمر الخمس سنوات حين جذبها إيقاع الجري والتيكواندو وكرة القدم إلى مربعهم، خلطة رياضية تظهر ميولا غير مرتب ويخضع في جزء منه للهوس وحتى لشغب الطفولة، لكن في الجسم محفزات تتجاوز الشغب والهوس ولعب الصغار والالتهاء بما يجنب مصير الصغيرات في القرى الجبلية: هدر مدرسي و زواج مبكر. لم تركب، هي، ركب هذا المصير، بل اختارت الأكثر صعوبة، وإنجازا لأنه تحت تركيز العالم، وتصنف فيه الجوائز بالذهب والفضة والنحاس، والأهم، يذكرها بإنجازات رموز سباق المسافات القصيرة والمتوسطة والطويلة، وقد كان البطل هشام الكروج في مقدمتهم. « هو عرابي في سباق 1500 متر، وقد شاءت مساراتي في ألعاب القوى أن أتشارك معه نفس المسافة التي له فيها رقم قياسي عالمي منذ سنوات طويلة، اكتفيت فيها بالمرتبة الثانية، لأن تركيزي وجهدي خبأتهما للماراطونا.» تقول فاطمة الزهراء الإدريسي التي تثق في قدميها، وتعرف أن جسدها النحيل لن يمنعهما من الإنطلاق نحو خط الفوز، حدث ذلك في أولمبياد دبي، ملتقى هو ما دشنت به مشاركتها الأولى دوليا بعد أن احتضنتها الجامعة الملكية المغربية لمكفوفين و ضعاف البصر. رحلة ألف ميل بدأت بخطوة في نادي والماس الذي نظم سباقا مفتوحا جربت فيه إمكاناتها فجاءت الأولى. سجلت مع الفريق وبدأ اللعب دوليا.
لكل فارس كبوة. وكبوتها قبل إنجاز باريس كانت تشنج عضلي في الستين متر الأخيرة بألعاب طوكيو، «أحسست بالشلل في قدماي، صرت أحركهما بيداي وأنا ساقطة أرضا وأنظر إلى خط النهاية، تيقنت أني ضيعتي ميدالية للمغرب فغبت عن الوعي». كبوة الفارس والمهرة لا تحسب على الموت، الحقيقيون يقيفون من جديد، هي فعلت، والحصيلة بطلة العالم في ماراطون الالعاب الأولمية الباريزية، ورسالة تهنأة ملكية تحفضها عن ظهر قلب، وما لا يعرفه الجميع، أن البطلة المغربية فاطمة الزهراء الإدرسي كانت تركض مسافة 42 كلم بكاحل مصاب أخفته عن المنظمين لأنها واثقة من الفوز.