في عالمٍ يتوق إلى الإلهام، تبرز قصص الأفراد الذين يتجاوزون حدود المستحيل، وتحفزهم على تحقيق أحلامهم. هند زمامة، تلك المرأة المغربية التي حوّلت شغفها بالمغامرة إلى قصة نجاح ملهمة، هي واحدة من هؤلاء. فمن خلال تسلقها لأعلى القمم الجبلية في العالم، أثبتت أن الإرادة والعزيمة قادرتان على تخطي أي عقبة.
من عالم الشوكولاتة إلى قمم الجبال
أم لثلاثة أبناء وجدة، حاصلة على شهادة الماستر، بدأت رحلة هند زمامة في عالم الأعمال، حيث عملت مع والدها في صناعة الشوكولاتة. ولكن، سرعان ما اكتشفت شغفاً جديداً دفعه بها إلى عالم مختلف تماماً: عالم تسلق الجبال.
تقول هند زمامة، في تصريح لها، “لم تكن لدي أدنى فكرة برياضة تسلق الجبال، ولم يسبق أن فكرت في هذه المغامرة. خلال فترات الحجر الصحي، كنت أشاهد أحد البرامج الوثائقية حول تسلق الجبال، فبدأت تراودني فكرة تجربة هذه المغامرة”.
وتضيف المتحدثة حسب نفس المصدر: “سارعت للاتصال بأحد المرشدين السياحيين، فقررت خوض التجربة بداية من جبل توبقال، قبل أن يتم منعنا من الصعود، بدعوى أن سيديتين لقيتا مصرعهما، في حادث عرضي بجبل توبقال”. مردفة: “لم أستسلم، ولم أنهي التجربة، عدت بعدها بأيام قليلة لذات الجبل، وتوفقت في والوصول إلى أعلى قمة بالمغرب، ومعها بداية المغامرة.”
بداية المغامرة
قررت هند أن تبدأ مغامرتها بتسلق جبل توبقال، أعلى قمة في المغرب. لم يكن طريقها معبداً بالورود، فقد واجهت العديد من التحديات، منها الحظر المفروض على النساء بسبب حادث سابق. ولكن، إصرارها وعزيمتها قادتاه إلى تحقيق النجاح.
تحدي القمم العالمية
بعد نجاحها في تسلق جبل توبقال، قررت هند رفع سقف طموحاتها، وتوجهت إلى جبل كليمنجارو في تنزانيا، وهو أعلى قمة في إفريقيا. ثم انتقلت إلى تحدٍ أكبر، وهو تسلق قمة في سلسلة جبال الأنديز. في كل مرة، كانت تواجه تحديات جديدة، ولكنها كانت تتغلب عليها بفضل إرادتها القوية وتدريبها الجيد.
تقول هند في تصريح خصت به “نساء من المغرب عن رحلة صعودها لجبل إلبروز بروسيا في سلسلة جبال القوقاز: “أكيد تواجهين صعوبة أثناء صعود الجبال، فهو تحد 5642، لذلك يجب الإستعداد لذلك جيدا بدنيا ودهنيا، الاهتمام بالأكل الصحي مهم جدا كذلك بوقت طويل قبل صعود أي قمة، من فيتامينات وأدوية وتحاليل طبية عامة للتأكد من الاستعداد التام للرحلة، بتأطير خاص من فريق يعمل معي، كما يجب التحلي بالصبر والصمود أمام برودة الطقس في الجبال، والأعراض الجانبية التي يمكن أن تصاب بها في الطريق إلى القمة”.
رسالة إلى العالم
تعتبر هند زمامة أن مغامراتها ليست مجرد هواية، بل هي رسالة إلى العالم، خاصة إلى المرأة المغربية. فهي تثبت أن المرأة قادرة على تحقيق أي هدف تضع نصب عينيها، مهما كانت التحديات كبيرة. كما أنها تدعو إلى أهمية الإيمان بالنفس، وتجاوز الخوف، وتحقيق الأحلام، بالإضافة إلى ذلك، لعب الدعم العائلي دوراً كبيراً في نجاح هند. فقد شجعها أفراد عائلتها على تحقيق أحلامها، وقدموا لها كل الدعم المعنوي والمادي.
تأثيرها على المجتمع
أصبحت هند زمامة قدوة للكثيرين، خاصة للشباب والنساء. فهي أثبتت أن العمر ليس عائقاً لتحقيق الأحلام، وأن المرأة قادرة على تحقيق إنجازات كبيرة في مختلف المجالات. كما أنها ساهمت في تغيير النظرة إلى المرأة المغربية، وجعلتها رمزاً للقوة والإصرار.
قصة زمامة هي قصة إلهام للجميع. فهي تدعونا إلى تخطي حدودنا والبحث عن شغفنا. كما أنها تظهر لنا أن المرأة قادرة على تحقيق أي شيء تريده إذا ما آمنت بنفسها وقدراتها. هند ليست مجرد متسلقة جبال، بل هي رمز للإرادة والعزيمة والتحدي.