عمرها عند الهجرة لم يكن يتجاوز ثمانية أشهر. صبية أخذتها جدتها وجدها للعيش معهما هناك، وكان رفيقها في هذا الانزياح عن أرض الوطن توأمها سالم. كبرت سلمى في حضن جديها كأنه حضن والديها: «لم أناديهما إلا ماما وبابا، تقول سلمى التي تتحدث العربية بطلاقة تشكك في كونها فتحت عيناها الزرقاوان في بلد موليير.
أحبت سلمى» 33 سنة» كرة القدم حين اكتشفت اللعبة بالحي الذي تسكنه، نفس الحب كان لتوأمها سالم، طفلة في الخامس من عمرها تلعب مع توأمها وأصدقاء من نفس الحي لعبة ربطتها الثقافة بالذكور، لكن سلمى لم تستجب لنصيحة الوالدة والوالد بالابتعاد عنها. «كانت على مقاس شغفي، تسعدني، أنصت لداخلي دون أن أعرف بـأن ثقافتنا هنا تفصل بين الجنسين في نوع اللعب، بل حتى في فرنسا كنت الوحيدة من يلعبها في حينا ومدرستنا.» كلام سلمى حملنا إلى كيف حاول جديها تغيير مسارها الرياضي بتسجيلها في نادي للجيدو لمدة سنة، لكن عشقها كان أقوى للمستديرة، وحنوها لها في هذا العام كبر، فما كان منهما إلا إدخالها ناديا لكرة القدم. العشق لا يداوى إلا بالعشق، وعشق سلمى جعلها تنطق «تفرحني» ، بنفس نطق حكيمي لها «تتفحرني» وكأن قلب الحروف لدى المهاجرين قاعدة لا مجرد عادة.
في سن الأربعة عشر عاما انطلق مسارها في فرقة كرة القدم النسوية ب»بريست»، موقعها وسط الميدان الذي صاحبها إلى الآن كان متميزا. في هذا الوقت عرفت سلمى بحبها لنموذجها الكروي زين الدين زيدان. « هو الأحسن في موقعه، كنت أجده أنيقا في الملعب، وشخصيته وقيمه جعلته نموذجي». تقول سلمى التي درست التسيير والمحاسبة، وقادها سوق العمل إلى ارتداء نفس بذلة والدها الدركي بعد نجاحها في مبارة الشرطة، والحصيلة خمس سنوات في مهنة تحبها منذ كانت تصحب والدها إلى عمله كلما قدمت الى المغرب، خلالها تعلقت بهيبة السلطة. لكن تخييرها بين اللعب ومهنة لها ما لها من صرامة لا يناسبها اللعب، جعلها تختار اللعب عن السلطة وهي في سن السابعة والعشرين.
الاختيار كان يرافقه حلم العيش من ممارسة كرة القدم، إنه الشق الصعب في الاختيار، هكذا عرفت مسيرتها كروية الانضمام لعدة أندية، «غاغون» الذي لزمته عشر سنوات، انتقلت بعدها الى صفوف نادي فلوري، ديجون وأخرون قبل أم أن تتوج مسارها بالانضمام إلى المنتخب الوطني سنة 2012. «في هذه التاريخ، لم يكن هذا الإبهار في البنية التحتية ومراكز كرة القدم، كما تفاجأت بوجود بناة يلعبن الكرة بشكل محترف» تقول سلمى التي لا تجد أفضل من شرف تمثيل البلد في منافسة يحلم جميع لعابي كرة القدم خوضها، كما لا تخفي اعترافها: لدينا أحسن الشروط للاستعداد لكأس العالم: مركز كرة القدم استثنائي وهو الأفضل، حتى في أوربا ليست مراكزها كلها بهذا المستوى، فريق بمؤهلات كبيرة مع أنه سيواجه فرقا قوية، سياسة رياضية جادة في الانطلاق بكرة القدم إلى الأعلى.. إنها حوافز للنجاح وسننجح».