تربية الأبناء … بتمثلات جديدة

التربية بين البنات والأولاد ليس مجرد مطلب وإنما حق من حقوق الإنسان الطبيعية. إلا أن بعض الأباء والأمهات يلجأون إلى التفضيل بين الجنسين. إما عن وعي ودراية أو عن فطرة،… أي ما وجدوا عليه آباءهم، إذ منذ البدء تكون العناية بالذكر حامل اسم العائلة والمعيل لها فيما بعد، لذلك يحرص الأبوان على تأهيله وتدريبة وساحتهما في ذلك البيت، حيث تعطى للذكر كافة الإمتيازات على حساب الأنثى التي تلصق بها صفات القناعة، الصبر، اللاقدرة، الطاعة والإستجابة، فيما تعطى الإشارة الخضراء للذكر لإبراز عضلاته بأمر أخته والتدخل في شؤونها كبداية للتسلط والسيطرة، بل ويحرص بعض الآباء على نظام وكم الأكل للولد ليقوى ويشتد عظمه لأنه مشروع يتوخى منه، فيما الفتاة أمانة تزف إلى بيت زوجها في أية لحظة.

من هنا ينبع السلوك الذي تحول إلى عادة في التربية وهي تربية قائمة على الترابية والتي تولد الحقد بين البنت والولد. ما يضيع فرص التنشئة على المساواة، التي تبنى من داخل النواة الأسرية، فعندما تسخر الأسرة الفتاة لخدمة الولد مهما كان فارق السن بينهما فإن الأبوان يسهمان عن وعي أو غير وعي في ترسيخ نفس المبادئ التربوية القديمة ويعرقلان مسيرة التغيير، والمساواة التي يقوم لها العالم ولا يقعد، فالتربية أو التنشئة الأولى هي بداية كل التغييرات.

إن تشبث الآباء بالمرجعيات القديمة يجعلهم لا ينصفون في تقسيم حاجيات أبنائهم، فحكيمة 39 سنة، ربة بيت وأم لابنة وولد تصر بقناعتها على كون البنية الجسمانية للأولاد تفرض نظاما وقيمة غذائية مختلفة أو زائدة عن تلك التي تحتاجها البنات، هذا الاعتقاد جعل الاهتمام بغذاء ابنها مبالغ فيه حد الخوف، تقول : “كنت صارمة في أن يأخذ ابني كل وجباته الغذائية بل أحيانا أجبره على أن يضاعف منها ليظهر بمظهر مختلف، فيما لا أتضايق من أن تنام أخته من دون أن تأخذ طعام العشاء” وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تبني النساء أنفسهن الأفكار النمطية وإعادة تكريسها في تربيتهن لبناتهن. على عكس من ذلك استطاعت جواهر أن تتنصل من التمثلات الاجتماعية وإن اختلفت عن ثقافتنا وقوالبها الجاهزة، إذ غيبت الخصوصية الجنسية في مهمتها التربوية وسعت إلى رفع السيادة عن الولد، تقول : “التربية واحدة ولا تمييز أو تميز فيها بين أبنائي بحكم الجنس فالمهم بالنسبة لي أن أصحح في تجربتي التي تجعل الولد يحاكي والده بالابتعاد عن دخول المطبخ، خلاف الأنثى التي تشارك في كل شيء بشكل طبيعي”.

إن التربية الفارقية تبدأ من خلال الآباء في تحديد الأدوار، حيث يتم ربط المرأة بالداخل وبالوظائف الطبيعية لجسدها وبالتالي تقليصها وتسييج مساحتها عكس الولد، تقول خلود السباعي،  أخصائية في علم النفس الاجتماعي، في هذا الشأن : “لا أحد يمكنه أن ينكر الفوارق البيولوجية أو الجنسية بين المرأة والرجل، إلا أن هذه الاختلافات البيولوجية بقدر ما نجدها واضحة بقدر ما نلمس سكوتها وابتعادها عن أي تحيز أو تميز أو سعي إلى تفضيل أي جنس على الآخر، ولقد أكد علم النفس بمختلف فروعه على دور وحيوية المحيط والتنشئة الاجتماعية في هيكلة شخصية الفرد، وذلك بشكل لا يقل عن تأثيرات الوراثة، حيث بينت مختلف الدراسات السيكولوجية المعاصرة، مدى تدخل المحددات الثقافية وتغلغلها في أعماق الأفراد والجماعات، إلى حد تأثيرها على ما هو بيولوجي، كما بينت مجموعة من الدراسات الأنثروبولوجية بأن للثقافة دورا حاسما في توجيه الفوارق الجنسية وتقييمها وفقا لمقاضيات المجتمع وأهدافه. إذا كان الأفراد يولدون ذكورا أو إناثا على مستوى الجنس فإن تعيين وهيكلة صفات الرجولة والأنوثة تبقى من اختصاص الثقافة، مما تصبح معه هذه الأخيرة من خلال صيرورة التنشئة الاجتماعية وعبرها بمثابة وكالة لإنتاج معنى كل من الذكورة والأنوثة عن طريق تسطيرها للحدود الفاصلة بين ما نطلق عليه شخصية الرجل في مقابل شخصية المرأة.

 

سلط المسلسل الضوء على واقع المرأة المغربية من خلال شخصيات تعيش في مستويات اجتماعية مرتفعة، بينما تخفي معاناتها الحقيقية خلف صور السعادة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بمؤسسة دار بلارج، التي تحضن موضوع روبرتاجنا عن الأمهات الموهوبات، وجدناهن قد تجاوزن وصم « بدون» الذي كان يوصم بطائق تعريف بعضهن في زمن ما لأنهن ربات بيوت، حصلن على جائزة المونودراما بقرطاج عن مسرحية كتبنها، شخصنها، وعرضنها فوق خشبة مسرح عالمي. والحصيلة مواهب في فن يصنف أبا للفنون، اشتغلت عليها مؤسسة دار بلارج وأخرجتها من عنق الحومة والدرب وجدران البيوت القديمة التي لم يكن دورهن فيها يقدر إلا ب»بدون».
الأبيض والأسود لونين أساسيين في مجموعات عروض أزياء أسبوع الموضة بباريس.