كيف نعيش الحياة الجنسية؟ وكيف نعمل على الموازنة بين الاندفاعات الجنسية ونظام المجتمع؟ وكيف نواجه الطابوهات المتعددة؟ وكيف ننظم ونحمي حياتنا الجنسية؟ نطل على كتاب «دليل التربية الجنسية»، لنادية القادري، وسمية برادة، صدر عن دار الفينيك، 2009، لإلقاء الضوء على العديد من العلاقات الخجولة والمعمعة، وكذا لتثمين المجهود العلمي للكاتبين نادية القادري وسمية برادة في تصحيح أخطاء جنسية شائعة في انتظار أن تكون التربية الجنسية ضمن البرامج التربوية الضرورية في حياة الفرد.
الجنس والضغوطات الاجتماعية
أوضحت العديد من الأعمال في المغرب أن العديد من العلاقات الجنسية تعاش داخل الخجل والذنب والكتمان، ولذا فإن سلبياتها تكون كبيرة على الأفراد. ذلك أن الديانة تحرم أي علاقة جنسية خارج إطار الزواج، ولذا فإن الفتاة ينبغي أن تحافظ على غشاء البكارة، في حين يسمع الشاب خطابا مزدوجا، فهو في حاجة إلى علاقة جنسية، غير أن الصديقة محرمة اجتماعيا، لذا يلجأ إلى علاقات محرمة مع خادمات صغيرات أو بائعات للجنس، الشيء الذي يجعله يتعرض للعديد من الإشكالات النفسية. أما الفتيات فيتم تحصينهن للحفاظ على بكارتهن، إلى يوم الدخلة، وهناك نوع آخر من المجتمع يعيش حياته الجنسية بشكل عادي خارج إطار الزواج.
العادة السرية
العادة السرية هي التحسس على القضيب أو البظر وذلك للحصول على لذة جنسية، وقد تتم من خلال الصور الجنسية المثيرة التي تهيمن على الأفكار، لتحدث النشوة. إن أغلب الممارسين للعادة السرية تكون غايتهم الحصول على اللذة الجنسية، وأيضا الرغبة في معرفة ردود الأفعال الجنسية للجسد، وذلك للتخفيف من حدة التوترات الجنسية أو لتجنب الوقوع في الحمل أوالسقوط في التعفنات الجنسية. غير أن العادة السرية منبودة اجتماعيا، وهي لا تؤدي -كما هو شائع- إلى العمى أو الاكتئاب، إلا أنها محملة بالذنب والخوف من العقاب الإلهي، وهي بذلك تقحم الناس في العديد من المعتقدات والمخاوف.
الشذوذ الجنسي
يمكن تحديد الشذوذ الجنسي “بعيدا عن السياق الإجتماعي والثقافي والديني للعصر” على أنه توجه في الدماغ، في العواطف والسلوكات، بحيث يقع صاحبه في الميل إلى نفس الجنس أو إلى ثنائية جنسية، غير أنه في مرحلة المراهقة يعيش العديد من الشباب هذه السلوكات المثلية، رغبة منهم في التدريب أو البحث عن الأحاسيس أو الخجل، دون أن يكونوا مثليين، ولكي نفهم المثلية الجنسية، علينا أن نفهم المثلية الجنسية علينا أن نفهم بأنه توجد بداخلنا ازدواجية جنسية بحيث تشكل جزءا من الذكورة، غير أن أحدهما يهيمن على الآخر، بحيث يحكم التوجه للانجذاب إلى نفس الجنس أو لغيره.
العنف الجنسي
العنف الجنسي ما زال يشكل الطابو بالنسبة للمجتمع المغربي لأن العديد من الحالات التي تشكل العنف الجنسي تمر في صمت، خاصة حين يتعلق الأمر بالمحارم، أو حين يعيش الأطفال في محيط تكون فيه التلميحات الجنسية من طرف الآباء أو باقي أفراد العائلة، بحيث لا تحترم الحميمية، وتؤدي هذه السلوكات إلى الإثارة المستمرة لدى الطفل، خاصة وأنه ليست له وسائل السيكولوجية لمجاراتها. ويتخذ العنف الجنسي العديد من المظاهر، بحيث يمكن أن يمس المكالمات الهاتفية أو الصور البورنوغرافية، أو التلميحات الجنسية، أو يمكن أن يكون اتصالات جنسية غير مكتملة، لمسات، عادة سرية، أو اقتحاما شرجيا أو فميا. ويمكن للمقتحم أن يكون شخصا معروفا أو مجهولا، أو يكون شخصا غير ناضج يتعاطي للسكر والمخدرات، إن العنف الجنسي يوجد في كل المجتمعات، حتى في البلدان المتحضرة.
بالنسبة للنساء أيضا، وهناك العديد من الحالات، لا يتم الإعلان عنها، حين يتعلق الأمر بالاغتصاب وذلك نتيجة للخوف من من ردة فعل المجتمع، خاصة إذا تعلق الأمر بفرد من أفراد العائلة. ويشكل العنف الجنسي في الطفولة والمراهقة الدرجة الأخطر، بحيث إنه يخلق العديد من العوامل السلبية التي تتجلى في التوتر، الاكتئاب، أو عدم احترام الذات. لذا لا ينبغي القبول بالتمليحات الجنسية أو الانعزال مع شخص حديث المعرفة، أو التواجد مع مجموعة من الشباب وحيدا (ة) مهما كنت على معرفة بأحدهم. إن إثارة ظاهرة العنف الجنسي هامة جدا خاصة أن المعترض للاغتصاب يشعر بالذنب والخطأ الذي يمكن أن يؤثر على مسار حياته، كلها لذا بدأ أعضاء المجتمع المدني يثيرون هذه الظاهرة ويتحدثون عنها لتجنبها، لأنها تشكل ظاهرة أساسية في مجتمعنا، ولأنها تسهم في خراب العديد من الأطفال والمراهقين والنساء.
التعفنات المنقولة جنسيا
تنقل التعفنات الجنسية عبر علاقة جنسية غير محمية مع شخص مصاب، أو عدم استعمال جيد للعازل الطبي، أو عبر نقل الدم أو في حالة سكر إلى غيرها من الحالات، وتختلف التعفنات الجنسية بحيث يكون بعضها عرضيا يزول بعد مدة أو تكون تعفنات على مستوى خطير مثل السيدا. ويمكن معرفة المرض من خلال الإفرازات على مستوى المهبل، أو التقرحات الجلدية أو الآلام المصاحبة للتبول أو العملية الجنسية. وفي مثل هذه الحالات، ينبغي اللجوء إلى الدواء فور علاقة جنسية مشبوعة بحيث يتم الاتصال بالجمعيات التي بأقصى سرعة ممكنة.
الإسلام والجنس
يحتل الجنس مكانة هامة في الإسلام، وقد ناقشت العديد من الآيات وكذا الأحاديث، العديد من الطرق والسلوكات التي ينبغي اتباعها في العلاقة الجنسية. يحث الإسلام على الزواج، ليس للإنجاب فقط، بل للذة والإشباع الجنسي : «حتى يذوق عسيلتك، وتذوقي عسيلته”، تتحدث العديد من الأحاديث عن أشياء تكون مصاحبة للعملية الجنسية وتمهد لها، مثل القبلات واللمسات والأوضاع داخل الممارسة، «نساؤكم حرث لكم فآتوا الحرث أنى شئتم»، ويحرم الإسلام العلاقات الجنسية خارج الزواج، «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا»، كما يحرم العلاقات الجنسية خلال المحيض، والزواج بالمحارم، ويحرم الشذوذ الجنسي، مثل قوم لوط، فالعديد من المفاهيم والتنظيمات الاجتماعية حددها الإسلام في العلاقة الجنسية.
التغيرات الفيزيولوجية
إن البلوغ تصاحبه العديد من الإشكالات مثل الحيض لدى الفتاة، التي تشعر في كثير من الأحيان على أنه شيء مخجل ووسخ يتم مداراته وإخفاؤه، ويمكن أن تحدث نوع من التغيرات الفيزيولوجية خلال العادة الشهرية لدى الفتيات، بحيث تشعر بعضهن بآلام في الرأس أو في مؤخرة البطن، أو التقيؤات، أو أعراض البكاء، إلى غيرها من الأعراض. ومن بين التغيرات الفيزيولوجية أيضا حب الشباب، أو التعرق الذي هو حالة طبيعية ينبغي القضاء عليها بالاستحمام، أو استعمال مزيل للروائح. عند البلوغ يتغير الولد أيضا، سواء عبر تفاحة آدم التي تبدأ في البروز، أو على مستوى آخر، وهي أن الدماغ يثير الخصيتين اللتين تنتجان هرمونات ذكرية، تتجلى على مستوى الجسد، ويمكن أن يحدث قذف سواء في النوم أو في أحلام اليقظة إلى غير ذلك…. تعد مرحلة المراهقة من أصعب المراحل، إذا أنها تضمر نوعا من التغيرات الفيزيائية والنفسية أيضا، بحيث تكبر الأسئلة عن الهوية والوجود والمستقبل، ولأنها محطة عبور أساسية ينبغي الحذر منها وتوجيهها أيضا، لأنها تشكل منعطفا حاسما للمرور للمراحل الأخرى، ذلك أن الجسد تداهمه العديد من الأحاسيس والإدراكات المختلفة، مثل تغيير المزاج، أو بدايات التوله بشخص آخر توجه إليه الأحاسيس الجنسية مثل نجم السينما، أو مطرب أو معلم، إلى غير ذلك. وتشكل الأحلام الجنسية قطبا هاما، فهي تؤدي بالفتى إلى الانتصاب خلال النوم، وحتى الفتيات لديهن أحلامهن الجنسية، وهي تكون عادية، أما إذا تجاوزت الاستيهامات حدها الأقصى فينبغي الحديث عنها لشخص آخر ومع كل التغيرات الفيزيائية والنفسية التي تحدث، ينبغي أن أطرح الأسئلة التالية : هل أنا مهتم بالجنس؟ هل استيهاماتي غريبة؟ هل أنا شخص عاديظ ؟ هل ينبغي أن أحب؟
الحب والجنس
يخضع الحب للعديد من العوامل الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، وهو احترام الآخر واحترام دائرته الخاصة، غير أن الحب تداهمه عوامل أخرى تبدأ في التشكل في الدماغ، وهي الرغبة في التواصل الجسدي مع الشخص الآخر، ويحدث أن يتم رفض هذا الطلب الجنسي، لذا على العاشق أن يعمل على تحقيق ذلك عبر علاقة شرعية. إن العلاقة الجنسية علاقة معقدة، فهي تتم عبر تفاعل العديد من العوالم البيولوجية والسيكولوجية والاجتماعية، ولذا فإن التربية الجنسية التي توافق ثقافتنا تفترض هذه المكونات وتسمح بحياة جنسية أفضل للشباب في الدخول إلى حياة سليمة في المستقبل.