شيزوفرينيا جماعية

نحتاج في كل مرة إلى ضجة حتى لو كانت زوبعة في فنجان، لنخرج كل ما بداخلنا من عقد ونواقص وأحكام، تعري حقيقة الصورة التي نسوقها عن أنفسنا. ولكثرة ما نتفنن في تجميلها وتلميعها، نتوهم أنها حقيقية. بل نظن ظنا أننا فعلا ذلك البلد الذي اختار مبدأ التغيير الناعم أو المخملي، في تدبير كل القضايا المصيرية التي تنقسم حولها الآراء، وتختلف قبل أن نخرج وصفتنا السحرية العجيبة لنشهرها في وجه العالم. ويبدو أننا قادرين أيضا،  كلما اقتضت المصلحة ذلك،  تجميل  اختلافاتنا ومعاودة التشهير بنفس ورقة الاختلاف الساحرة لضرورة ما.

فهل نحن شعب شيزوفريني حقا ؟ّ! وهل تمكن المرض منا لدرجة أننا أصبحنا نردد جميعا معاناتنا من هذا المرض اللعين، الذي نخر أجسامنا وأصابها انفصام كذلك. ننتحل شخصيات غير شخصيتنا الحقيقية، وهي الحالة التي تصيبنا جميعا. فبقدرة  قادر قد نصبح أخصائيين نفسانيين أو محللين اجتماعيين، كما قد نصبح أطباء وفقهاء ومفتين، وسياسيين ومنظرين ونقاد. لا مانع أن نفعل ذلك عن معرفة أو عن جهل، بل المهم عندنا أن نشهر ورقة الشيزوفرينيا التي تأبى إلا أن تحرك وتحيي “الراكد” فينا. تحقق لنا نشوة التخلص من عقدنا المكبوتة، وتصفي حساباتنا مع من أوهمونا، أن اختلافنا مدبر، وأن تديننا أو تحررنا وهو ما يجعل منا الاسثتناء، وأن المهم هو صورتنا في الخارج التي يجب أن تحفظ لنا ماء الوجه، مهما كانت ممعنة في التناقضات، ومهما كانت مغرقة في الإزداوجية، وإلا لن نكون نحن أصحاب “البصمة” في خلق قضايا رأي عام  ينطبق عليها المثل المصري”ماشفوهمش وهم بيسرقوا شفوهم وهم بيتحاسبوا”.

نحن من قال للعالم أن “الفيلم الضجة” يضر بصورة البلد، ويسيئ لصورة المرأة المغربية لكن لا يهم أن نسيء إليها نحن ولا بطرق وأوجه مختلفة، المهم أن لاتصل هته الصورة إلى الخارج، وأن لا نرى من خلالها أنفسنا في مرآة كاشفة فاضحة لكل نواقصنا وعيوبنا. بقدرة قادر أصبح 30 مليون مغربي نقاد سينما من العيار الثقيل، يتآمرون بوعي أو بدون وعي على إجهاض أو حتى إعدام كل ما من شأنه أن يكشف عن ازدواجيتنا وانفصامنا، وتتحول معه حكومتنا إلى دار “افتاء” تحمي انزلاق أخلاق هذا الشعب، خوفا من خدش الصورة الجميلة التي نرسمها في مخيلتنا عن واقع الأمور.

ولأجل ذلك أصدرت قرارا أو “فتوى” كما اعتبرتها إحدى الصحف الأجنبية، بمنع فيلم حاول تقديم وجهة نظر حول ظاهرة لا تمس مجتمعنا فقط، بل مرتبطة بأقدم مهنة في التاريخ عرفتها كل المجتمعات. صحيح أنه يفترض في أي عمل فني أن يتضمن رسالة قيمية لا تقف عند حدود منظومة ثقافية مثقلة بالنمطية والنظرة الضيقة، بل عليه تقديم عمله هذا بأدوات سينمائية تنشد الجمالية، مهما كانت درجة جرأة الموضوع، دون أن نعتبر ذلك صدمة من وجهة نظر أخلاقية، وهو المنطق الوحيد الذي اعتمده أغلب من شاهد اللقطات المسربة عن “الفيلم الضجة”، الذي لست هنا لأدافع عنه لأني لم أشاهده أولا، بل من منطلق دفاعي عن المبدأ. مبدأ  الحرية  في تقديم عمل إبداعي مهما اختلفنا حول موضوعه، وطريقة طرحه، وأيضا من مبدأ واقعية الأشياء. موضوع  الدعارة، تقدمه بعض المنابر الإعلامية مثلا بشكل يتجاوز طرح الفيلم، ولكم أن تطلعوا على الصور التي يتم نشرها بالبنط العريض، كلما تعلق الأمر بضبط شبكات دعارة وبائعات جنس…

من حقنا أن ننتقد الفيلم، لكن ليس من حقنا الإدعاء أنه قدم شيئا غريبا عن واقع الظاهرة بمجتمعنا، أو أنه قام بتشويه صورة المرأة المغربية. لا يجب خلط الأمور ، هو  عمل تخييلي  قد يعجبنا كما قد لا يعجبنا، وبنفس المنطق قد يعجبنا أو لا يعجبنا حفل المغنية الأمريكية جنيفر لوبيز، الذي افتتح مهر جان موازين. لكن ما قد لا يعجبنا حقا هو حالة الشيزوفرينيا  التي جسدها قرار منع الفيلم، والسماح بعرض حفل يتضمن نفس أسباب منع الأول، والآدهى من ذلك كيف نحلل موقف الذين اعتبروا ذلك قمة “الشيزوفرينيا”، وهي الكلمة التي ترددت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ربما بنفس قدر نسبة المشاهدة التي حققتها مشاهد الفيلم المسربة. فمن المسؤول عن حالة الانفصام التي أصبح يعاني منها ساكنة البلد ؟ بل ويتبادلون التهم حولها؟ أليست هذه أقسى حالات أعراض المرض اللعين الذي أصبح يتطلب من الحكومة تقديم طلبات عروض عاجلة للبحث عن أطباء نفسيين حقيقيين لإنقاذ شعب بأكمله، قبل تنطعهم  بإنقاذ صورة البلد التي ليست سوى نتيجة طبيعية لتمكن المرض منا؟ وقبل هذا وذاك، ربما حان الوقت لنعيد طرح السؤال على أنفسنا، حول الصورة الحقيقية التي نريد رسمها لهذا البلد، بعيدا عن صورة القديم والجديد، أو حتى صورة الاختلاف والتعدد الذي ليس إلا مجرد واجهة تلمع، وبضاعة للتصريف نحو الخارج.

سبيل خديجة

سيلين ديون تصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، استعدادًا لمشاركتها في افتتاح أولمبياد 2024.
حققت اللاعبة الدولية المغربية فاطمة تاغناوت حلمًا طال انتظاره بانضمامها إلى نادي إشبيلية الإسباني للسيدات، لتصبح أول لاعبة مغربية ترتدي قميص النادي الأندلسي.
قالت مصادر مُطلعة على الوضع، أن بيلا حديد استعانت بمحامين ضد شركة أديداس بسبب افتقارها إلى المساءلة العامة، وذكرت أنها تشعر أنهم قادوا ضدها حملة قاسية ومدمرة.