قارئات يتحدثن .. الكتب حياة أخرى

في زمن أصبحت أسئلة القراءة فيه ملتبسة، ماذا لو تحدثنا عن القراءة عوض الحديث عن أزمتها ؟

ربما هذا هو الرهان الذي تراهن عليه مبادرات تنمية القراءة، التي غذت متسائلة لأصول القراءة ومتعتها وأهميتها حتى بالنسبة للحياة في حد ذاتها، ماذا لو أصبحت القراءة هي منبع الحياة ذاتها وفي نفس الآن تنمية للمجتمع، لأنه بدون جسر القراءة لن ينمو جسر التواصل.قارئات يتحدثن عن القراءة وزمنها بأساليب مختلفة في عالم متعدد لا ينتهي. ٫واختلاف يلتقي في محور واحد هو الإبحار في القراءة.

سكينة لبيب، تلميذة الولع بالكتب خيالها الأوحد

أقرأ لأن السماء رمادية، ولأن الجدران سميكة صامتة وقاسية، ولأن حركة السيارات متوترة، ولأن الوجوه مصبوغة بالحزن و التعب، و لأن الآباء و الأمهات والأطفال يمشون وهم ينظرون إلى الأسفل. أقرأ لأحمي نفسي من النظام الاجتماعي الرتيب. كثير من الناس يعيشون حياة الآخرين عوض حياتهم. فترى النساء يقضون وقتهم في التحدث على الهاتف منتقدات من يعرفن و من لا يعرفن، و ترى الرجال يملؤون المقاهي متفرجين على الآخرين، وترى الشباب معلقين على شاشات حواسيبهم يتجسسون على أصدقائهم. أقرأ لأعيش حياتي كما أريد، أقرأ لأحلم، ولأنهل بدل أن أحلم. أقرأ لأن العالم شاسع والحياة قصيرة. عندما أعود إلى البيت بعد يوم طويل شبه الأيام الأخرى، بعد يوم ترى فيه نفس الوجوه، وتمشي في نفس الطريق و تسمع نفس الأشياء، أقضي المساء في قراءة فريدة لا تشبه سابقتها. أقرأ لأنعم بخصوصيتي. و من غرفتي الصغيرة في الطابق الرابع أسافر عبر الكتاب، و أنتقل إلى وجود أخر. وأنا أقرأ هاري بوتر في سن العاشرة، كنت أرى نفسي في كل الأبطال، حلمت أن تكون حياتي مليئة بالمغامرات، كنت أحلم أن أستيقظ يوما وأجد في بريدي الإكتروني رسالة تدعوني لأكون فريدة تماما كما في الرواية. رسالة تكشف لي أنني ابنة بالتبني وبأن والدي ليس والدي البيولوجيين، حينها ستكون الحياة أكثر إثارة. فما أسهل أن تكون طفلا مدللا وأن يغمرك والداك بالحب، و لا اختيار لك إلا النجاح و بمفهوم النجاح الذي يراه الكبار. قراءة الكتب تجعلني أتمرد على نظام الأسرة الرتيب. كنت أجد نفسي مع أشد الناس فقرا والأقل حظا. لأن لهم في الحياة اختياران، أما أن ينجحوا أو يفشلوا ويمكنهم أن يختاروا الهروب أو الجنون. لديهم الحق في العيش مع الخطر وفي ارتكاب الخطأ لأنه ليس لديهم ما يخسرونه، أما أنا فلم يكن أمامي إلا اختيار واحد، اختيار النجاح. وأنا أقرأ «العمتوم» واجهت الحياة في حقول القطن، عانيت معه من العبودية ومن سنوات العمل الشاق و الإرهاق والإذلال و الوحشية. و من غرفتي الوردية أو في مقعد السيارة الخلفي في سفر عائلي، اكتشفت عالما آخر. في هذا الكتاب قرأت الموت، والحسرة، والتضحيات والانفصال وقرأت أيضا التضامن والصداقة و الحب. قرأت الشجاعة الكبيرة،شجاعة فوق طاقة البشر، وأتذكر دائما تلك العبارة الخالدة على لسان طوم المستعبد وهو يخاطب صاحب الضيعة القاسي: «لقد باعو ا لك جسدي ولكن روحي لا تباع» استهوتني قراءة الرواية التاريخية ووجدت نفسي متورطة في قراءة سقوط العمالقة للكاتب كينفوليت وهو كتاب من 1040 صفحة عن الحرب العالمية الأولى، وجدت نفسي أسافر إلى أوروبا وروسيا، والولايات المتحدة. كنت تارة امرأة أرستقراطية و تارة مناضلة نسائية، وتارة برلمانية أو فلاحة. عشت الحرب العالمية الأولى بكل الإثارة الممكنة.

هاجر هابي، إطار في مكتب للموارد البشرية القراءة أسلوب عيش

القراءة بالنسبة لي أفضل وسيلة للحياة، وأيضا أفضل وسيلة للبقاء على قيد الحياة. وهذا لا يعني فقط الغرق في كومة لا حصر لها من الكتب وقضاء بعض الوقت للتمتع بجمال الآلاف من الصفحات، بل إن القراءة بالنسبة لي هي رد فعل غريزي عندما نختار أن نكرس أنفسنا للحياة ولفهم العالم من حولنا. أمي قارئة جاءت إلى بيت الزوجية محملة بصناديق من الكتب : كتب موليير، أفلاطون، جاك بريفير، سيلين، الطاهر بن جلون وغيرهم، تلك الكتب التي ستحل ضيفة على غرفتي في مرحلة طفولتي. بدأت القراءة في سن السادسة، قرأت كل ما صادفته أمامي بل وعدت قراءة العديد من الكتب و بالخصوص كتاب الأمير الصغير لسانت اكزوبيري، أعيد قراءته كلما مررت أمام مكتبتي و صادفته و كأني أقف لتحية صديق قديم. كتاب خالد، لا يبلى مع مرور الوقت. يدهشني في كل مرة و أتعلم منه درسا جديدا بعد كل قراءة. انخرطت في المدونات الأدبية على الإنترنت لأبحث عن قراء آخرين مدمنين مثلي على القراءة. دخلت إلى منتدى أدبي يتواصل فيه عدة آلاف من القراء باللغة الفرنسية ووجدت ضالتي في هذا المجتمع الذي تقاسمت معه نفس العاطفة : حب القراءة. و في تلك المنتديات يقرأ كل منخرط 100 كتاب في السنة تقريبا، كنت أعتبر قراءتي بطيئة بالنسبة لباقي القراء في المنتدى، فوجدت نفسي أدخل في منافسة شرسة لأقرأ أكثر، دون أن أنسى بأن القراءة هي أولا متعة و ليست فقط مجهودا. مدونات القراءة غيرت حياتي كقارئة أولا، و كمهنية و ذلك بفضل العديد من العلاقات المثمرة و العادات الجديدة التي تبنيتها في حياتي شيئا فشيئا. كان لهذا الانخراط تأثيرا كبيرا على ميزانيتي بحيث أصبحت أخصص راتب شهرين في السنة في شراء الكتب و أشتري عددا من الكتب أكبر مما أقرأ.

رشيدة رقي، أستاذة جامعية عالم يحيا عبر القراءة

منذ الطفولة كانت القراءة بالنسبة لي نشاطا عفويا كاللعب، وسلوكا طبيعيا أقوم به دون تفكيرا مسبقا. لم تكن القراءة واجبا ثقيلا. والقراءات الحرة علمتني أكثر مما علمتني المدرسة. كان أبي يحرص بعد عودته من العمل على تنظيم قراءات جماعية ونقاشات داخل الأسرة. وتعلمت في هذه الجلسات الحميمية أول الدروس في فن التحاور والنقاش والسجال. كتبي الأولى هي القرآن الكريم، وألف ليلة و ليلة وإحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي وبشغب الأطفال. بحثت عن عنصر التشويق في هذا الكتاب. استعنت بخيالي واخترعت قصصا وحكايات من كتابأبي حامد الغزالي. قرأت قصص الكبار وصراعهم مع تهذيب النفس وترويضها والتغلب على حب المال والجاه باعتبارها قصصا بطولية ومغامرات مسلية. وبطريقتي كنت أتخيل الأشرار النهمين والمنافقين وأتخيل الطيبين المبتسمين والكرماء. وكنت أتسلى بقلب الأدوار، فأتصور الأخيار أشرارا و الأشرار أخيارا، لأن الخير والشر عادة ما يكونان متداخلين. كانت أمي تحب الحكي و تحكي لي حكاية ابن السلطان وهو يجادل عائشة ابنة التاجر وهي تسقي الحبق فوق السطوح وتتساءل معه بمكر عن سعة الكون وعمق البحر، وعلو السماء لتثبت له بأنها الأكثر ذكاء.

أسماء بنعدادة، أستاذة جامعية القراءة صداقة وحياة

الحديث عن القراءة يجعلني أتذكر أستاذتي للغة العربية في مرحلة الإعدادي التي كانت تفتتح الحصص الثلاث التي كنا نقضيها معها كل أسبوع، بقولة للكاتب الفرنسي مارسيل بروست «القراءةصداقة» la lecture est une amitié إن لم تكن أجمل صداقة.. كنت قد اكتشفت لذة القراءة في مرحلة الابتدائي مع معلمة اللغة العربية التي كانت توزع علينا القصص وتطلب منا قراءتها وكتابة ملخصلها. لكن في مرحلة الإعدادي، ستتوطد علاقتي بالقراءة لما تسجلت في المركز الثقافي الفرنسي الذي كان نظام المكتبة فيه يسمح بإعارة كتابين دفعة واحدة لمدة أسبوع. سمحت لي القراءة باللغة الفرنسية وبشكل تدريجي أن أكتشف ثقافة أخرى وأدخل عوالم جديدة زادت في حبي للقراءة، فبدأت أنهي الكتابين قبل إرجاعهما لمكتبة المركز بعد أن كنت اقرأ بعض الصفحات فقط، كنت استمتع بقراءة القصص والشعر والرواية.في سلكالثانوي، بدأت أكتشفـ دائما، بفضل مجهودات بعض الأساتذة متعة قراءة النصوص التاريخية والفلسفية والنقدية، كما اكتشفت أهمية قراءة الجرائد كواجهة للإخبار عن الأحداث السياسية والاجتماعية.

غادرنا المكان ولم تغادره أرواحنا ..إنها غزة ... لقد أجبرتنا حرب الابادة التى ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلى على تجرع المزيد من الحسرة والألم ..
عبرت الممثلة المصرية يسرا عن سعادتها بحضور فعاليات الدورة الواحدة والعشرين من مهرجان مراكش، بعد فترة غياب عنه، كما أشارت إلى التراكم والسمعة الدولية التي حققها المهرجان، وأهميته في ترويج صورة حقيقية للثقافة والواقع العربي.
"MAMMIA" تُحدث نقلة نوعية في حياة الأمهات المغربيات بإطلاق مضخة الثدي اللاسلكية.