أحداث باريس ما بعد الصورة

بدت حادثة «شارلي إيبدو» بكل تداعياتها، الحدث الأبرز الذي  استحوذ على اهتمام الناس في مختلف أقطار المعمور مع بداية هته السنة. وتساوى في هذا الاهتمام،  المناهضون لدوافع هذه الجريمة الإرهابية والمتحفظون على تفاصيل أحداثها.

فثمة عوامل ودوافع كثر، تتعلق بخصوصية الحادث، سواء في صلتها بمن تستهدفه أو من جهة ما تنضح به من شحنة  رمزية  تمس دعائم قيم الحرية المتمثلة في حرية التعبير.  كل ذلك  جعل من الجريمة التي تعرضت لها الصحيفة الفرنسية الساخرة «شارلي إيبدو»، جريمة  تحظى بكل هذا الصيت الإعلامي،  الذي تعدى حدود السبق والتنديد وحتى التأييد، وتحول  إلى قضية رأي عام يتجاوز الحدود.

حجم الجريمة وتداعياتها  تقودنا إلى إعادة طرح السؤال حول العديد من القضايا التي ابتلعتها آلة العولمة، وطمستها جرافة التعايش السطحي للاختلافات العرقية والثقافية والإيديولوجية.
وعلى الرغم من أن الحادث وقع والعالم يعيش على وقع بؤر التوتر والحروب في مختلف بقاعه، ولم تكن أول جريمة إرهاب توقع ضحايا أو تستهدف بلدا بعينه، لكن  لها خصوصية  تكمن بالأساس، في أنها وضعت اليد على مكمن الجرح، واخترقت شظايا رصاصها أعماق الإنسان فينا. ولم يكن  الفعل مجردا  عن كل حمولاته الفكرية والعرقية والثقافية والدينية، بل تجاوز  ذلك كله إلى تخوم أوسع، وهذا ما عكسته مسيرة باريس التي تحملت وزر كل هته التناقضات بكل تطرفاتها.
كم كان مشهد المسيرة مفارقا وهي تسقط في شراك البرتوكولية غير الفاعلة،  بينما يقتضي المقام انخراطا أكبرا في صياغة ظروف حقيقة تنهي بحزم منابت التطرف  والتصادم.  كان سيكون رائعا لو كانت الصورة فعلا تعكس نية واضحة  في بناء عالم يسع لكل اختلافنا، ويحجز مكانا للجميع بكل أريحية،  ينعم فيها الكل بظلال مبدأ«لكم دينكم ولي دين»،  ومتشبعون جميعا بروح «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا». عالم تكون فيه مبادئنا ومواثيقنا الدولية، في الحقوق والحريات،  ليس مجرد شعارات، بل قيما مشتركة بين  الجميع تنظم تعايشنا.
حادثة «شارلي إيبدو» لم تكن مجرد حادث إرهابي، فما أكثر حوادث الإرهاب في يومنا هذا، لكنها كانت  النقطة التي أوقعتنا أمام كابوس تبخر حلم الإندماج والتعايش الذي لم نحسن فهمه وبلورته، سواء كبلدان استقبال تفيض فيه الذات عن حدودها،  أو كأقليات تعاني من شيزوفىنيا الأصول والواقع، أو حتى كمواطنين غرباء داخل أوطاننا أحيانا يقتلنا الإحساس بالضياع والتهميش، فالقضية أكبر من تسجيل موقف «أنا شارلي» أو «أنا محمد»، لأن الإرهاب لا لون ولا وطن ولا دين له، بل هي قضية وجود، يحتم علينا تعايشا حقيقيا يتجاوز إطار الصورة التي رسمتها مسيرة باريس.

خديجة سبيل

هند زمامة لم تكن يوما متسلقة جبال، بل كانت سيدة أعمال ناجحة بدأت حياتها المهنية في عالم الشوكولاتة إلى جانب والدها، إلا أن كل شيء تغير خلال فترة الحجر الصحي، عندما شاهدت برنامجا وثائقيا عن تسلق الجبال. تلك اللحظة كانت نقطة التحول التي دفعتها لخوض غمار هذه المغامرة الجديدة. لم يكن الأمر مجرد فكرة عابرة، بل تحول إلى شغف حقيقي دفعها لتسلق القمم. 
رغم أن مشوارها في صناعة الأفلام غير طويل نسبيا، إلا أن اسمها اليوم يوجد على رأس قائمة المبدعات في المغرب، وكذلك كان، فقد اختيرت لعضوية لجنة تحكيم أسبوع النقاد الدولي ضمن فعاليات بينالي البندقية السينمائي الدولي في دورته الماضية، وهو نفس المهرجان الذي سبق أن استقبل-في أول عرض عالمي- "ملكات" فيلمها الأول الذي تم اختياره للمشاركة بأكثر من خمسين مهرجانا حول العالم وفاز بالعديد من الجوائز. 
أسبوع واحد فقط فصل بين تتويجها بفضية سباق 1500 متر في الألعاب الأولمبية الفرنسية، وذهبية ورقم قياسي عالمي في نفس الأولمبياد. حصيلة صعب تحقيقها ولم يحدث ذلك في تاريخ المونديالات، لكنها حدثت بأقدام بطلة شابة، سحبت الرقم العالمي في سباق الماراتون من الأتيوبية، وحولت كاميرات العالم نحو العلم المغربي شهر غشت الماضي.