في تقديم هذا الكتاب، تقول الكاتبة:
“نحن نرى ونسمع الكثير من الحكايات والأساطير والرموز، التي ألقاها الكون على كائنين يعيشان التجاذب القدري وكأنهما يتصارعان مع وضد البقاء، ويبدو أن المكتوب كان قد خطط منذ الأزل إرثا مغرقا في الثنائيات، حتى بدا التواشج بين العالمين من أصعب أنواع الأقدار. فهل وراء هذا المكتوب أسرار تبوء باضطراب السلالة التي سبقتنا؟
وهل وراء هذا المكتوب الذي يحدث في كل يوم رغبة في العيش بشكل مختلف، فمن مكتوب امرأة ترضع طفلها في الصباح وهي تهدهده بصوت هامس، إلى مكتوب امرأة تصارع الريح كي تجمع بعض الحطب لأبنائها، إلى مكتوب خطّه الفقيه لامرأة كي تنتزع المحبة من زوج غائب، إلى مكتوب امرأة تخون زوجها كي تشعر بحلاوة الانتقام، إلى مكتوب امرأة عازبة أو مطلقة إلى غيرها؟
إن وراء كل امرأة كتاب، ووراء كل كتاب امرأة تجابه الأقدار لتضيء سيرتها الخاصة في كتاب غير ذاك الذي أملاه عليها المكتوب. يمكن أن نرى ذلك في الكثير من الوجوه التي تحولت هي ذاتها من رموز وتجسدت في صور حية تمشي على الأرض. فلا عجب أن تتعدد حيوات الموناليزا وتتلون بجل الأحاسيس في كل عصر، أو تتحول وفاة الكاتبة نوال السعداوي إلى فتاوي تقر بعدم دخولها الجنة، أو يتملكنا الرعب ونحن نقرأ يوميات الكاتبة سلفيا بلاث وهي تصاب بالضجر من مجتمع يفور بالتناقض، أو نندهش لحال سيدة تكتشف، بعد ربع قرن من الزواج، علاقة زوجها مع شابة تشبهها في أدق تفاصيل ملامحها وكأنه يستجدي في عشرة الشابة زمنا بعيدا إنقضى وولّى .
حين نتأمل كتاب كل امرأة، نشعر كم تعب الكون من كل هذا الثقل الذي أفرزته رؤية الآخر، حتى أن الفزع يكمن في الرؤية وكأن في النظر وبلوغ المتعة نهاية للرغبة وبلوغ للعدم… وفي الآن ذاته لا يكف الانسان نفسه عن النظر !”