دلالة ذلك حسب رابحة عقا، هو إظهار أن القبول بتزويج ابنتهم للعريس لم يكن سهلا، إنما كان أشبه بحرب، وفي ذلك رفع من قيمتها حتى يتم التعامل معها على أساس هذه القيمة.
“تالمرت” للزواج الأول
“تالمرت” هي المرآة بالامازيغية، وتشكل أداة مهمة وأساسية في أكسسوارات العروس، لكن رمزيةتها أكبر من مجرد زينة، فقد اعتادت القبائل أن تعلن عن الزواج الأول للعروس بتزيين مقدمة جبهتها بمرآة صغيرة دائرية، وتكون المرآة أول ما ينتبه له المدعوون وحتى عائلة الزوج. ويحرص على أن تصل العروس إلى بيت زوجها مزينة بالمرآة، وحين وصولها يغني أهلها أغنية عبارة عن قسم بأن لا يتم إنزالها من على ظهر الفرس حتى يذبح كبش لها أمام عتبة بيت الزوج تعبيرا عن الفرح، وتقول الأغنية: أورتروس أورتروس أيدي دي أوحولي”: “لن تنزل إلى أن تأتوا بكبش”.
التقاليد في الفرح تفرض سلطتها ولا مجال للقفز على واحدة منها، هي تشبه سلسلة حلقاتها متراصة وعنيدة، لذلك يستقبل العروسه على فرسه أيضا وكواحد من البروتوكلات التي تحافظ على التوازن في استقبال يكون خلفه رقص وأغاني حوارية بين عائلتين متصاهرتين.
في أول جلوس لهما معا كعريس وعروس تبدأ مراسيم “تيغمي” بتشديد الميم، وهي إشهار الهدايا وإعلان أسماء أصحابها أمام الجميع، يتم ذلك في جو ترفيهي قد يستهزئ فيه ببعضهم إذا لم تكن هديته ذات قيمة. هذا الطقس يذكي المنافسة بين الحضور لإهداء المزيد صونا للقيمة أمام الجماعة. في الصباح الباكر، وبعد أن يتوقف الاحتفال على رقصة أحيدوس، تتقدم امرأة من عائلة العروس لتقص غرة شعر الأخيرة كنوع من الفأل الحسن على عائلة العريس. هكذا تبدو التقاليد في أقصى رمزية لها في ثامغرا، وهم بذلك يحافظون في مناسباتهم على المكون الثقافي للهوية الأمازيغية.
هم يشجعون على الحب قبل أن يقرروا في الزواج، يعدون طقوسا اجتماعية لذلك، يبدعون أغاني تمجد العشق وتجعله مقدسا، يبتعدون عن التباهي في أمور تتطلب بناء صريحا ومتزنا، يمررون رسائل قوية في ممارسة تقاليدهم حين يبلغ الاتفاق في الارتباط مبلغ اليقين، وحين يأتي موعد “أمغرا”، يطلقون طلقات نارية في الهواء ويشكلون حلقة الاحتفال من وزراء “إمسناين” كأن الزواج بناء دولة.