كان الفريق الوطني بمؤهلات عالية على كل المستويات.حمى شباكه، نثر قيمه المرتبطة بشعب. قدم ثقافته التي لم يتنكر لها غالبيتهم رغم انتمائه لدول الاقامة. هكذا أظهرت الجنسية أنها معدن لا ينصهر في ماكينة التنكر بشكل سريع ولا حتى بطيئ. بل هي الأصل عند الكشف عن المرجع في السلوك والقيم، بهذه القيم ظهر أعضاء الفريق، وبذات اللحمة بدا جمهوره الذي حول الملعب إلى ما يشبه ملحقة مغربية. إعادة تشكيل موازين القوى والفريق النجم بدأت منذ تأهله للمونديال، لتتوالى صور الإبهار والانبهار بالمغرب والمغاربة كإحساس عالمي يقف بنا عند ما كتبه الكاتب البرازيلي «باولو كويلو» ، مقارنا بين بطل روايته و ياسين بونو: سانتياغو، بطل رواية الخيميائي انتقل من اسبانيا إلى المغرب. ياسين بونو صنع أسطورته الشخصية وهو يحمي مرماه، و الشبه بيه وبين سانتياغو هو الإيمان بأن السعي وراء الحلم يجعله حقيقة، بونو هاجر المغرب ساعيا لحلم البطولة، وسانتياغو هاجر اسبانيا إلى المغرب وإلى مصر ليتعلم مهارات الحياة وينفذ إلى حلمه، بونو عاد إلى المغرب ليعطيه هوية، كذلك فعل سانتياغو، عاد إلى اسبانيا ليحفر فيها عن مكان الكنز الذي جرى خلفه في البلدان الغلط» يقول الكاتب البرازيلي الشهير «باولو كويلو».
إحساس الإعجاب بالمغاربة في مونديال قطر تجسد في رفع العلم الوطني وارتداء قمصان الفريق من شعوب العالم بعد هزمه للفرق الكبيرة. منسوب الوطنية كانت في أقوى حالتها: السفر إلى قطر، شراء التذاكر ولو من السوق السوداء، عروض ثقافية جعلت من سوق واقف قطعة من المغرب، وتجسيد لثقافته ولمواطنيه الذين كان لبعضهم دور في إدارة المونديال، نتحدث هنا عن الإدارة الفنية والترفيهية للتظاهرة والتي، كانت على يد «ريدوان» المنتج الفني والتنفيذي لأغنية المونديال الرسمية: هيا هيا.
مغاربة رْضا
شاركت الأمهات نجومية أبنائهن، بل ونافسنهم فيها من داخل الملاعب، بذلك كن ينقلن صورة المغربي المعتز والمفختر والمحتاج لسند الأم في مواقفه الصعبة. وكلنا يتذكر: «هذه أمي، هي البطل الحقيقي ولست أنا». الجملة التي قالها حكيم زياش وهو يقف على منصة تتويجه بجائزة الحذاء الذهبي من قبل جريدة دي تليغراف الهولندية. زياش لم يكن وحده كانت الأم التي يحيل مظهرها فوق منصة تتويج أوربية على الأمهات المغربيات، وشم بأحرف تيفيناغ مقدمة الجبهة يبرز هوية من قدمها النجم لتكون نجمة المنصة، وعبر هذه الوقفة، سيطرت صورة المغاربة الذين يقدمون أمهاتهم كحافز للانتصار، ويتبركون بحضورهن في الملاعب التي لم يحدث أن فكت عزلتها أمام رقصة الأمهات كما فعل المغاربة. الصورة كانت مؤثرة وبليغة إلى حد تماهي رونالدو معها وهو يعانق والدته في الملعب، لكن لم يؤثرا على الإجماع العالمي الذي صوب زوم الإعجاب نحو فريق شاب، غالبيته يتكلم لغات أجنبية لإقامته في المهجر، وفي ذات الآن يعقد أمله في الفوز بالتبرك من بركة ورضا الأم.