يلمح المغاربة إلى حبهم أكثر مما يصارحون به. الكلام لنسيم السيراوي باحث في العلوم الاجتماعية. لذك فكوا الكلمات الدالة عليه من الركود والمحدودية. والربطة من بين أكثرها تعبيرا عن قساوة التجربة ومعاناتها، «هي حمالة لما يلحظه الأخرون من تداعيات الحب على العاشق أو المحب، فالأخير يصير بمعنى من المعاني مربوطا، والرابط ليس إلا ما ينتقل به من حالة اللاحب إلى الحب يقول الاستاذ السيراوي. هكذا، يرمز المغاربة بتوظيفهم لكلمة «الربطة» بمعناها الشعبي إلى ما يفيد الاعتقال في المشاعر. هنا أتذكر ما قالته لي يوما الفنانة الشعبية الراحلة حفيظة الحسناوية عن أن هذا التعبير يرد في الغنائيات بشكل كبير، وأنه يستعمل كنوع من اللمز والإشارة إلى ما يبلغه العاشق في حبه من أسر في المشاعر.
كون الغناء الشعبي هو خزان الذاكرة الجمعية وإبداعها البعيدة عن رقابة الطابو أو الحشمة، تحضر الربطة في أشهر أغاني فنانة العيطة الراحلة فاطنة بنت الحسين، والتي أعاد غناءها العديد من المغنين الشعبيين فيما بعد، الأغنية معروفة ب»الربطة زغبية»، تشكل واحدة من الموروثنا الغنائي الذي يغني للحب والمحبين باعتبار الحالة هنا ابتلاء: «الله يبليك كيما بلاني» تقول الأغنية.
عند الشعب الأمازيغ يحمل الحب أسامي فيها الكثير من الرمزية إلى فعل الحب لا مجرد تسمية جوفاء. ثايري أمارك تاسة.. فضلا عن حضور التعبير عن الحب باستعمال الرموز اللغوية التي تفيد القسوة والابتلاء. يقول محمد كنوز باحث في التراث الأمازيغي أن «الأمازيغ وضعوا للحب أسماء كثيرة منها: امارگ وثايري وثيدوكلة و بضاض وثامونت، ويعتبر الغزل تيمة متميزة في الشعر الامازيغي، إذ نالت ما لم تنقله التيمات الشعرية الاخرى من اهتمام، ولعل ذلك راجع الى كونها تعبير يصور الحالته النفسية وما تعانيه عاطفيا من تصرفات من نحب. بهذه الصورة حاول الامازيغ مقاربة معالم القلب والحب، و أعطى للقلب بعدا فنيا. وبعض الشعراء استبدلوا القلب في البوح بالحب بالكبد( ثاسة) يقول الأستاذ أكنوز.
في الجهة الجنوبية من أمازيغ المغرب يحضر التراث السوسي بتعابير لغوية عن الحب تحمل ايقاعها المجموعات الغنائية وإنضامن، أي الشعراء الذين يرتقون بتعابيرهم عن الساقط الحامل للاثارة في الكلام العامي حسب الشاعر الغنائي محمد الخطابي، وقد اعتبر أن التعبير عن الحب في ثقافة هؤلاء يستعان فيه بالرمزيات : أجديك للاشارة إلى الحبيبة ومعناها الوردة، أو أشبير: الحمامة، وتامنت : العسل.