كشفت دراسة حديثة أجرتها مبادرة صحة المرأة الأمريكية (SWAN) عن نتائج صادمة حول معاناة النساء خلال مرحلة انقطاع الطمث. بينما تمر بعض النساء بهذه المرحلة بسلاسة نسبية، تعاني أخريات من أعراض مزعجة قد تستمر لأكثر من ثماني سنوات، وفقًا للدراسة التي شملت نساء من خلفيات عرقية متنوعة.
الأعراض المزعجة.. أكثر من مجرد هبات ساخنة
تظهر الدراسة أن ما يصل إلى 80% من النساء يعانين من أعراض انقطاع الطمث، والتي لا تقتصر على الهبات الساخنة والتعرق الليلي المعروفين، بل تتعداهما إلى مجموعة من التحديات الجسدية والنفسية. تشمل هذه الأعراض اضطرابات النوم المزمنة التي تؤثر على جودة الحياة، وزيادة ملحوظة في معدلات الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى أعراض جفاف المهبل التي قد تؤدي إلى ألم أثناء الجماع. كما أبلغت العديد من المشاركات في الدراسة عن معاناتهن من خفقان القلب وتقلبات مزاجية حادة.
العلاج الهرموني.. هل هو الحل الأمثل؟
في مواجهة هذه الأعراض، يبرز العلاج الهرموني (HT) كأحد الخيارات العلاجية الأكثر فعالية، خاصة عندما تبدأ المرأة استخدامه في السنوات الأولى من انقطاع الطمث. يتوفر هذا العلاج بأشكال متعددة تناسب احتياجات مختلفة. فالهرمونات الجهازية، التي تشمل الحبوب واللصقات والجل، تعمل على تخفيف الهبات الساخنة كما تحمي من هشاشة العظام وأمراض القلب عند استخدامها مبكرًا. أما الهرمونات الموضعية، مثل الكريمات والحلقات المهبلية، فتركّز على علاج مشاكل الجفاف المهبلي مع تقليل المخاطر المصاحبة للهرمونات الجهازية.
تحذيرات مهمة.. العلاج الهرموني ليس للجميع
رغم فوائده العديدة، يحمل العلاج الهرموني بعض التحذيرات المهمة. فهو ليس خيارًا مناسبًا للنساء اللواتي لديهن تاريخ مرضي مع سرطان الثدي أو الرحم، أو من عانين سابقًا من جلطات الدم. كما أن للعلاج الهرموني آثارًا جانبية محتملة مثل ألم الثدي والغثيان، بالإضافة إلى زيادة طفيفة في خطر الإصابة بالجلطات أو السكتة الدماغية، خاصة عند استخدامه على المدى الطويل أو بجرعات عالية.
بدائل غير هرمونية.. أمل جديد
في عام 2023، شهد مجال علاج أعراض انقطاع الطمث تطورًا ملحوظًا بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أول دواء غير هرموني مصمم خصيصًا لتخفيف الهبات الساخنة، وهو فيزولينتانت. ومع أن هذا الدواء يعد خيارًا واعدًا، إلا أنه يتطلب مراقبة لوظائف الكبد بسبب آثاره الجانبية المحتملة. كما ظهرت أدوية أخرى مثل إلينزانيتانت التي أظهرت نتائج إيجابية في التجارب السريرية.
إلى جانب هذه الأدوية، توجد خيارات علاجية أخرى تعتمد على أدوية موجودة أصلاً في السوق. فبعض مضادات الاكتئاب، مثل بريسديل (المشتق من باكسيل ولكن بجرعة أقل)، أثبتت فعاليتها في تخفيف الهبات الساخنة. كما يمكن لبعض أدوية ضغط الدم والأدوية المضادة للتشنج أن تلعب دورًا في إدارة هذه الأعراض.
نصيحة الخبراء.. قرار شخصي يحتاج إلى تقييم دقيق
تؤكد الدكتورة سمية الخوري، أخصائية النساء والتوليد، أن قرار استخدام العلاج الهرموني أو أي من البدائل المتاحة يجب أن يكون قرارًا شخصيًا يعتمد على عدة عوامل. تقول الدكتورة: “لا يوجد حل واحد يناسب الجميع. فشدة الأعراض، والتاريخ الصحي للمرأة، واستجابتها للعلاجات غير الهرمونية مثل تعديل نمط الحياة واستخدام المرطبات المهبلية، كلها عوامل تحدد المسار العلاجي الأمثل”.
وتضيف: “إذا قررت المرأة استخدام العلاج الهرموني، فمن الضروري أن تخضع للمتابعة الدورية مع طبيبها، حيث يحتاج العلاج إلى تقييم سنوي لضمان استمراريته بأمان وفعالية”.
الخلاصة.. المعرفة تمكّن المرأة من اختيارها الأفضل
تختلف تجربة انقطاع الطمث من امرأة لأخرى، لكن المعرفة بالخيارات العلاجية المتاحة تمنح المرأة القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة حول صحتها. سواءً كان العلاج الهرموني هو الخيار الأمثل، أو كانت البدائل غير الهرمونية أكثر ملاءمة، يبقى التشاور مع الطبيب المختص هو الخطوة الأهم في هذه الرحلة.
مع تطور الأبحاث الطبية، يزداد الأمل في إيجاد حلول أكثر أمانًا وفعالية لتخفيف معاناة ملايين النساء حول العالم خلال هذه المرحلة الطبيعية من حياتهن.