مدونة الأسرة.. آليات المقاومة ورفع التحدي

هل أتاك حديث تعديلات المدونة، أم «نشرحها ليكم أنا...» على رأي الأغنية التي صار يحفظها المغاربة عن ظهر قلب اليوم وأكثر من أي وقت مضى.

ما من شك في أن الإعلان عن التعديلات التي ستعرفها مدونة الأسرة في نسختها الجديدة، ظل يشغل الرأي العام المغربي في الداخل والخارج لسنوات أو على الأقل لشهور، إذا ما ربطناه فقط بتاريخ تعيين الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة وتقديم مقترحاتها لرئيس الحكومة في شهر مارس من السنة الماضية، مرورا بصدور البلاغ الملكي نهاية دجنبر الماضي، و المتعلق بالكشف عن الخطوط العريضة لمقترحات تعديلها، نهاية بتشكيل لجنة خاصة لصياغة قوانينها، حيث شكل معها الإعلان حدثا مجتمعيا بامتياز، قبل أن يسيل المداد ويحرك الأقلام ومواقع البحث، ويشعل منصات التواصل الاجتماعي. ولعل النقاش ومساراته، نجح في خلق حالة من «الرواج» المجتمعي إن صح التعبير، و كشف وككل مرة عن الوجه الآخر في شخصية المغربي، بما يحمله من حس فكاهي في تفاعله مع الأحداث، فيسطع نجمه مع كل حدث يستأثر برأيه العام، ويستفز ملكة إبداعه الشعبي حتى لا أقول الشعبوي. هذا الحس نجح ولو مؤقتا في تحريك حالة ضجر انتظار غيث شتاء قد يأتي ولا يأتي. صاحب الإعلان عن  التعديلات المرتقبة بغض النظر عن حمولتها، الكثير من اللغط، وشابه بتقديري سوء فهم في الغالب لا لشيء، سوى لأن الأمر يتعلق بقانون يخص أضعف شريحتين في المجتمعات البشرية:  النساء والأطفال. فقد جعلت من معظم التأويلات والخطابات، تبدو مثقلة بحمولة ثقافية أفرزت نوعا من الازدواجية في الخطاب والتحليل من جهة، وبين مكر صادف نتائج الأبحاث والدراسات التي تحيل على واقع آخر، يضعنا في موقف مشبع بالتناقض : أرقام تشير بالدليل إلى واقع تحضر فيه النساء قوة اقتصادية تعيل أسرا بأكملها، وتساهم في تدبير وتراكم الثروات كما الصورة العامة التي تؤكد بالملموس بلوغ النساء لمستويات عالية في التحصيل الدراسي والعلمي، بل تحقق حضورا نوعيا على مستوى الكم والكيف في مختلف مجالات الفضاء العام، وفي مراكزالقرار، إذا بالعقل تبقى التعديلات المقترحة جد متأخرة بالمقارنة مع التحول السريع الذي يعرفه المجتمع، وتعرفه وضعية النساء على الخصوص. فهل يتعلق الأمر بإشكال حقيقي أساسه حمولة ثقافية ذات رواسب متجذرة، قد تسلب العقل رجاحته، وقد تجعل من اللاشعور الجمعي من حيث هو العواطف والأفكار القبلية التي تتكون في الخلفيات التاريخية للثقافة والتقاليد كذاكرة الإنسان النفسية، لتعبر عن نفسها في لحظة تاريخية معينة، تجعله يبدو  على شكل مواقف وسلوكيات تشكل انعكاسا لغرائز ودوافع غير عقلانية. تجعلني لا محالة أمام تفسير الفيلسوف الألماني هايدغر في إحدى مقولاته «عندما يمتلكنا القلق فإن ما نخاف منه ليس هو هذا الشيء أو ذاك، بل نجد أنفسنا إزاء تهديد عام موجود في كل مكان، دون أن يكون في أي مكان». فأي دور، والحالة هاته،  للنخب والمجتمع المدني وللجامعات ومراكز البحث العلمي؟ هل يتطلب الأمر حملة تطهيرية لتحرير آليات البحث والتحليل البشرية كما التكنولجية والعلمية من كل الحمولات الثقافية التمييزية والذكورية باعتبارها المسبب الأول لهذه الازدواجية بين الواقع وبين الخطاب والتحليل، والذي يجعلنا حبيسي نفس دائرة الصراع بين بنية ذكورية مترسخة في المجتمع، وبين نساء حاملات لوزر ترسبات ثقافة تنبني على اللامساواة  والإ نصاف مما يخلق آليات مقاومة لأي تغيير من شأنه خلخلة الوضع القائم الذي تستفيد منه فئات دون أخرى. فمتى يتم تحرير القوانين الضامنة لحقوق النساء من مدرجات المجالس التشريعية، ومن  قبلها من أغلال العقول الذكورية لضمان المواطنة الكاملة للنساء. ما من شك في أن بناء أسرة ترتكز على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية لكل أفرادها، سيما والمغرب في حاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى اصلاح حقيقي وشامل لمدونة الأسرة. يجب التذكير معه إلى أن العديد من الهيئات  الحقوقية والجمعيات النسائية، اعتبرت أن التعديلات المقترحة لا تستجيب لمطالب التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة التي كانت تطالب بها بناء على مقاربة حقوقية تقطع مع التمييز ضد النساء. لذا، من الضروري بنظرها التصدي لما يروج من مغالطات وأكاذيب تهم التعديلات المقترحة والتوعية بأهمية الإصلاح العميق من أجل مدونة عادلة. وذلك من خلال العمل على تعميق البحث والتحليل لفهم التحولات المجتمعية الراهنة، وإعمال الفكر والاجتهاد لبلورة «أجوبة تحديدية تساير متطلبات العصر»، كما جاء في الدعوة الملكية، وهي نقط  على اللجنة التي ستطلع بصياغة مشروع القانون، أن تتحمل مسؤوليتها بالعمل على رفع التحدي، الذي يرتهن به بناء أسرة ترتكز على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية لكل أفرادها، أساسا لمجتمع متماسك عادل، متضامن ومنفتح على المستقبل.

أعلنت "سامسونج للإلكترونيات" عن توسيع مجموعتها من الأجهزة المنزلية الذكية في المغرب، بتقديمها أحدث تقنياتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي تعزز راحة المستخدمين وتوفر حلولًا أكثر كفاءة واستدامة.
 يحتفل "OVILLAGE"، المشروع التجاري المبتكر الذي طورته "Yasmine Immobilier"، بعامه الأول بعد نجاحه في تحويل موقع صناعي قديم إلى مركز تجاري حديث يجمع بين التسوق، الثقافة، الفن، والترفيه في بيئة آمنة ومتجددة.
هل أتاك حديث تعديلات المدونة، أم «نشرحها ليكم أنا...» على رأي الأغنية التي صار يحفظها المغاربة عن ظهر قلب اليوم وأكثر من أي وقت مضى.