نحن والتراث

في المغرب ثمة تظاهرات ثقافية وفنية، تعمل على تسخير فعالياتها خدمة لقضايا وطنية في الاحتفال وتكريم تراثنا الثقافي بعيدا عن أي مزايدات سياسية.

لا شك أن للتظاهرات الثقافية والفنية دورًا كبيرًا في تبني ونقل رسائل معينة، قد تقوم على فكرة وروح وفلسفة التظاهرة أو المناسبة نفسها، إن لم تكن الهدف الرئيس من خلقها، بغض النظر عن الشكل الذي تختاره أداة للتعبير وشكلا للحضور والوجود.

ولعلنا جميعًا لاحظنا كيف تتحول مناسبة عامة أو أي ملتقى ثقافي أو فني، بل وحتى سياسي أيضًا إلى منصة للترافع، حيث يختار المشاركون فيها فاعلون أو حاضرون التعبير عن مواقفهم تجاه قضايا عامة سواء أكانت ذات طبيعة محلية أم دولية. وقد تختلف طرق التضامن فيها، وقد تنسجم في الغالب مع شكل المناسبة إما عبر اللباس، كما شاهدنا ذلك خلال الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي»، حيث حرص العديد من نجوم الفن السابع على استغلال فرصة فعاليات هذا الملتقى للتعبير عن التزامهم تجاه القضية الفلسطينية، وتسجيل موقفهم تجاه ما يحدث، واستنكارهم لحرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون. واختارت خلالها العديد من النجمات، على الخصوص، التزين بألوان العلم الفلسطيني، الذي استلهم بعض المصممين سواء أكان باتفاق قبلي مع زبنائهم من النجوم، أم عبر مصادفة محمودة على الأغلب.

في المغرب، ثمة تظاهرات ثقافية وفنية، تعمل على تسخير فعالياتها خدمة لقضايا وطنية ذات بعد حضاري وثقافي، على رأسها الحماية اللامشروطة لقضايا التراث، وهي خطوة مهمة في الاحتفال وتكريم تراثنا الثقافي بعيدًا عن أي مزايدات سياسية. الأمثلة على هذه التظاهرات كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر: مهرجان الموسيقى الروحية، ومهرجان كناوة، ومهرجان تيمتار للفن الأمازيغي وقبلهم جميعًا مهرجان الفنون الشعبية، أقدم مهرجان وطني يحتفي بالتراث الموسيقي المغربي. وكل ذلك بطبيعة الحال يكون وفق مقاربة الانفتاح على ثقافات تراثية أخرى، مع الحفاظ على علاقتنا الوطيدة بتراثنا باعتباره المحدد الأساس لهويتنا، والرابط لحاضرنا بتاريخنا وماضينا.

فلا عجب مع الحروب الإعلامية التي قد يختلقها البعض، من باب التشويش العقيم، أن يحرص كل إنسان منا على انتمائه إلى تراثه انتماءً كبيرًا، يتباهى به، ويمنع المساس به أو تشويهه؛ لما له من قيمة كبيرة تشغل تفكيره وعاداته وتقاليده. مادامت الهوية الثقافية هي جوهر الثقافة التي تميز الأفراد والمجتمعات والأمم، وتشكل جزءًا مهمًا من تاريخهم وهويتهم، ويتأثر تشكيلها بتفاعلهم مع الثقافات الأخرى في عالم متعدد الثقافات، بالمقابل يمنح التراث كلّ شعبٍ هويته التي تميزه عن غيره من الشعوب، كما يمنحها قيمتها الاجتماعيّة والفنيّة والعلميّة والتربويّة، كمكوّن أساس للحضارة التي هي في الأصل مجموعة من الخبرات المتراكمة على مر العصور.

ليس غريبًا إذا أن تهتم منظمات عالميّة عديدة بالتراث على المستوى العالمي، وتسعى في خلق ملتقيات خاصة للاحتفاء به، فقد شجعت منظمة اليونسكو مثلا على حماية التراث الثقافيّ والطبيعيّ؛ من خلال عقد اتفاقيّة دوليّة لحماية التراث العالميّ الثقافيّ والطبيعيّ. كان أخرها، الاحتفاء بالقفطان المغربي ومهارات حرفييه من الجيل القديم في اليونسكو ضمن فعاليات الأسبوع الإفريقي في باريس، حيث حضر المغرب ضيف شرف لهذه السنة. ولعل شغف الترويج للقفطان المغربي وإبراز مهارات الحرفيين المغاربة على المستوى الدولي، من خلال تظاهرة عريقة كتظاهرة «قفطان»، جعل على مدى أربعة وعشرين سنة من بريق القفطان المغربي، يلمع أكثر على الساحة العالمية، ضمن الأهداف التي سطرتها تظاهرة «قفطان» المنظمة من الزميلة «فام دي ماروك»، والتي اختير لها هذه السنة شعار «المغرب أرض القفطان»، خلال فعاليات «أسبوع القفطان» التي احتضنتها مدينة مراكش. بعد أربع سنوات من التوقف، جددت خلالها التظاهرة رهان الاحتفاء بالزي المغربي في سياق متجدد، يعكس تطور المجتمع المغربي وانفتاحه على عالم الأزياء الراقية. وفق مقاربة الحاجة إلى التحديث، أي إلى الانخراط في عصر العلم والثقافة، باعتبارنا فاعلين مساهمين في حاجة اليوم أكثر من قبل، إلى مقاومة الاختراق وحماية هويتنا وخصوصيتنا الثقافية من الانحلال والتلاشي، بحسب المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري. المفكر المغربي، كان يعتبر أن فعل تجديد الثقافة، أي ثقافة، لا يمكن أن يتم إلا من داخلها: بإعادة بنائها وممارسة الحداثة في معطياتها،  والتماس وجوه من الفهم والتأويل، تسمح بربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل.

ونحن نتساءل عن موقع هويتنا الثقافية التاريخية في عصرنا هذا، على الجهات المسؤولة، اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تعرض التراث للتهديد، مع وضع خطط قانونيّة وعلميّة وماليّة وإداريّة تخدم حماية التراث والحفاظ عليه و نقله من جيلٍ لآخر، كما يجب توفير آليات علميّة وتقنيّة من شأنها أن تواجه الأخطار التي قد يتعرّض لها تراثنا، ما دمنا نؤمن جميعًا بأن الهويّة الثقافيّة هي المعبّر الأساس عن الخصوصيّة التاريخيّة وعن مواقفنا ونظرتنا إلى الكون والحياة، إضافةً إلى نظرتنا إلى الإنسان ومهامه وحدوده وقدراته، والمسموح له والممنوع عنه. في النهاية فالهويّة الثقافيّة هي كل هذه التراكمات الثقافيّة والمعرفيّة التي تحتاج أن نعبر عنها ونحتفي بها كلما سنحت لنا الفرصة لذلك. 

يستند مشروع "قطرة" الذي قامت بتطويره مجموعة من الطلاب بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن في الدار البيضاء، إلى تطبيق على الهاتف النقال مرتبط بجهاز ذكي لإدارة المياه.
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية موسعة يرعاها المجلس الإقليمي لتنمية القطاع السياحي وجعل الإقليم نقطة جذب للسياحة الوطنية والدولية على حد سواء.
تجسد هذه الحملة، التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت شعار “لنعمل معا”، بإشراف من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع.