من يأخذ القرار؟

من قرارات صغيرة تهم التدبير اليومي للحياة المشتركة الى قرارات أكبر من حيث الحجم والمآل، يفتح سؤال من يتخذ القرار؟ الكثير من زوايا النظر الى طبيعة العلاقة القائمة بين الزوجين، ومدى اعتمادها على التواصل المفتوح واحترام الآخر.

«نهار اللول يموت المش»، مثل يعيش بيننا وله الكثير من المؤمنين به كشعار يؤثر على نظرتهم وموقفهم من ار الشريك، بنفس الوقت يؤثر على تمثلاتهم تجاه حق الآخر في أخذ القرار أو إبداء الرأي فيما يدخل ضمن دائرة القرار المشترك.

هكذا تخبرنا لمياء موظفة بقطاع التأمينات متزوجة وام لابن وحيد «هذه ثاني تجربة لي في الزواج بعد انفصالي عن زوجي السابق الذي كان يعتقد بأحقيته المطلقة في أخذ زمام الأمور في كل حياتنا، غير مبال بما أرغب أو أقرر، ومعتقدا في صواب ما يتخذه من قرارات بما فيها كيف نربي ابننا ومن نستقبل في البيت ومواصفات المساعدة المنزلية، لم تستمر حياتنا معا رغم محاولاتي انقاذ زواجنا مقابل ديكتاتورية متخفية تحت اسم مصلحة الاسرة، لكنها كانت تخفي شخصية لا تؤمن بحق الآخر في اعلان رأيه واتخاذ قرارات حتى لو كانت بسيطة، لكن الآخر يرى فيها اختراقا لفكرته القائمة على بسط نفوذ سلطته اعتمادا على مقولة نهار اللول يموت المش والتي للأسف يؤمن بها الكثيرون».تستحضر لمياء مواصفات زوجها الحالي ذي الجنسية الأوربية «الذي يقرر معها في أبسط الأمور وأهمها ، برنامج نهاية عطلة الاسبوع، ولائحة المشتريات، والفيلم الذي يشاهدان، وصولا الى البيت الذي اختاراه للاستقرار ..، بشكل عفوي ومفتوح دون مركب نقص .

مسيطرة

 حامشيك مسطرة…

طول ما انت معايا 

حتمشي على هوايا

هكذا تقول كلمات الاغنية التي انتشرت حتى صارت كلمة «مسيطرة» مسيطرة على الأحاديث حين يتعلق النقاش بمن يحسم  الرأي أو القرار في أي علاقة بين شريكين .

هل تعني السيطرة اتخاذ القرار؟ وعن أي نوع من القرارات، وهل موافقة طرف على قرار الآخر يدخله في دائرة الضعف ؟ ثم  ماذا عن أهمية  القرار نفسه..؟ 

عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرارات في العلاقة الزوجية، فإن التصرف يختلف من زوج لآخر بناء على الديناميات الفردية والديناميات الزوجية التي تنطوي عليها العلاقة. 

فقد يكون للزوجين أساليب وأنماط مختلفة للتعامل مع هذه القرارات. هناك أزواج يعتمدون على الحوار والتفاوض المشترك لاتخاذ القرارات، أو يلجآن لمناقشة الخيارات المتاحة والاستفادة من وجهات نظرهما واحتياجاتهما للتوصل إلى قرار مشترك وواقعي غير مبني بالضرورة على سلطة محتملة.

 في هذه الحالة، يكون لكل من الزوجين معا كلمة السيطرة النهائية، حيث يتم اتخاذ القرار النهائي بعد وصولهما إلى اتفاق.

هكذا يخبرنا هشام ادرايسي اطار بوظيفة عمومية، الذي يؤكد على وجود نوع من البراغماتية التي يجب أن يستحضرها الأزواج وعدم ترك الفراغات التي تثير الحساسية في ما يخص سلطة القرار

«في المسائل المالية تترك لي  زوجتي  حق القرار، غالبا ما تفعل ذلك بقناعتها عن كفاءتي في التدبير المادي.. في قرارات أخرى أعرف بأنها تجد أفضل الخيارات فيما يخص تمدرس أبنائنا أو تدبير البرامج اليومية..، ولذلك أترك لها   القرار، وعموما نحن نقرر  بشكل سلس ، دون ان نشعر بان القرار من حق طرف دون آخر وتبادل  الأفكار والخيارات  يتيح لنا اتخاذ قرارات أكثر شمولًا وتوازنا».

من جهة أخرى يثير بدوره عبد الفتاح، اطار ومتزوج منذ خمسة عشر سنة، مسألة الخبرة والمرونة في توزيع وتحمل  المسؤوليات والقرارات

«قد لا نقتنع بما يقول الشريك ومع ذلك نوافق على قرارات ما، «باش نديرو منين يدوز الما،، حتى  لا تفقد العلاقة  الحرية المرونة والتوازن. إذا كان طرف واحد يمتلك الكلمة الأخيرة في كل قرار، فهو بشكل ما يمارس التحكم، ويدفع الشريك للإحباط والعجز بالتالي  تدهور العلاقة.. .اننا نتعلم ذلك  مع مرور السنوات يضيف ضاحكا، و ان لم نكن مقتنعين بها..انها تدخل ضمن خبرات الزواج».

مجتمع صغير

في حفريات العلاقة بين الجنسين الكثير من الاعطاب التي تبنيها الثقافة والتي تقنع الرجل بشكل طبيعي بمدى أحقيته بموقع صاحب القرار، ووفق نفس الثقافة، قد تميل المرأة للاقتناع بوجود تراتبية في ذلك، وكثيرون يسيجون العلاقة بسلطة الحق في الكلمة الأخيرة،  

تتحدث زهرة ورد ناشطة حقوقية قائلة « رغم ان المرأة تساهم في اقتصاد الأسرة، يدفعها المجتمع الى الاقتناع بعدم أحقيتها في اتخاذ القرار، الأسرة مجتمع صغير وهي تحاكي ما يجري في المجتمع الكبير، حيث تكافح المرأة للحصول على موقع ولإسماع كلمتها، والتمتع بسلطة القرار..».

«لا وجود لدراسات وافية في مجال العلاقة بين الازواج»، تؤكد خديجة أمتي استاذة علم الاجتماع،  لكن من خلال التجارب المستقاة من الواقع،  فان احتفاظ المرأة بهامش كبير من التحكم   بمواقفها وقناعاتها ،  يختلف عن الرجل،  نتيجة عدم التكافؤ بين الجنسين، الذي يعطي الرجل بشكل من الاشكال  سلطة القرار، والتي وان مارسته المرأة، عليها ان تستجيب لواقع معين، فالمراة قد تضمر مواقف غير ما هو معلن امام الزوج ، وتتعامل بمرونة مع اشياء ترفضها ، لكن تقبلها من اجل استمرار المؤسسة.

يصدق الامر على الرجل ايضا-الذي يحكمه المجتمع- وان لم يكن بنفس الدرجة، فالترسبات القديمة لا زالت موجودة لدى الطرفين،  وتتصل بكل شرط اجتماعي. 

 من جانبه يشير عبد الكريم بلحاج، استاذ علم النفس الاجتماعي بكلية الآداب بالرباط، الى انه

قد ينتج عن نقاش اتخاذ القرارات، جنوح نحو  العناد كشكل من أشكال تعبير بين الزوجين عن النزوع إلى استخدام موازين القوى لتدبير بعض الشؤون المشتركة، مع ما ينم عن ذلك من اتجاه نحو تأكيد الذات والضغط.. وقد يغلب الشريكان الصيغة المرنة لاحتواء كل تصدع أو تداعيات تستتبع خلافا حول قرار  معين ،والحال أن المسألة كلها تتعلق بطبيعة التواصل بين الزوجين والطريقة التي ينهجانها في التعاطي مع المواقف بما فيها اتخاذ القرارات صغيرها وكبيرها، وكذلك لدور عالم الذاتية في بناء الرابطة الزوجية. 

 

علاقة زوجية صحية

 تُعتبر المشاركة المتوازنة بين الزوجين في صنع وتدبير القرارات من العوامل المهمة لبناء علاقة زوجية صحية ومستقرة.

يعكس ذلك حسب الخبراء، وجود نوع من المساواة والتشاور والديموقراطية والانخراط المتوازن   في اتخاذ القرارات و في العلاقة ككل، بحيث يشعر 

كل من الزوجين بأن صوته يُسمع ويُحترم، وهذا يساهم في بناء الثقة والتعاون بينهما. ولا يقتصر الامر على ذلك، بل ينسحب التأثير على المجتمع لان المشاركة الفعّالة للزوجين في اتخاذ وصنع القرارات تنعكس على المجتمع بشكل أوسع.

 

يستند مشروع "قطرة" الذي قامت بتطويره مجموعة من الطلاب بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن في الدار البيضاء، إلى تطبيق على الهاتف النقال مرتبط بجهاز ذكي لإدارة المياه.
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية موسعة يرعاها المجلس الإقليمي لتنمية القطاع السياحي وجعل الإقليم نقطة جذب للسياحة الوطنية والدولية على حد سواء.
تجسد هذه الحملة، التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت شعار “لنعمل معا”، بإشراف من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع.