تعجز كل الكلمات أن تصف مايحدث على أرض غزة .. غزة التى تبلغ مساحتها 36 كيلو متر مربع ويقطنها نحو 2 مليون وثلاث مائة نسمة وقد شنت قوات الاحتلال الإسرائيلى حربا عليها .. لو وصفت لك ليلة ما فإن جفوني لاتعرف النوم من شدة القصف من الطائرات والدبابات والبوراج ..
كل قصف بمثابة زلزل يهز الأرض والمبانى.. وبعد كل قصف تسمع شىء يقع كالصاعقة على الأرض أو يتطاير، تعرف أنهم قصفوا برجا أو عمارة ما او شوارع حولك .. تسمع الصراخ تلو الصراخ، وأكون عاجزة عن فعل شىء أو الخروج كون القصف متواصل..
نزحت من عدة أيام إلى مركز إيواء فى مدرسة قريبة من بيتي، كي اقضى الليل فقط وجلست فى غرفة بها لايقل عن ٤٠ سيدة وأطفالهم.. في ساعات الليل ترى هالصغار منهم من يبكى ويصرخ، وآخرين يضعون طوال الوقت أيديهم على آذانهم كى لايسمعوا وامهاتهن يحاولن طمنئتهم بشتى الطرق..
آلاف تقبع بصفوف المدرسة ..الرجال فى طرقات المدرسة منتشرين .. وأنت تدعو الله سبحانه وتعالى وتنظر إلى السماء بعد كل قصف لاترى إصبعك من الدخان والغبار الذى يغطيها من آثار الذخائر والصواريخ والقذائف، كما تشم رائحة الموت فى كل لحظة ومكان وشارع ..
لاتعرف كيف تمر ساعات الليل ويأتى الفجر، تسجد شكرا لله أنك على قيد الحياة، أول ماتفكر به أن اعود لبيتى وأتصل بخواتي واخواتى فكلهم نازحين ليسوا فى بيوتهم، هنالك من ذهب إلى رفح في الجنوب وآخر فى منطقة أخرى بغزة.. تحاول وتحاول ساعات ولاشبكة اتصال ولا نت تكتفى أن ترسل مسج تصل بعد ساعات..
بعد الإطمنئان قد افكر فى نفسى ماذا أكل او أشرب ..طبعا غزة منذ ٢٧ يوما على الحرب لم يدخل لها وقود للكهرباء ولا غاز الطهي ولا أدوية ولا مواد غذائية ولا غيرها.. الناس مدبرة حالها بما كان مخزون فى بعض مخازن المحلات التجارية، والتى شارفت على الانتهاء..
أجد فى بيتى كسرة خبز من عدة أيام وناشفة اتجرعها بقليل من الزعتر، واكتفي بالماء وأكل أي شىء من المعلبات التى نضطر لجلبها بهذه الظروف، وقد علمت أن الغاز شح وكثيرا من المخابز وقف عملها، إضافة الى العديد قصفته قوات الاحتلال.. إجمالا في كل تفاصيل الحياة تبحثين عن بدائل وبدائل وبدائل، حتى تعيشي لحظة بلحظة بمعنى مافى كهرباء هنالك ماتبقى من بنزين..
خلص البنزين هنالك الطاقة الشمسية وهكذا لكل شىء .. وبالنسبة للقصف فهو مستمر ليل نهار، صوته مرعب جنوني، خرجت يوما كي أشاهد رأيت مربعات سكنية مسحت، وأبراج وعمارات ومحلات بها عشرات العائلات التى سقط فوق رؤوسهم آلاف أطنان الصورايخ وسقط منها الشهداء والجرحى، بل ارتكبت مجازر بحقها كل شىء مستهدف الطبيب والصحفي والطفل والمراة.. أصبحنا لانعرف من بقى على قيد الحياة وهل سنبقى نحن..
شىء جنونى هستيرى مايحدث على أرض غزة من قصف متواصل يستهدف كل شىء البشر والحجر والشجر ..مسحت احياء باكملها وشوارع وعائلات من السجل المدنى.. لم تعد غزة التى نعرفها.. غزة الان عروس اتشحت بالسواد والكل يشاهدها
لا أمان فى شبر واحد.
يقصفون عشوائيا وبشكل جنونى لايرحموا صغير ولاكبير لامحظورات ولا قوانين، ولا أي شىء يوقف جنون الاحتلال والعالم يصم آذانه ويغمض عيونه.. حسبنا الله ونعم الوكيل.
ريتا خليل تحكي قصصها اليومية مباشرة من غزة