نورا الصقلي : الفنانة الكاريزمية

وراء اختياراتها الفنية عمق انساني ووعي بقضايا المجتمع وحساسية كبيرة للجماليات، و قبلها شخصية كاريزمية ترفض نغمة الانكسار في تقديم الشخصية النسائية. تؤلف، تمثل وتشتغل بإدارة الممثلين. في «دار النسا» ، تقدم نورا الصقلي واحدا من أهم أدوارها في الدراما، وتكشف عن قدرات «لبؤة» تترجم بالفن موقفا من الانسان والحياة.

«دار النسا» هو أخر آعمالك الدرامية التي ستعرض على القناة الأولى خلال رمضان، ما هي الفكرة العامة التي يعالجها المسلسل وعلاش «دار النسا» ؟

كانت «دار الحمام»، قبل أن يتحول الإسم الى «دار النسا» بطلب من القناة الأولى بسبب وجود أعمال سابقة أخرى تحمل نفس الاسم، فاقترحنا مجموعة عناوين منها «دار النسا» الذي تم اختياره.

 علاش «دار النسا» أو الحمام، لأن للقصة علاقة بالفضاء الداخلي للأسرة، فالأحداث الرئيسية أو التي تتحكم في تطور مسارات الشخصيات، تدور داخل أسوار الدار، بما فيها سطح البيت الذي يتواجد فيه الحمام، ولذلك علاقة بحركية الأحداث الرئيسية .

هل يدفع المسلسل بفكرة نسائية، أو في اتجاه بناء موقف نسوي؟

هو موقف انساني قبل كل شيء ، يستفز الموضوع الذي يعالجه المسلسل الجانب الانساني لدى أي شخص رجلا كان أو امرأة، لكي يتموقف تجاه موضوع يهم الانسان. نطرح تساؤلات كثيرة، وقد يظهر منها الموقف الذي نعتنقه ولكن لا نصرح به بشكل مباشر، بل نترك الشخصيات تعبر عن هذا الموقف ونترك الحكم النهائي للجمهور.

الموضوع الرئيسي الذي ينظم الأحداث هو الاغتصاب وزنا المحارم، ويطرح المسلسل تساؤلات كثيرة عن مفهوم العائلة، وعن حقيقة الشخص الذي يفترض أن يحمي ولا يغدر بالمؤسسة العائلية، وما هي حدود رد الفعل التي يمكن أن تخلفها صدمة هذه الحوادث خاصة لدى الأم، والى أي حد يمكن للإنسان أن يجهل أمام جهل أكبر منه ؟ وكيف يمكن مواجهة هذه الأحداث الدرامية ؟. في معالجتنا للموضوع، سواء كمؤلفين ونفس الشيء بالنسبة للقناة، نستحضر أهمية العدالة والقانون، ولا ندافع عن فكرة الإفلات من العقاب، بل نتناول الموضوع من جانب انساني.

ما هي المواضيع الأخرى التي يطرحها المسلسل ؟

لدينا قصص حب بطريقة أخرى، الحب وسط الزواج، مثلا كيف تؤثر العائلة على الحب، وكيف يمنح المقربون لنفسهم حق التدخل في العلاقة،

 كيف تتأثر الاختيارات الشخصية بسبب شبكات التواصل الاجتماعي التي أفرزت أشخاصا يقتاتون من لايفات التيك توك، كيف تؤثر هذه «المهنة الغريبة» بشكل سلبي جدا وتشتت عائلات.. لا أستحضر كل شيء، لكن هناك مواضيع فرعية لها علاقة بالموضوع الرئيسي وتعيشها الشخصيات الأخرى، وهي مرتبطة بالواقع لكي يجد فيها المتلقي المغربي أناسا يشبهون ما يشاهده في اللحظة الراهنة في مجتمعه.

ما هي ملامح الشخصية التي تقدمين في دار النسا ؟

شخصية «أمينة» صاحبة الدار، التي تفتح بيتها لكل عابرات السبيل، لكل النساء في وضعية صعبة، قد يجيب هذا عن سؤال «علاش دار النسا»، فأمينة تتعاطف معهن لظروفهن، وبحكم أن القصة تدور في مدينة طنجة فهناك نساء يواجهن اكراهات منها قسوة الشارع، وهي تكرر خلال المسلسل عبارة أن بيتها بمثابة «الزاوية».

طقم من ثلاث قطع، توب وسروال من الكريب وكيمونو من الحرير المطرز من تصميم ريم بياز

تقدمين أمينة كشخصية كاريزمية، وسبق أن قدمت شخصيات متعددة تلتقي في صفة القوة، هل تحرصين على هذه الجزئية لدى الشخصيات، وبأية خلفية ؟

بشكل عام لا أحب الشخصيات الضعيفة .

لا أحب أن أجسد دور المرأة المغلوب على أمرها… المرأة التي تتذمر وتندب حظها..

التصور الذي أؤمن به هو أن الفن والدراما والتخييل بصفة عامة، هي منصة للحلم بالنسبة للمتلقي والمشاهد. وهذه الشخصية الضعيفة بالنسبة إلي ليست سقفا للحلم، على العكس حين أقدم شخصية تواجه عشرات المشاكل، ومع الألم والدموع تقاوم من أجل البقاء، وتعطي المتلقي فرصة التماهي معها كشخصية تقاوم بشجاعة، عكس الشخصية التي تساهم في جره الى الأسفل ، بينما يرغب هو في تخطي واقعه عبر منصة للحلم ، فلا يجد أمامه إلا شخصيات تجرفه الى الضعف،

لا يعجبني تجسيد الشخصيات المغلوبة على أمرها ، بنفس الوقت لا يعجبني صياغتها كمؤلفة .

هل يدخل ذلك في إطار صياغة موقف جمعي إيجابي حول المرأة ؟

لا أحب أن أكرس الصورة النمطية السائدة في حياتنا، في محيطنا العائلي، في الشارع ..، لا يمكن تجاوز إكراهات الواقع، لأن الفرد يتفاعل مع المحيط ، يمكنه أن يكون متذمرا منكسرا حزينا أحيانا، لكن ليس علينا أن نعتمد بالضرورة هذه النغمة، نغمة الانكسار ونجعل منها طبع الشخصية النسائية.

شاركت أيضا كمؤلفة في كتابة «دار النسا»، هل يصعب ذلك مهمتك كممثلة ؟ 

« كنكون معذبة بزاف» في المشاريع التي أساهم في كتابتها ، لأن مسار الكتابة لا ينتهي مع بداية التصوير، وأيضا لأني مكلفة بنفس الوقت، بتنسيق الحوارات الخاصة بمشاهد كل حلقة، وهو ما يستدعي إعادة صياغة بعض الحوارات بالتزامن مع التصوير.

يوميا، وحين أكمل تصوير مشاهدي، أشتغل بإعادة صياغة وتناغم الحوارات وبنفس الوقت علي تجهيز مشاهدي كممثلة لليوم الموالي.

هي عملية مرهقة جدا، ولذلك حين ينتهي التصوير، تكون لدي حالة إرهاق نفسي وجسدي كبير.

كيف تحضرين للتصوير، أو كيف يمكن لممثل أن يحضر مشاهده ؟ 

بدأت العملية لدي من الكتابة التي سهلت علي الكثير، من خلال البحث و التوثيق حول الموضوع، وحين تتقرب منه فإنك تتقرب من العوالم التي ستضع فيها الشخصيات مع كتابة السيناريو ، بالتالي يبدأ الموضوع بإثارتك.

الموضوع هو الشغل الشاغل لأي مبدع، وبعدها تسهل العملية، تخلق عوالم وأحداث في موضوع يشغلك فعلا.

كممثلة ؟

أحضر لكل مشهد على حدى، تستحضر الضغط الانفعالي من التجارب الشخصية ومن الأشياء والأحداث التي عشت قريبا منها أو كنت شاهدا عليها..انت تتسوق من واقعك المعاش على امتداد حياتك، وفي كل مرة تنبش في جزء من ماضيك، حياتك، ذاكرتك الانفعالية لكي تغذي وترفد ذلك المشهد، الحالة التي تشخص.

من بين التقنيات التي نعتمدها أيضا، هناك ما نسميه لحظات العطاء Moments de grâce وهي لحظة تجسيد المشهد في تفاعل مع الآخر بشكل يخلق آداء عاليا وانفعالات لم يكن مخطط لها، ونسميها كذلك لأنها هدية اللحظة .

قفطان حرير وتطريز بالترتر، هند لمطيري

في «دار النسا» هناك اشتغال على الموضة والديكور وتفاصيل أسلوب العيش بمنطقة الشمال، بأي تصور تم ذلك ؟

هذا الجانب يمثل شغلا شاغلا بالنسبة لنا مذ قدمنا مسرحية «بنات لالة منانة» وبعدها المسلسل، يشغلنا هاجس كيف نبيع الثقافة بصريا ؟، كيف نصور بطاقة بريدية لبلدنا، بشكل يجعل المتفرج يشهق من جمالية المشاهد، ويقول «المغرب جميل».

تفاصيل جميلة كثيرة في حضارتنا ويجب أن تظهر في منتوجنا التلفزي،

الترتيب، الذوق والتاويل، في الهندام، في الديكور، التفاصيل والجزئيات التي تؤثث الفضاء الذي تدور فيه الاحداث يجب أن تعكس هذا التصور.

 لدينا أحداث متشابكة وشخصيات في وضعيات صعبة، ليس علينا بالضرورة وضعها في اطار «خايب»، بل يمكن أن تكون لنا فترينة جميلة نضع فيها الاحداث.

اللهجة الشمالية تغلب على المسلسل أيضا، هل هو نوع من الانتصار لانتمائكم الجغرافي ؟

كتب العمل ليكون في الدار البيضاء الرباط، فاس، أو أي مدينة أخرى، وما كان واضحا بالنسبة الينا هو فكرة المدينة العتيقة كفضاء للأحداث، التي يمكن أن تتم في أي مكان. لم يكن اختيارا مبدئيا بل كانت القناة الأولى وراء اختيار طنجة، ومن ثم النفس الشمالي ليكون حاضرا في القصة.

طنجة فضاء رائع وصورنا بها كل المشاهد الخارجية، واللهجة الشمالية «زوينة» تعجب الناس ، ومن بنات لالة منانة لم نعد تجربة اللهجة الشمالية.

تمثلين بمعية مخرجة العمل سامية أقريو فريق عمل منسجم، الى أي مدى يمكن للصداقة ان تنجح المشاريع المشتركة ؟

عندي بزاف ديال الصديقات بالمجال الفني، لا يمكن أن تكون فريقا يعيش عبر الزمن والسنين مع الجميع، وحين تجد هذا الشخص فهو حظ كبير.

تجمعني مع سامية رحلة طويلة ليس فيها ورود فقط، وفي اشتغالنا مع بعض الكثير من المعاناة، يشبه الأمر اشخاصا يحملون بنفس الجنين (هذه السنة معنا جواد لحلو في التأليف)، ولكل واحدة فينا نظرتها وهناك عمل شاق لإقناع بعضنا وتوحيد النظرة .

أظن أن الناس الذين يؤلفون بشكلٍ منفرد يتمتعون بأريحية اكثر في العمل، بينما يحدث العكس بيننا، فقد أقترح فكرة فيها كل مواصفات الجودة لكن سامية تنسفها (ضحك)، قد يحدث العكس أيضا، ونتناقش مرات لنجد طريقة توافق الجميع.

قفطان من البروكار والمخمل من تصميم ميريام بوافي

بالاضافة الى التأليف والتمثيل وإدارة الممثلين، تدرسين في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ما هي الأشياء التي تحرصين على تبليغها 

لطلبتك ؟

أدرس تقنيات الارتجال المسرحي، (تضحك، كنقولهم بزاف)، أحرص على بث روح المبادرة لديهم، النظام التعليمي لا يستفز الجانب الإبداعي وروح المبادرة والاقتراح لدى المتمدرسين، فنكون خريجين بديبلومات ينتظرون من يمنحهم فرصة عمل، لذلك أقول لهم بعد التخرج لا تنتظروا أن يعرض عليكم شخص آخر فرصة عمل، ولربما لم يفتح هذا الشخص يوما، كتابا.

هناك شئ آخر أذكرهم به، وهو أن يحرصوا، خلال رحلة الدراسة، على إيجاد فريق أو شريك للعمل، اذ بعد ذلك من الصعب جدا أن يعثروا على من يقاسمهم نفس الرؤية.

 

ستيليزم وإخراج أناس ياسين

تصوير محمد ساجد

مكياج وشعر صابرين جرويلي

شكر وتقدير فندق ومساكن فيرمونت لا مارينا الرباط سلا

مجوهرات  Rafinity

يستند مشروع "قطرة" الذي قامت بتطويره مجموعة من الطلاب بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن في الدار البيضاء، إلى تطبيق على الهاتف النقال مرتبط بجهاز ذكي لإدارة المياه.
تأتي هذه المبادرة ضمن استراتيجية موسعة يرعاها المجلس الإقليمي لتنمية القطاع السياحي وجعل الإقليم نقطة جذب للسياحة الوطنية والدولية على حد سواء.
تجسد هذه الحملة، التي أطلقها المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت شعار “لنعمل معا”، بإشراف من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، عزم المغرب على حماية أطفاله من التنمر المدرسي، الآفة العالمية التي تتطلب التزام الجميع.