صدر للدكتور الحسن بوزياني، مؤخرا، مؤلفا باللغة الفرنسية بعنوان “ القيم الإنسانية العالمية بين الأزمة وضرورة النكيف”«Les valeurs humaines universelles entre la crise et la nécessité d’adaptation »، يقع في حوالي 252 صفحة من الحجم المتوسط.
ويتناول المؤلف، جوانب متعددة الأبعاد للقيم الأساسية، حيث ينطلق بتقديم سياق تاريخي وسوسيولوجي للقيم الإنسانية العالمية، ويرصد كيف تطورت هذه القيم، مثل التعاطف، والتضامن، والعدالة، والحرية، عبر القرون وكيف ترسخت في مختلف الثقافات والحضارات، مشددا على أهمية هذه القيم كأسس للمجتمعات الحديثة، ما يضمن التماسك الاجتماعي والرفاهية الجماعية.
بينما يتطرق المحور الثاني، لأزمة القيم الإنسانية العالمية الحالية، حيث يحلل المؤلف أسباب هذه الأزمة، مثل العولمة، والنزاعات الجيوسياسية، والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وتأثير التقنيات الحديثة ويوضح كيف ساهمت هذه العوامل في تآكل القيم التقليدية، مما أفرز سلوكيات فردية غير طبيعية، وفقدان الثقة في المؤسسات، وزيادة التفكك الاجتماعي، مركزا على عواقب هذه الأزمة، بما في ذلك صعود التطرف، ونزع الطابع الإنساني عن العلاقات الشخصية، وتدهور البيئة.
ويقترح المؤلف، ردا على هذه الأزمة، تدابير للتكيف تهدف إلى استعادة وإعادة ابتكار القيم الإنسانية العالمية، بدءا بمبادرات تعليمية لزيادة وعي الأجيال الجديدة بأهمية هذه القيم، وكذلك إرساء سياسات عامة تعزز الإنصاف والعدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى التركيز على الدور الحاسم للإعلام وقادة الرأي في تعزيز خطاب إيجابي وموحد، بالدعوة إلى تفعيل تعاون دولي لحل التحديات العالمية وتعزيز روابط التضامن بين الشعوب.
ويختتم المؤلف كتابه، برسم صورة ملهمة لشخصية مثالية تجسد القيم الإنسانية العالمية في أفعالها اليومية، حيث هذه الشخصية، تلتزم و توضح كيف يمكن الحفاظ على القيم العالمية وتكييفها مع الواقع المعاصر، من خلال قصتها، يظهر المؤلف أنه حتى في فترات الأزمة، من الممكن إظهار المرونة والمساهمة في مستقبل أفضل للإنسانية.
ويعتبر الحسن بوزياني، كتابه “القيم الإنسانية العالمية بين الأزمة وضرورة التكيف” تأملاً عميقًا في الحالة الراهنة لقيمنا الأساسية، ودعوة للعمل من أجل نهضتها وتكيفها مع تحديات القرن الحادي والعشرين، و محاولة لفهم الديناميات التي تشكل قيمنا والمساهمة في حوار بناء حول كيفية الحفاظ على هذه المبادئ الأساسية وتعزيزها في عالم متغير.
و صدر للكاتب نفسه، عدة مؤلفات تناولت مواضيع مختلفة، كالشيخوخة والصداقة والمرفق العمومي وتكوين الأطر و المهن الصحية الحرة، حيث لم يفته الاحتفاء في مستهل المؤلف، بالذين قدموا له العون طيلة مسيرته المهنية، كما لم يدخر جهدا في تجسيد مقولة “غرسوا فأكلنا، و نغرس فيأكلون”.
وشغل الكاتب في السابق، مراكز متعددة للمسؤولة داخل الإدارة المركزية لوزارة الصحة بالمغرب، وهو حاصل على شهادات عليا في القانون العام وتدبير الموارد البشرية و دكتوراه الدولة في الدراسات الاستراتيجية و شهادات في المجال الصحي وعلم النفس، متخرجا من أول دفعة في علم النفس العصبي بالمغرب.