تشكلت شخصية ياسمين بلمليح الفنية على يد أساتذتها بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء، والتي قالت عنها: «اختياري لهذه المدرسة كان عن قناعة تامة بأن الفن التشكيلي ليس مجرد هواية إنما هو طريق حياة، فأنا أعبر عن نفسي أولا في لوحاتي، وعن طريق أساتذتي بالمدرسة تعلمت تقنيات مختلفة في التعبير والرسم، إلى جانب دراستي المتخصصة للتصميم الداخلي، وعلى الرغم من صغر سني -24 سنة- إلا أنني بفضل دراستي تمكنت من معرفة مدارس فنية مختلفة، وأيضا تحولت رؤيتي للفنون لرؤية مختلفة فتعلمت كيف أغذي عقلي من الثقافة على اختلاف أنواعها، وأصبح أول ما أبحث عنه في أي مكان أزوره هو ثقافته، فهو ما يخلق لدي مخزونا فكريا أعبر عنه في لوحاتي».
تعكس بلمليح في لوحاتها عمق الشخصية المغربية والتي ترى أنها تشكل عمود الثقافة الوطنية، التي تعكس صورة المغرب بالخارج، وهذا العمق يظهر في اختيارها للطربوش، الزليج، القفطان وللطاجين، كعنصر أساسي في لوحاتها للشخصيات، كما تقول : « عرضت عدداً من لوحاتي للوجوه المغربية في معارض محلية، نظراً لاهتمامي بتكوين الوجه المغربي سواء كان رجلاً أو امرأة، وما يعكسه اختيارات المغاربة اليومية من ثقافة رسمت صورة لنا في العالم بأكمله، وهذا هو ما أؤكد عليه دائما في الوجوه التي أرسمها منذ بداية مساري المهني القصير».
تطورت الفنانة التشكيلية ياسمين بلمليح في اختياراتها الفنية، وقررت طرق باب اللوحات التجريدية، والتي أكدت أن اختيارها لهذا النوع لم يكن اعتباطياً قائلة :« بعد أن رسمت عدداً كبيراً من اللوحات لوجوه المغاربة، وجدت أنني مقيدة بشروط وقواعد البورتريه، فقررت أن أجرب نوع آخر وهو اللوحات التجريدية، التي وجدت بها حرية أكثر، سواء على مستوى الخامات المستخدمة أو الأفكار المطروحة أو حتى الوقت، فمن الممكن أن أبدأ في لوحة الآن، وأكلمها بعد شهر، وهذا منحني حرية أكبر في الاختيار والتعبير عن روحي وأفكاري».
تنحاز ريشة بلمليح دائما للمغاربة فهي ترى أن الفنان لا يمكن أن يعيش في برج عاجي بعيد عن الناس، فهو فنان بشهادتهم، فقالت :« بالطبع أهتم بأن يرى الجمهور لوحاتي، لذلك أشارك في معارض متنوعة، ولكن لا أفرض على المتلقي أن يفهم اللوحة بشكل معين، فهو حر في أفكاره وتلقيه للفن، ولا يمكن أن أحجر على رؤيته للوحة، كما أنني لا أقبل أن يحجر على أفكاري أي شخص، لأن العقل الحر يخرج من روح مبدعة، وهذا هو جوهر الفنون في رأيي».