خديجة سبيل تكتب :  خطوة وأجنحة

رافقتني كتابة افتتاحية هذا العدد، زمنا أطول بكثيرعن المعتاد

فرضت إيقاعها البطيء عوامل كثيرة، يصعب طرحها في هذا الحيز المحكوم بعدد الكلمات وقبله بالسياق العام،  وأبجديات المقال الافتتاحي في اقترانها لزاما بمحتويات كل عدد. اعتدت خرق هته القاعدة، سيما وأن إيقاع العمل في مجلة شهرية، يفرض علينا في الغالب اعتماد منهج آخر في التعاطي مع الأحداث والوقائع، وفق معالجة تحليلية أكثر منها إخبارية. لكن بمجرد أن نصل إلى إغلاق العدد، تصادفنا أحداث جديدة، تفرض راهنيتها في آخر لحظة، يصبح معها بياض هته الصفحة طوق النجاة الوحيد.

أقول كلامي هذا والمجلة أطفأت شمعتها الواحدة والعشرين، وأتمت معها سن رشدها الأنثوي بالتمام والكمال.  حال زمن الجائحة الأغبر دون احتفالنا بما تقتضيه المناسبة شكلا ومضمونا. كنا قد خططنا وحلمنا بهذا الرقم الذي يعني الكثير في لغة الصحافة والإعلام. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، فعذرا وتحية لكل من ساهم في رعاية هذا المولود، قبل وبعد دخوله عقده الثالث.

تتعاقب الأحداث، وتتزاحم تداعياتها في الفكر والوجدان، دون أن تحجز لنفسها مكانا في هذا البياض على نحو ثابت ، إيقاع العمل البطيء،  وما يحدثه من حالة كسل، تجثم على النفس وتعطل نوابض التفكير وآليات الفعل،  قد تجعل منا مستسلمين على مضض، مالم يأت الخلاص ويتم الإفراج عن زخم المواضيع التي يتم تخزينها، دون أن يفك أسرها، ويرتاح الدماغ من تدافعها وقلقها.

من بين الأحداث التي تزامنت وكتابة هته المقالة في بدايتها، وفاة الكاتبة والباحثة في قضايا الجنس نوال السعداوي، وما رافق الحدث، من لغط كبير حول شخصية هته النسائية المثيرة للجدل في حياتها وحتى بعد وفاتها، والتي لم تمنع معارضيها من النهش في لحمها، بدل الوقوف على قيمة الأبحاث التي أثرت بها الخزانة العربية. فقد حاولت فك شفرة العقلية الذكورية في مجتمعاتنا، والدفاع عن فكر يناشد الحرية، ويدافع عن الاستقلالية في مختلف تجلياتها بعيدا عن أية وصاية ثقافية أو فكرية.

ولأن أخبار الموت صارت تتصدر عناوين صحافتنا، تلك التي بقيت حية، أوتلك التي غيرت من شكلها وجلدها،  ملتحقة بركب قاطرة الرقمنة، مرغمة لا بطلة،  خاصة في زمن الجائحة. تشاء المصادفات  أن تغادرنا أيضا سيدة أخرى لها مكانتها في ثراثنا الموسيقي، أيقونة الأغنية الشعبية الحاجة الحمداوية. كان خبر موتها أقل وطئا، بعد أن تصدى محبو فنها لأي محاولة تحط من قيمتها فنانة وامرأة نجحت في كسر العديد من الطابوهات بغنائها وبوطنيتها وانفتاحها حقيقة وليس ادعاءا.

أخيرا وليس آخرا، حطت مقالتي رحالها  بمنطقة رهان آخر،  وهو السباق التلفزيوني الرمضاني، حيث الوجه الآخر لصورة المرأة  في مجال الإبداع الفني. شخصيا ومن خلال متابعتي للعديد من الأعمال،  جاء حضور المرأة خلال هذا الموسم وفق سياق مختلف، أكثر قوة وجرأة  في ملامسة واقع النساء الطرح والموضوع، برزت معه العديد من البروفيلات النسائية الجديدة، في شكلها المعاصر حتى لا أقول العصري، بملامح شعبية أو بورجوازية،  بمستويات تعليمية ومواقع اجتماعية مختلفة.

لم تعد المرأة في الدراما التلفزيونية عنصرا مكملا لبطولة الرجل، بل صارت هي البطلة، الأكثر إدراكا لمطالبها واحتياجاتها، تفضح كل أشكال التمييز والتحرش والعنف التي تمارس عليها، بل صارت  الحلقة الأقوى في تغيير وسير الأحداث، وفق منطق تفكيرها امرأة، تتمرد على كل مامن شأنه أن يقص جناحي طموحاتها وأحلامها.

يصعب علي أن ألخص كل هذا التغيير الذي طال نساء الدراما في شخصية واحدة، بل لعله التنوع الذي عرفته الشخصيات والأدوارهو ما أثارني أكثر. ذلك أنه  يجزم مع الشكل المستهلك الذي توجد فيه عادة الأدوار النسائية. لتتجه نحو قضايا تعكس نضال النساء من أجل حقوقهن ورفضهن كافة أشكال القهر  والتمييز اللفظي والجسدي، قصص تنهل من المعيش اليومي للنساء، وتساهم في تقديم صورة إيجابية عن المرأة، فضلا عن كسر المحظورات ومناقشة موضوعات غير مطروقة.  كانت أكثر قربا لواقعهن، تنقل بكل حرفية مهما اختلف مستواها الأدائي والدرامي حكايات وقصص، تجسد أقصى درجات  قدرتهن في الفعل ورد الفعل. سواء أكن ظالمات أم مظلومات. مقهورات أم  ماكرات أم ساذجات، يمكن أن نسجل معها ثمة نقلة حقيقية، في التعامل مع قضايا النساء في الدراما التلفزيونية، يتغير فيها منسوب النمطية التي قد تسقط فيها عن قصد أو دون قصد المعالجة الدرامية على مستوى القصة أو الأداء. وهي نمطية ظلت  تطال صورة المرأة في معظم الأعمال التي تقدمها القنوات التلفزيونية المحلية والأجنبية. أكيد لن يكون هذا الموسم اسثتناءا، بل سيكون البداية المشرقة.

اجتماع لخلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف انعقد في المحكمة الابتدائية بإنزكان، وخصص لمناقشة العنف الرقمي ضد الفئتين المذكورتين.
الحرمان من النوم، سواء كان كلياً أو جزئياً، ليس مجرد إزعاج عابر، بل هو قضية صحية خطيرة تؤثر على جميع جوانب الحياة.
بهذه الأساسيات، ستكونين مستعدةً لاكتمال إطلالتكِ وجمالكِ خلال رحلتكِ الصيفية دون عناء!